كعادته لا يلتزم بكلمة ويجيد اللعب والتلون ومهووس بتحركات تهدف إلى تثبيت أقدامه في المنطقة، ففي تحد جديد للقرارات والدعوات الدولية لوقف إطلاق النار في شمال سوريا، هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإخلاء المنطقة الحدودية شمال سوريا من وحدات حماية الشعب الكردية. وهدد أردوغان "بالسيطرة على المنطقة وتطهيرها بنفسه" حال لم تنفذ روسيا التزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق الثنائي الذي أبرم الأسبوع الماضي في سوتشي بين البلدين، حيث يقضي الاتفاق بأن تتكفل الشرطة العسكرية الروسية وقوات حرس الحدود السورية بإبعاد مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية لمسافة 30 كيلومترا من الحدود. وفي ابتزاز جديد للدول الأوروبية لدعم خطته لإقامة "منطقة آمنة" على الحدود التركية السورية، حذر أردوغان أنه "في حال لم يتم دعم المشاريع التي نطورها لما بين مليون ومليوني لاجئ في المرحلة الأولى من إعادتهم، فلن يكون أمامنا خيار سوى فتح أبوابنا وتركهم يتوجهون إلى أوروبا". وهي ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها أردوغان ورقة اللاجئين للضغط على التكتل الأوروبي، ففي مطلع الشهر الجاري هدد بفتح الباب أمام 3,6 ملايين لاجئ سوري يعيشون في بلاده، وذلك ردا على الانتقادات الدولية للعدوان التركي على شمال سوريا، وفقا لصحيفة "اندبندنت" البريطانية. يأتي ذلك في ظل اتهام منظمات حقوقية لنظام أردوغان بالمخاطرة بأرواح اللاجئين السوريين من خلال إعادتهم قسرًا إلى "منطقة حرب" في شمال بلادهم. كما انتقدت تركيا على لسان وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو اقتراح ألمانيا بشأن منطقة آمنة خاضعة للإشراف الدولي في شمال شرق سوريا قائلا إنها "غير واقعية". كانت وزارة الدفاع الألمانية اقترحت إنشاء منطقة أمنية خاضعة للإشراف الدولي في شمال شرق سوريا، بحيث يتمكن الأطراف من نزع فتيل الأزمة في المنطقة وتسمح للتركيز بالعودة إلى مواجهة إرهابيي تنظيم داعش. بدوره، اتهم المرصد السوري لحقوق الإنسان تركيا بعدم الالتزام بوقف إطلاق النار في شمال سوريا، والذي تم الاتفاق عليه بين أنقرةوواشنطن في 17 الشهر الجاري، ثم بين أنقرة وموسكو. وكشف المرصد، في أحدث حصيلة القتلى، أن 46 مدنيًا، على الأقل، قتلوا منذ الإعلان عن وقف إطلاق النار، وحتى الآن.. وفي وقت سابق من الشهر الجاري توصلت واشنطنوأنقرة إلى اتفاق بشأن انسحاب وحدات حماية الشعب الكردية من منطقة بطول 120 كم بين تل أبيض ورأس العين في أعقاب العملية العسكرية التركية التي انطلقت في 9 كتوبر الجاري وقاتلت خلالها فصائل سورية مسلحة إلى جانب أنقرة ضد القوات الكردية. وبموجب الاتفاق، أعلنت الولاياتالمتحدة أنه دوخله حيز التنفيذ وفي المقابل، وافقت أنقرة على وقف العدوان على شمال سوريا. واستمرارا لحملته في مطاردة الأكراد، طالب أردوغان الولاياتالمتحدة بأن تُسلم السلطات التركية قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي الذي تعتبره أنقرة "إرهابيا"، في وقت يطالب فيه أعضاء مجلس الشيوخ وزير الخارجية مايك بومبيو بمنح عبدي تأشيرة دخول إلى البلاد كي يتسنى لهم أن يناقشوا وإياه بصورة مباشرة الوضع في سوريا. في سياق آخر، أثار غلاف مجلة لوبوان الفرنسية، الصادر في 24 أكتوبر الجاري غضب الرئيس التركي بعد وصفه ب"ماحق الأكراد"، وطالب من محاميه رفع شكوى ضد المجلة، الأمر الذي أثار جدلا في الأوساط الأوروبية، حيث كان يحلم أردوغان بانضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي. لكن يبدو أن آمال تركيا في الانضمام لهذا الاتحاد عن طريق المفاوضات قد تضاءلت خاصة في ظل تدهور الأوضاع في المحاكم والسجون والاقتصاد في تركيا، وأشارت المفوضية الأوروبية إلى أن "تركيا مستمرة في التحرك بعيدا عن الاتحاد الأوروبي"، فقرر أردوغان استخدام سلاح اللاجئين للضغط على التكتل الأوروبي لتنفيذ مخططاته في المنطقة.