شهدت أيام الشارقة التراثية في نسختها ال 17، التي ينظمها معهد الشارقة للتراث بمشاركة 60 دولة، جلسة نقاشية حملت عنوان "المعارف والمهارات المرتبطة بصناعة الفخار بسجنان" للباحث في التراث الشعبي محمد الجزيراوي من تونس، حيث تعد صناعة الفخار أول عنصر قامت تونس بتسجيله ضمن قائمة الحرف المعتمدة في اليونسكو. وكان الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى حاكم الشارقة افتتح فعاليات الدورة ال 17 من أيام الشارقة التراثية فى 2 ابريل، وتتواصل حتى 20 ابريل الجارى تحت عنوان " حرفة وحرف". وشرح الجزيراوي المعطيات الطبيعية لمنطقة سجنان في تونس والأمور الاجتماعية والاقتصادية التي أثرت على صناعة الفخار هناك، إذ أن النساء في منطقة سجنان بتن يمتهن هذه المهنة التي تعد من مصادر الرزق الأساسية لها، مشيرًا إلى أن صناعة الفخار في البلدان الأخرى يقوم بها الرجل على خلاف الفخار الريفي في تونس. وتابع أن فخار سجنان يوجد له خصوصيات كبيرة أغلبها من البيئة المحيطة بها التي كانت منطقة منعزلة تمامًا، حيث وفرت هذه الطبيعة الطين بثلاث أصناف منها الطين الأحمر والأبيض والأصفر، ما جعلها مهنة مهمة في سجنان كونها تختلط بمواد طبيعية. ولفت إلى أن الصناعات التقليدية تعد إحدى الروافد الحضارية التي تطبع كل منطقة بخصوصية تجعلها أكثر تميزا، ولقد تعارفت في منطقة سجنان بتونس بإتقانها لحرف صنعت بدورها شهرتها كالخزف في نابل، إلا أن للفخار التقليدي بسجنان حضورًا ملفتًا. وأوضح أن الذين يعملون في صناعة الفخار حرفيات وجدن من قارعة الطريق أفضل مكان لعرض ما جادت به ملكاتهن البسيطة في مشهد طريف يستهوي زائر منطقة سجنان الجميلة والهادئة، حيث تحرص ربات البيوت هناك على استمرارية هذه الحرفة رغم الصعوبات المتصلة بها. وتابع أن الحرفيات يستنطقن عندما يصنعن الفخار من طين الأرض، ويشكّلن ملامح اقتصاد عائلي محدود، لكن بخلفية ثقافية وحضارية، مما دفعت بمنظمة اليونسكو إلى التوقيع رسميًا على إدراج ملفّ عنصر المعارف والمهارات المرتبطة بفخّار نساء سجنان في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لليونسكو. وأشار إلى أن الفخار بسجنان يعتبر أوّل ملف تتقدّم به تونس ويسجّل بعد مرور 20 سنة من غياب التسجيل لدى يونسكو، حيث يمثّل هذا التسجيل خطوة مهمّة نحو إعادة الاعتبار إلى الشأن الإبداعي الحرفي وتثمين إسهاماته في عملية إثراء المشهد الثقافي الوطني وإخراج هذا الفخّار من نطاق المحلية إلى العالمية نظرًا لما يحمله من معاجم زخرفية وخصائص تاريخية وفنية واجتماعية واقتصادية متميّزة. وأكد أنه توجد بمنطقة سجنان نساء كثيرة تحترف صناعة الخزف، وبمهارات عالية يقمن بتشكيل الألوان، ويرسم ملامح منتجاتهن التي تتراوح بين أوانٍ مرتبطة باحتياجات المنزل، وتحف للديكور وزخارف فنية، إذ أنهن جميعها متأتية من مواهب وتجارب نساء أميّات، يقمن بأنفسهن باقتلاع الطين من الجبل، وعجنه، وتحويله إلى منتج فني، ثم إدخاله الفرن، ليخرج مكتمل النضج، قبل أن يبدأن عملية الرسم والتلوين التي تتخذ عبقريتها من بدائيتها وسذاجتها.