باتت وسائل التواصل الاجتماعي (أو السوشيال الميديا)، تمثل خطورة على العلاقات بين الدول، وعلى السلم المجتمعي والاستقرار الأمني والسياسي، خاصة مع ظهور ما يعرف اليوم ب"سياسة التويتر"، وهي الظاهرة التي بدأت تثير الجدل مع دخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض الأمريكي واستخدامه المستمر ل«تويتر»، لإطلاق مواقف وإعلان توجهات سياسية داخلية وخارجية. وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي أداة فاعلة في تعبئة الرأي العام وتوجيهه وصناعته، بعد أن فرضتها المتغيرات المتسارعة في عالم الاتصال الجماهيري، ولذا يعتقد محللون أن السوشيال ميديا، أحد المحددات التقنية في العلاقات الدولية، ليس فقط من خلال تأثيرها في صياغة عقول الشباب، وإنما من خلال انتشار الشائعات من خلالها، الأمر الذي باتت الدول تبحث عن الأدوات والحلول اللازمة لمواجهة خطر هذه الشائعات التي قد تنال من مكانة الدول. ومن هنا لجأت بعض الدول إلى ابتكار حلول لمواجهة محاولات الانفلات الفضائي من جانب السوشيال ميديا عبر طرح بدائل وطنية، وهي المحاولات التي حققت نجاحا في بعض الدول مثل روسيا من خلال موقع "في كي"، بالإضافة إلى الموقع الصيني "وي تشات"، كما طرح وزير الاتصالات المصري إمكانية إنشاء فيس بوك مصري. وفي سياق البحث عن حلول عملية لمواجهة الأثار السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي، وعمليات القرصنة "الهاكرز" فى شبكات التواصل الاجتماعي، قدمت الدراسة التي أعدها الباحث محمد فتحي إبراهيم السيد تركي لنيل درجة دكتوراه الفلسفة في العلوم تخصص (حاسبات علمية) " بكلية العلوم جامعة المنوفية، حلولًا عملية للحد من انتشار المعلومات الكاذبة (الشائعات) باعتبارها تهدد الأمن القومي للدول والمنظمات، وكذلك لحماية الحسابات الشخصية من انتحال بعض المستخدمين هويات أخرى في العالم الافتراضي واستخدامها في بث الشائعات. وقدمت الدراسة ثلاثة أساليب أمنية جديدة بغرض إيجاد حلول فعالة لمواجهة هذه الأنواع من الهجمات التي يستخدمها الأعداء والخصوم لاختراق نظام الأمان والخصوصية فى شبكات التواصل الاجتماعي: أولًا: قدمت الدراسة منهجية جديدة من أجل تقييم مصداقية المعلومات لاكتشاف الشائعات وحجب انتشارها فى شبكات التواصل الاجتماعي، حيث اقترحت الدراسة مجموعة من المعايير الرياضية التي يمكن استخدامها فى تقييم مصداقية المعلومات الإخبارية. اعتمدت المنهجية المقترحة على "شبكات بترى" الملونة من اجل تصميم "نموذج جديد لشبكة بترى الملونة" يستطيع محاكاة طريقة تقييم مصداقية المعلومات الإخبارية لاكتشاف الشائعات وحظر انتشارها فى شبكات التواصل الاجتماعي طبقاُ لأسلوب إطلاق الرموز. ثانيًا: من خلال مكتشف الحسابات الشخصية المزيفة والذى يستطيع التحقق من هوية الحسابات الشخصية للمستخدمين واكتشاف الحسابات المزيفة منها طبقًا لمنهجية جديدة فى اسلوب تمثيل هوية الحسابات الشخصية وطريقة التحقق منها. وقد تم محاكاة الأسلوب المقترح عمليا على ثلاث نماذج لشبكات التواصل الاجتماعي وهم : " فيس بوك, جوجل بلس وتويتر" من أجل التحقق من كفاءة الأسلوب المقترح فى التحقق من هوية الأشخاص والقدرة على اكتشاف الحسابات الشخصية المزيفة. ثالثًا: من خلال نظام أمنى جديد مضاد للتطبيقات الاجتماعية الخبيثة، والذى يسمى" كلمة التحقق العقدية"، بهدف حماية نظم الشبكات الاجتماعية فى مواجهة الجيل الذكي الحديث من التطبيقات الاجتماعية الخبيثة التي تسعى لاختراق نظم توثيق الهوية واختراق نظم التحكم فى الدخول على نظم الشبكات الاجتماعية عن طريق محاكاة الأنشطة الاجتماعية للأشخاص. واعتمدت طريقة تصميم كلمة التحقق العقدية على منهجية جديدة لتوليد مجموعة من الاختبارات الأمنية يصعب على التطبيقات الاجتماعية الخبيثة حلها. كانت الدراسة قد رصدت ثلاثة أنواع من الهجمات الخطيرة التي يلجأ إليها الخصوم والأعداء عبر نظم شبكات التواصل الإجتماعى بغرض الإضرار بنظام الأمان والخصوصية للدول والأفراد على السواء، أولها، هجمات إنشاء الحسابات الشخصية المزيفة لانتحال هوية مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي والإضرار بخصوصيتهم وثانيها، هجمات التطبيقات الاجتماعية الخبيثة التي تحاكى الأنشطة الاجتماعية للمستخدمين عبر شبكات التواصل الإجتماعى وتنفيذ اعمال عدائية خبيثة بطريقة آلية. أما ثالثها وأكثرها خطورة فهو هجمات نشر الشائعات والمعلومات الكاذبة، بغرض الإضرار بسمعة الأشخاص والدول والمنظمات. وخلصت نتائج الدراسة إلى كفاءة كلمة التحقق العقدية المقترحة كنظام أمنى مضاد لاختراقات التطبيقات الإجتماعية الخبيثة وفق معياري سهولة الاستخدام بالنسبة للمستخدم العادي والصلابة فى مواجهة التطبيقات الاجتماعية الخبيثة. الجدير بالذكر أن إجمالي عدد الشائعات التي نفاها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في مصر، منذ أول تقرير يصدره المركز التابع لمجلس الوزراء في أكتوبر عام 2014، وحتى آخر تقرير أصدره منتصف فبراير 2018 بلغ 612 شائعة. فالشائعة عادة ما تبدأ ببوست مجهول على أحد الحسابات الحقيقية أو المزيفة بمواقع التواصل الاجتماعي وخاصة فيس بوك، تتناقله صفحات مجهولة، ومنها يتداولها عدد كبير من رواد السوشيال ميديا، لتصبح مواقع السوشيال ميديا أشبه ب"ماكينة لإنتاج الشائعات" التي تنتشر بين أوساط المستخدمين وتتسبب في حالة من الارتباك.