اعترفت بجمهورية كوسوفو حتي الآن97 دولة خاصة الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي في معظمه وحتي خلفاء الاتحاد اليوغوسلافي خاصة الجبل الاسود مونتنيجرو الحليف الاخير للصرب التي تقف معها موسكو نكاية في واشنطن وبسبب الصلة العرقية بين الاسرة السلافية , معني ذلك ان مصر لايهمها الصراع الامريكي الروسي ولن تخسر في علاقاتها مع روسيا وهو امر حسمته الدول الاخري التي اعترفت. من ناحية أخري, تمت زيارات متبادلة بين رئيسي مجلس الشوري في البلدين وعدد من الرسميين في كوسوفو كما يتم الآن الترتيب لزيارة رئيس وزرائها وهي كلها تشير الي الاعتراف الفعلي بكوسوفو. وجمهورية كوسوفو هي آخر دولة أوروبية تعلن استقلالها, وكانت إقليما مستقلا في الاتحاد اليوغوسلافي الذي كان يضم ست جمهوريات وعاصمته بلجراد وعرفها المصريون بسبب رئيسها تيتو صديق عبدالناصر ورفيقه في حركة عدم الانحياز التي كانت محورا سياسيا مهما في عالم الحرب الباردة مع نهرو في الهند. وبعد وفاة تيتو في يونيو1980 ظهر الضعف علي القيادة اليوغوسلافية فاختاروا قيادة جماعية هيمن عليها الصرب أكبر هذه الجمهوريات رغم أن تيتو كان ينتمي إلي جمهورية كرواتيا. ثم مارست صربيا سياسة قاسية منذ نهاية الثمانينيات خاصة بعد اختفاء الاتحاد السوفيتي عام1991,1990, وحاولت الصرب الاحتفاظ بالقوة بالوحدات المكونة للاتحاد اليوغوسلافي وارتكبت في سبيل ذلك جرائم هائلة زادت بشكل خاص ضد المسلمين في البوسنة والهرسك مما دفع حلف الناتو إلي توجيه ضربات لأكثر من شهر ضد بلجراد عام1999 عقب مجازر هائلة ارتكبت رغم وجود مناطق آمنة تابعة للأمم المتحدة وبوجود قوات الحماية الدولية التي أنفقت المليارات, ولم تمنع فصولا من المجازر في سربنتشا وغيرها, ومن أجلها أنشأ مجلس الأمن المحكمة الجنائية الخاصة بالجرائم المرتكبة في يوغوسلافيا السابقة. وقد استمرت السياسة الإجرامية ضد مسلمي كوسوفو التي يقدر المسلمون فيها بأكثر من90% من سكانها في فصل جديد خاصة بعد أن قرر أهلها مقاومة هذه الهيمنة الصربية علي بلادهم وفي النهاية تقررت إدارة مدنية من جانب الأممالمتحدة لها تحت حماية عسكرية من حلف الناتو ثم قرر المقرر الخاص للأمم المتحدة أن الحل النهائي هو إعلان استقلال الإقليم أسوة بغيره من مكونات الاتحاد اليوغوسلافي وفض الاشتباك بين الصرب وكوسوفو, وهو ما حدث بالفعل وعارضته روسيا بشدة فقررت محكمة العدل الدولية حق كوسوفو في تقرير مصيرها وأن هذا الحق لا يتصادم مع أي علاقة لها مع الصرب التي نصبت نفسها وريثا للاتحاد اليوغوسلافي. وقد قادت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي حملة الاعتراف بكوسوفو حتي بلغ عدد الدول التي اعترفت حتي نهاية2012 ما يربو علي97 دولة تتوزع في كل القارات بما في ذلك العالم العربي والإسلامي. وقد ألحت كوسوفو علي أهمية اعتراف مصر بها خاصة بعد الثورة وتقدير مصر الجديدة لقيمة الحرية, وبشكل أخص في ظل تولي التيار الإسلامي الحكم في مصر, وهو التيار الذي ساند استقلال البوسنة والهرسك مساندة إنسانية كبيرة, كما لعبت منظمة المؤتمر الإسلامي دورا مهما في هذا الاتجاه. ونحن نري أن كل الاعتبارات تدعو إلي سرعة الاعتراف بكوسوفو وأن عدم الاعتراف لايخدم أي مصلحة مصرية, ذلك أن الاعتراف بكوسوفو يحصن استقلالها, ويرضي تطلع شعبها وتعلقه بمصر وبالأزهر الشريف وقد قيل في تفسير تردد مصر مبارك في الاعتراف بكوسوفو حينذاك أن مصر لا تريد إرساء سابقة انفصال الأقاليم حرصا علي تماسك العالم العربي ولكن هذا القول مردود بأمرين أولهما أن كوسوفو لم تنفصل عن الصرب, وإنما كانت والصرب من مكونات الاتحاد اليوغوسلافي, بل إن هذا الاستقلال كف يد صربيا عن استعمار كوسوفو والتنكيل بالمسلمين فيها اتصالا بإرث تاريخي يوم هزم الأتراك المسلمون الصرب في كوسوفو في القرن الرابع عشر, فهو صراع قومي وعرقي وديني. الأمر الثاني أن نظام مبارك ساعد علي انفصال جنوب السودان وسارع بالاعتراف به, وسابق إسرائيل في ذلك, بل وكان قد افتتح قنصلية في جوبا عاصمة الإقليم دون التنسيق أو الموافقة من جانب الحكومة السودانية تماما, كما افتتح قنصلية في أربيل دون تدخل حكومة بغداد لتشجيع انفصال الأكراد, أي أنه لم يكن حريصا علي تماسك الدول العربية بل العكس هو الصحيح. فإذا كانت نصف دول العالم تعترف بكوسوفو ولم يعد ممكنا عودتها إلي الوراء وأهلها متعلقون في تراثهم وثقافتهم بمصر ويعجبون من تأخرها في الاستجابة لرجائهم, وإذا لم تكن هناك مصلحة مصرية ظاهرة أو محظورة معتبرة, فإن تقاعس مصر في ظل هذا النظام المنسوب بشكل عام إلي التيار الإسلامي يغلب الاعتقاد بأن هذا الملف لم يعرض علي صاحب القرار لعدم سخونته ولكننا نثق بأن عرضه سوف يجعل اعتراف مصر فوريا. نقلا عن الاهرام اليومى