لم يكن أحمد حمد، صاحب ال25 عاما، يعلم أن وداعه لأسرته قبل خروجه من المنزل هو الوداع الأخير. خرج من منزله للذهاب لعمله كعادته كل يوم، وقبل أن يذهب قبل يد والدته ووعدها بأن يصطحبها لطبيب للكشف الطبي علىها عقب عودته من عمله لكنه لم يعلم أن القدر نسج خيوطه وأن هذه المرة خروج بلا عودة وأنه لن يرى منزله ثانية لأن عودته لبلده سوف تكون لمثواه الأخير وتشييع جثمانه في مقابر القرية. أحمد كان يعمل بأحد مصانع مدينة السادات، وبدأ يومه كأى ساعٍ إلى رزقه، استيقظ الخامسة فجرا وتناول إفطاره مع والدته وأشقائه الذين يعولهم بعد وفاة والده، وكان قد أدى صلاة الفجر حاضرا بالمسجد القريب من منزله. وكعادته جلس بجوار والدته يداعبها ويقبل يديها مازحا معها، واصفا إياها ب"البركة"، كما كان يقول لها دائما ومن حوله أشقاؤه ثم انصرف لعمله بعد أن ترك لوالدته مصروفات المنزل وترك لأشقائه مصاريف مدارسهم ثم انصرف مسرعا وارتدى ملابسه وودع والدته وقبل يديها كعادته كل يوم قبل ذهابه للعمل، ووعدها أنه بمجرد عودته غدا من العمل سيصطحبها للطبيب للكشف عليها. وانصرف لعمله ووصل للمصنع الذي يعمل به بمدينة السادات، واستلم عمله، وفي الحادية عشرة صباحا جلس هو وأصدقاؤه يتناولون وجبة الغداء سويا وتناولوا أكواب الشاي ثم قاموا لاستكمال عملهم. وسمع الحاضرون صوت انفجار شديد، وهرول الجميع لمكان الصوت، فوجدوا صديقهم أحمد صاحب الخلق الرفيع يرقد أرضا والدماء حوله بعد أن صدمه أحد اللوادر الموجودة فى العمل أثناء عودتها للخلف، وصرخ الحاضرون من هول المنظر وحزنا على صديقهم، وحملوه سريعا في سيارة من المصنع إلى مستشفى السادات العام لإسعافه، لكن القدر كان أسرع وكان قد نسج خيوطه وفاضت روحه الطاهرة لبارئها شهيدا في عمله وسط دموع وصراخ أصدقائه، حزنا على فراق "الجدع" كما كانوا يسمونه.