* تصريحات ترامب المثيرة للجدل حملت إهانات للولايات المتحدة وأغضبت الكثيرين * رئيس النواب يوبخ ترامب في بيان شديد اللهجة * الصحافة تسخر من الرئيس الأمريكي ومطالب بمثوله للتحقيق أمام الكونجرس تباينت ردود الأفعال حول القمة التي جمعت العدوين اللدودين في فنلندا، حيث سادت حالة من الغضب في الولاياتالمتحدةالأمريكية عقب القمة الأمريكية الروسية في هلسنكي، وأثار أداء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في المؤتمر الصحفي بعد القمة موجة انتقادات في أمريكا، في الوقت الذي يسعى فيه البيت الأبيض لنفي الحديث المتداول بأن ترامب "غير مستعد للوقوف في وجه بوتين". وانتقد جون برينان، مدير المخابرات المركزية السابق، تصريحات رئيس الولاياتالمتحدة قائلا إنه يجب عزل ترامب من منصبه، مضيفا أن "أداء دونالد ترامب في المؤتمر الصحفي في هلسنكي يرتفع ويتجاوز حد الجريمة الكبرى والإثم ولم يكن أقل من الخيانة، لم يكن ترامب معتوها فحسب في تصريحاته بل كان بأكمله في جيب بوتين. أيها الجمهوريون الوطنيون: أين أنتم؟"، بحسب قناة "فرانس 24" الفرنسية. وأثار تصريح ترامب عن عدم اقتناعه بما أعلنته أجهزة الاستخبارات الأمريكية حول تدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية جدلا واسعا، ورد عليه مدير المخابرات الوطنية الأمريكية دان كوتس قائلا: "كنا واضحين في تقييمنا بشأن التدخل الروسي في انتخابات 2016 وبشأن جهودهم المتواصلة والواسعة لتقويض ديمقراطيتنا، وسوف نستمر في تقديم تقييمات مخابراتية واضحة وموضوعية دعما لأمننا القومي"، لكن ترامب عاد بعدها بساعات ليكتب على تويتر "لدي ثقة كبيرة في رجال مخابراتي". وقال لينزي جراهام، السيناتور الجمهوري، إن أداء ترامب سيبعث برسالة "ضعف" إلى موسكو، مضيفا: "أضاع الرئيس ترامب فرصة لمحاسبة روسيا على التدخل في انتخابات عام 2016 وتوجيه تحذير قوي يتعلق بالانتخابات القادمة، ستنظر روسيا إلى رد ترامب على أنه دلالة على الضعف وهذا الرد يخلق مشكلات أكثر مما يحل". وكتبت نانسي بيلوسي، زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب، على حسابها بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "في كل يوم أسأل نفسي ما الذي يمسكه الروس على دونالد ترامب شخصيا هل هي أمور مالية أم سياسية؟ والإجابة عن هذا السؤال هو الشيء الوحيد الذي يفسر سلوكه ورفضه للوقوف أمام بوتين". وفي نفس السياق، هاجم ليون بانيتا، رئيس الاستخبارات المركزية الأمريكية الأسبق، تصريحات ترامب واصفا القمة ب"أسوأ يوم في تاريخ الرئاسة"، قائلا: "رئيس الولاياتالمتحدة، الذي انتخب للدفاع وحماية أمريكا من خصومنا وقف بجانب خصمنا وقال إنه يثق بالروس أكثر من مخابراته والمسئولين عن تطبيق القانون"، بحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية. ورأى بانيتا، الذي شغل منصب وزير الدفاع من قبل، أن المشكلة الرئيسية تكمن في أن الرئيس ما زال يعود إلى أجواء الانتخابات بدلًا من قبول حقيقة أنه انتخب كرئيس للولايات المتحدة والتحرك للدفاع عن هذه الدولة، مشيرًا إلى أن التدخل الروسي "يضع غيمة فوق تلك الحملة الانتخابية ويضع غيمة أيضًا فوق مصداقية الرئيس". وأوضح أن الشيء الذي كان من المفترض لترامب أن يقوله هو أن روسيا "تعمدت التدخل في عمليتنا ويجب ألا يفعلوا ذلك مرة أخرى أبدًا"، مشيرا إلى أن روسيا غزت دولة أخرى وضمت شبه جزيرة القرم لها، كما دخلت إلى سوريا وتسببت بأزمة إنسانية، معتبرا أن موسكو هي "العدو والخصم". فيما قال بول رايان، رئيس مجلس النواب، في بيان شديد اللهجة، إنه على ترامب أن يدرك بأن روسيا ليست حليفة للولايات المتحدة، مضيفا أنه "لا يوجد أخلاقيا أوجه شبه بين الولاياتالمتحدةوروسيا، التي تبقى معادية لمثلنا وقيمنا الأساسية". كما انتقد السيناتور الجمهوري الشهير جون ماكين ترامب قائلا إن المؤتمر الصحفي الذي عقد في هلسنكي أحد "أكثر العروض المشينة" لرئيس أمريكي، مضيفا أنه "الأداء الأسوأ لرئيس أمريكي". وعلق رئيس الوزراء الإِسرائيلي بنيامين نتنياهو على تلك القمة التي جمعت بين ترامب وبوتين معربا عن سعادته بسياسة الولاياتالمتحدة، مرحبا على حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر" بالتزام الولاياتالمتحدة والرئيس ترامب العميق بأمن إسرائيل كما تم التعبير عنه في لقاء الرئيس ترامب مع الرئيس الروسي بوتين"، مضيفًا أن "الصداقة بين إسرائيل والولاياتالمتحدة أقوى اليوم من أي وقت مضى"، وأشاد نتنياهو بالتنسيق الأمني بين إسرائيل وروسيا، والموقف الواضح الذي عبر عنه الرئيس بوتين حول ضرورة تطبيق اتفاقية فك الاشتباك بين إسرائيل وسوريا من عام 1974. واهتمت الصحف أيضا بالقمة التي انتظرها كثيرون، ونشرت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية في افتتاحيتها عنوانا "روسيا خرجت رابحة من قمة هلسنكي"، موضحة أن الرئيس الأمريكي عندما قال إن قمته مع الرئيس الروسي ستكون الجزء الأسهل من جولته في أوروبا، هذا الكلام لم يكن "اعتباطيا" بل هو ما كان يسعى إليه حقا دونالد ترامب، الذي أدار ظهره للحلفاء الأوروبيين ولحلف شمال الأطلسي، مضيفة أن القطيعة مع الحلفاء هي قطيعة فكر فيها ترامب كثيرا، وهو ما سيشكل منعطفا في العلاقات الدولية وعودةَ إلى سياسة القطبين التي كانت تحكم العالم قبل نهاية الحرب الباردة. وتعالت المطالب بمحاسبة ترامب أمام الكونجرس واستخدام النواب سلطاتهم في التحقيق مع ترامب وفتح قضية تدخل الروس في الانتخابات الأمريكية، حيث ينتظر كثير من السياسيين بينهم العديد من الجمهوريين تمرير تشريع لحماية المحقق الأمريكي الخاص روبرت مولر واتخاذ إجراءات فعلية تجاه تلك القضية المثيرة للجدل، لكن حتى الآن لم تتخذ خطوة عملية منة قبل الكونجرس لمحاسبة ترامب والروس ، وأشارت "جارديان" إلى أن تصريحات ترامب التي أغضبت معظم السياسيين الأمريكيين قد تعجل بهذا الأمر.