نظمت وزارة الأوقاف مساء اليوم ندوة علمية عن «فقه الأضحية والتوسعة على الفقراء»، بمسجد الصباح بالهرم في محافظة الجيزة، في إطار خطة وزارة الأوقاف الدعوية لنشر الفكر الوسطي المستنير، وحرصها على بيان وسطية الإسلام وروحه السمحة. وحاضر فيها الدكتور عبد الحكم صالح سلامة الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف، والدكتور كمال أبو سيف مدير عام المتابعة الفنية بوزارة الأوقاف، والشيخ محمود عبد النبي محمد عبد المجيد إمام مسجد الصباح بالهرم، بحضور جمع من المصلين حرصًا منهم على التعرف على تعاليم دينهم الحنيف . وثمًن الدكتور عبد الحكم صالح سلامة الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف، دور الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف في الاهتمام بهذه الندوات وموضوعاتها التي تمس الواقع العصري، وتهم كل مواطن مصري في حياته، مشيدًا بدور وزارة الأوقاف والنهج الذي اتخذته في هذه الآونة، وتلك الفترة الفاصلة من حياة مصرنا الغالية. وبين «صالح» أن أعياد المسلمين تمثل فرحا للجميع، وهذا تشريع من الله تعالى للناس، ويصاحبه التوسعة على الفقراء، فالناس عنصران غني وفقير، محتاج وغير محتاج، فعندما يشعر الفقير بعطف الغني عليه وإعطائه من ماله دون الإقتار عليه يكون هناك من المودة والحب والألفة ما يجعل المحتاج يحافظ على مال الغني لأنه مستفيد منه. وأضاف: كما أن الغني يصل بأضحيته وعطائه إلى درجة عالية من التقوى والقرب من الله عز وجل ، يقول سبحانه: «لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ»، ولننظر إلى عطاء الله تعالى للمسلمين في يوم عرفة والعيد: «ارجعوا عبادي مغفورًا لكم ولمن شفعتم له»، كما نرى أن الأضحية في عيد الأضحى فيها توسعة للمسلمين وتقوية للتكافل والتواد بينهم، وكذلك زكاة الفطر نراها في رمضان وعيد الفطر وفيها من التكافل والتواد أيضا ما يجعل المجتمع المصري نسيجا واحدًا، القادر يقف بجانب الضعيف، وهذا هو لب الشريعة ومقصدها، وتقوية لمبدأ التواد والتراحم بين المسلمين جميعًا. وفي كلمته أكد الدكتور كمال أبو سيف مدير عام المتابعة بالوزارة، أننا لا بد أن ندرك جيدًا قيمة الزمان وشرف الوقت الذي نحياه، فنحن قد منً الله علينا بإدراك هذه الأيام التي هي أفضل أيام الدهر، والعمل الصالح فيها أحب إلى الله تعالى من العمل في غيرها. واستطرد: وتبدأ هذه الأيام باليوم الأول من ذي الحجة، وتنتهي باليوم العاشر من نفس الشهر وهو يوم النحر، الذي يسمى يوم الأضحى؛ نظرًا لما يقدمه المسلمون من أضحية قربانا إلى الله عز وجل، وقد أشار ربنا تبارك وتعالى إلى ذلك فقال: «وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ»، ولبيان تعظيم الله لهذه الشعيرة، قال تعالى مخاطبا أمة الحبيب -صلى الله عليه وسلم-: «ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ». ونبه على أن الأضحية من باب التوسعة على المسلمين ، وبخاصة الفقراء تعففا لهم وحفاظا على ماء وجوههم في يوم العيد رمز السرور والفرح ، وقد أشار القرآن الكريم إلى ضرورة التعاون في مثل هذه الأعمال قال تعالى : " وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ " . وأكمل: كذلك نجد أن الإسلام يراعي البعد الاجتماعي والنفسي والاقتصادي بين أفراد المجتمع، في التوسعة على الفقراء والمحتاجين، وقد رغب الرسول -صلى الله عليه وسلم- في ذلك، كما جاء في حديث السيدة عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما عمل ابن آدم عملا يوم النحر أحب إلى الله من إراقة الدم، وإنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض فطيبوا بها نفسا»، ومن هنا فإننا نشد على أيدي القادرين والمستطيعين بالعمل بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- إسهامًا في التكافل والتراحم والتعاون بين أفراد المجتمع المسلم. ومن جانب آخر، نوه الشيخ محمود عبد النبي إمام المسجد على أن الحديث عن فقه الأضحية والتوسعة على الفقراء دليل واضح على سعة الشريعة الإسلامية وحرصها على مصلحة الفقراء والمحتاجين، وأن صلاح الأفراد وكفايتهم من أهم متطلبات الشريعة الإسلامية، كما أن في الأضحية والامتثال لأوامر الله وحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تعظيمًا لشعائر الله تعالى، ووصولا بالعبد إلى تقوى الله -عز وجل-، يقول تعالى: «لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ»، كما أن تعظيم شعائر الله -عز وجل- يصل بالمرء إلى درجة عالية من التقوى ورضى الله عز وجل، فيقول تعالى «ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ»، وعلى الإنسان أن يعلم أن كل أمر شرعه الله لحكمة وغاية. وفي ختام كلمته، أشار إلى أنه في كل وقت لله عبادة ، ومن أخص العبادات هذه الأيام الأضحية، وقد أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصحابه في زمن المجاعة أن يذبحوا ويوزعوا ولا يدخروا شيئا فوق ثلاثة أيام.