نظمت وزارة الأوقاف ندوة للرأي بمسجد مصطفى محمود بالجيزة تحت عنوان: " التيسير في الحج" حاضر فيها كل من الدكتور جمال فاروق عميد كلية الدعوة الإسلامية جامعة الأزهر، والدكتور محمد عزت محمد بديوان عام وزارة الأوقاف، والشيخ محمد عبد العال الدومي إمام وخطيب المسجد، بحضور جمع غفير من رواد المسجد. وفي كلمته أكد الدكتور جمال فاروق عميد كلية الدعوة، أن الرسول صلى الله عليه وسلم بُعث بالشريعة الإسلامية الخاتمة ، وجاءت رسالته مبنية على الرحمة والتيسير ورفع الحرج، قال تعالى :"وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ" ، فكل ما هو بعيد عن الرحمة والتيسير ، فليس من الدين، قال تعالى : وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حرج، وقال سبحانه : لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ، وتجلى التيسير في العبادات، والمعاملات بل وفي سائر التكاليف الشرعية، وما اجتمع على عبد مشقتان إلا وجاز له ترك أحدهما. وأضاف أن التشريع في الإسلام مبني على قوله تعالى : " لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا" ، وحذر النبي (صلى الله عليه وسلم) من التشدد فقال:" هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ "، وقال صلى الله عليه وسلم " إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ"، مبينًا أن الحج نوع من أنواع الجهاد لما فيه من المشقة ، قال صلى عليه وسلم:جِهَادُ الْكَبِيرِ وَالضَّعِيفِ وَالْمَرْأَةِ، الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ" ، وأساس فريضة الحج مبني على التخفيف والاستطاعة ، قال تعالى: "وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا" ، وأن الله تعالى أوجب على الإنسان أن يحفظ نفسه وصحته ، قال تعالى :" وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ" ، وحفظ النفس من الكليات الخمس ، ولو هلكت النفس ضاع الدين . وفي كلمته أكد محمد عزت أن الشريعة الإسلامية تتميز بأنّها شريعة يسر وسهولة ، جاءت بالتخفيف ، ورفع الحرج والمشقة عن الناس ، وراعت هذا الأمر في جميع أحكامها ، ولم تأتِ أبدًا لشقاء الناس وتعذيبهم ، قال تعالى: "يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ" ، ولا يُقصد بالتيسير أن يتساهل المسلم في طاعة الله (عز وجل) وعبادته ، بل لا بدّ من المحافظة على حدود الشرع وضوابطه . وأوضح أن التيسير منهج رباني ، وهدي نبوي ، تقول أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها : "ما خُيِّر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بين أمرين إلَّا اختار أيسرَهما ، ما لم يكن إثمًا ، فإن كان إثمًا كان أبعد النَّاس منه، والحج في أصله مبني على التيسير وأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن كثير من مناسك الحج فأجاب بقوله (صلى الله عليه وسلم) : افعل ولا حرج ، لتصبح افعل ولا حرج هدي نبوي في الحج. وفي كلمته أكد الشيخ محمد عبد العال الدومي أن الحج فيه أحكام كثيرة تحتاج إلى التيسير والتخفيف ، وعدم التعنت والتشدد ، إذ التعنت والتشدد دأب غير المتخصصين ، موضحا أن اختلاف الفقهاء في قضايا الحج يعطي للحاج فسحة في دينه ، وللفقيه تقرير مبدأ التيسير والتخفيف ، فمثلا التنوع في الإحرام بالحج ، ما بين تمتع ، أو قران ، أو إفراد ، هو من باب التعدد لمراعاة أحوال المكلفين والتخفيف والتيسير عليهم ، وأن الله (عز وجل) شرع الفدية لمن ارتكب محظورًا من محظورات الحج تخفيفا وتيسيرًا على الحاج ، بل جعلها وفق ما تيسر له ، قال تعالى : "وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْي. وأضاف أن الإسلام نوع المواقيت المكانية وجعلها متعددة وفق كل بلد ، حيث قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " يُهِلُّ أهْلُ المدينةِ مِن ذي الحُلَيفَةِ، وأهْلُ الشَّامِ مِنَ الجُحفةِ، وأهلُ نجْدٍ مِن قَرْنٍ. قال عبدُ الله- يعني ابنَ عُمرَ- وبلغني أنَّ رَسولَ اللهِ (صلَّى الله عليه وسَلَّم) قال: ويُهِلُّ أهلُ اليَمَنِ مِن يَلَمْلَمَ"، عملًا بأيسر المذاهب ، كل هذا يعطي التيسير والتخفيف على المكلفين ، ورفع الحرج عنهم.