قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن العرش مخلوق عظيم غاية العظمة، كبير غاية الكِبَر، والنبي- صلى الله عليه وآله وسلم- يصف السماء الأولى بأنها حلقة في فلاة- أي في صحراء كبيرة- بالنسبة للسماء الثانية «أي نسبة كبيرة ضخمة بالبلايين». وأضاف «جمعة» عبر صفحته ب«فيسبوك»، أن السماء الثانية بالنسبة للثالثة كذلك والثالثة للرابعة كذلك.. وهكذا، إلى أن يعجز العقل البشري عن تصور هذه الضخامة كلها، وبعد السماوات السبع يأتي العرش في صورة نصف كرة فيكون السماوات السبع بما فيها بهذه الضخامة غير المُتصورة في العقل -ولكن نصدق بها في نفوسنا- يأتي العرش وكأن السماوات السبع حلقة في فلاة بالنسبة للعرش. وتابع: إذن العرش شيء عظيم جدًا يدل على عظمة الله وقدرته، وإذا كانت الأرض وما فيها وهي ذرة في هذا الكون تدل على عظمة الله وقدرته، فما بالك بهذا الانبهار الذي يصيب المخلوقات والملائكة والجن والإنس، إذا ما رأوا العرش، فالعرش أعظم مخلوقات الله حجمًا، ولكن نقول إن سيدنا رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- خير المخلوقات وأعظمها قدرًا، فهو أفضل من ذلك العرش الكبير، ونقول «اللهم صلِّ على عرش استواء رحمانيَّتك» فإن العرش تجلى اللهُ عليه بالقهر «الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى» استوى أي قهره، وأسكنه، لأنه قد يكون فيه فخر وعظمة بنفسه، ويستحق هذا الفخر والعظمة بنفسه، لكن الله سبحانه استوى عليه، أي استولى عليه وقهره. ولفت إلى قول الله تعالى «ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ»، موضحًا أن هذا شأن السماوات والأرض، أما العرش فقد استوى عليه بمعنى استولى عليه، لقد استوى بِشْرٌ على العراق أي: استولى بِشر على العراق بدون سيف أو دم مهراق، الشاعر يقول (استوى) كأنه يعبر بها عن استولى، فالله سبحانه وتعالى استوى على هذا العرش من عظمته وقهره، فالعرش استوى عليه قهر الله. وأوضح: لكن سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم استوت عليه رحمانيَّة الله فنقول «اللهم صلِّ على عرش استواء رحمانيَّتك» كأننا نقول للعرش: معنا من هو أفضل منك وهو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مظهر رحمة الله {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} وإن كان العرش هو مظهر قهر الله وعظمته وهما من صفات الجلال؛ فإن الرحمة من صفات الجمال، والجمال مُقدَّم على الجلال لأننا لا طاقة لنا بجلال الله، لذلك نحن نرجو جماله وعفوه ورحمته وصفحه عنا وغفرانه لنا.