تعيش مصر أحد أسوأ فتراتها على مدار التاريخ , فلم يتخيل أحفاد الفراعنة أن يأتي يوما وتهدم فيه دولة القانون التي ناضلوا لبناءها منذ قرون طويلة وضحوا في سبيلها بكثير من الدماء والأرواح , فمنذ أن وقعت "أرض الكنانة" في قبضة جماعة الإخوان المسلمين وصارت الحياة سوداء والإحباط يسيطر على الغالبية العظمى من أبناء الشعب المصري باستثناء المنتمين لمن يطلقون على أنفسهم التيار الإسلامي . لم نتخيل يوما أن تهان مؤسسة القضاء العريقة ويتحول قضاة مصر الشرفاء إلى هدف في مرمى الاتهامات من جهلاء قادتهم الظروف لتقلد مناصب في الدولة بحكم ميولهم الإخوانية , ولكن مادام هناك رموز وطنية مثل رئيس نادي القضاة المستشار أحمد الزند أسد القضاء فإن هذه المؤسسة العريقة ستظل مرفوعة الرأس محافظة على هيبتها وكرامتها مهما حاول البعض هدمها . ولم نتصور يوما أن تنتفض وزارة الداخلية لحماية مقرات الإخوان المسلمين على رغم أن الجماعة بالقانون مازالت محظورة ولا يوجد لها سند أو اعتراف قانوني بينما يتجاهل الأمن حصار المحكمة الدستورية العريقة وما تبعه من منع عدد من القضاة من دخول المحكمة بسبب الإرهاب والترويع على أبواب المحكمة من أنصار التيار المحسوب على الإسلام وهي سابقة خطيرة ووصمة عار في جبين مصر . والمثير للسخرية لجان التفتيش الشعبية التي نصبها أنصار الشيخ حازم أبو إسماعيل على أبواب مدينة الإنتاج الإعلامي بحجة تطهير الإعلام .. ويعلم الله من يستحق أن يتطهر من كذبه ونفاقه وتلاعبه بالدين .. وهو إرهاب ضد من يؤدون رسالة تنويرية بدون قيود .. ولكن من يخالف من يطالبون بتطبيق الشريعة فهو كافر ومارق وماجن ويستحق القتل .. والأغرب أن البعض يقول أنه تظاهر سلمي وأيضا تصمت الداخلية على هذه المهزلة . وكان الأكثر فزعا هو الكابوس المرعب المتمثل في الإعلان الدستوري ثم الدعوة للاستفتاء على الدستور والذي قض مضاجعنا جميعا وأصابنا الخوف والهلع على مستقبل مصر الذي سيكون في يد فصيل وجماعة بعينها مع إقصاء لباقي طوائف المجتمع .. ومن يومها عادت روح الثورة واندلعت مظاهرات الغضب في كل ميادين مصر الرافضة لتكريس الغطرسة والديكتاتورية , وخرج زهرة شباب مصر لمهد الثورة ميدان التحرير فقرروا الاعتصام حتى يتم التراجع عن كل ما يهدم دولة القانون , وبعدما شعروا بتجاهل مطالبهم خرجوا في مسيرات سلمية لقصر الاتحادية وأبلغوا مؤسسة الرئاسة بمطالبهم بشكل حضاري دون أي عنف أو شغب منتظرين ردا يكون على مستوى وجسامة الحدث الخطير الذي يشكل نقطة محورية ومفصلية في تاريخ مصر ولكن جاء الرد من ميلشيات الإخوان في اليوم التالي مباشرة إذ مارسوا البلطجة بكافة صنوفها وأنواعها بحق شباب سلمي أعزل بينما لا يخفى على الكثيرين أنهم بارعون في الحشد وفي العنف وتاريخهم ملطخ بالدماء .. وأصروا أن يكتبوا حلقة جديدة في كتابهم الأسود على أبواب قصر الرئاسة .. وأظهرت كثير من الفيديوهات لموقعة الاتحادية كم أن الاخوان مجرمين وللأسف حدثت هذه الجريمة تحت سمع ومرأى من الأمن الذي ترك المتظاهرين السلميين فريسة سهلة لعصابات وميلشيات مسلحة تجيد فنون القتال . والأغرب ألا يدان المجرم بجريمته بل يعاقب المظلوم , فقد مارست ميلشيات الاخوان دور مريب وغريب عندما قبضوا على المتظاهرين وسلموهم للشرطة واتهموهم بأنهم المعتدين وأظن أن تلك سقطة كبرى للأمن إلا لو كانت الداخلية تخلت عن دورها لهذا الفصيل أو أن الجماعة هي التي تدير الوزارة ومنظومة الأمن . ثم رأينا المرشد ونائبه خيرت الشاطر يعقدان مؤتمرا صحفيا عالميا – وهما بلا صفة رسمية بالدولة - ويتحدثان فيه عن أن الأخوان هم الضحية وأن جميع الضحايا منهم في مشهد استفز جموع المصريين خصوصا أهالي الضحايا الذين تعجبوا من محاولات الجماعة إلصاق انتماء أبناءهم للإخوان .. كما كان حديث الشاطر عن جمع الاخوان المعلومات عن وجود مؤامرة مثار تعجب وتساؤل عن حقيقة دورهم في إدارة شئون الدولة والتواصل مع الجهات السيادية .. ثم بعد ذلك يتنصلون من أن لهم صلة بالرئاسة .. مصر على أبواب كارثة كبيرة .. دعونا نعترف نعم نحن في خطر كبير .. ولكن مصر أقوى من كل هؤلاء ولكن تكون أبدا مطية لفصيل أو جماعة .