على مدار السنتين من عمر الثورة السورية المباركة ، وبعد أن فقد نظام عصابات آل الأسد مبرر وجوده أخلاقياً ومحلياً وعربياً ودولياً ، لم يعد هناك مبرر لاستمراره وبقاءه ، ومده بالأوكسجين أمريكياً وإسرائيليا قبل أن يكون روسياً وصينياً ، وجميعنا يعلم أن تلك العصابات لاتحكم ، وإنما الذي يُدير دفة قتل الشعب السوري هو الاحتلال الإيراني بأذرعته الثورية الإيرانية ، وأذنابه الصدرية والمالكية وحزب الله ، لأن الجيش السوري بمجمله غير مضمون للقتال لصالح العصابة الأسدية ، عدا عن تفكك معظم تشكيلاته لصالح الثورة ، وإنما بعض الألوية الموالية بفعل التأثير التربوي ، ونوعية هذه العناصر المأفونة المُدججة بالسلاح الإستراتيجي من اللقطاء بكل ماتعنيه الكلمة ، إضافة إلى الشبيحة المرتزقة الذين بمعظمهم مجيرين طائفياً عن جهل وتعصب أعمى ، وهذا الإيراني الفارسي القمّي القمئ هو بالأساس صناعة أمريكية غربية زُرعت في المنطقة ، بقصد الابتزاز والتوازن المشئوم ، لصالح وجود إسرائيل حليفة آيات قم ، لنستنتج أن هذه القوى العدوانية بينها مصالح مُشتركة في السيطرة على المنطقة ومُدخراتها ، ومنها طموحات بني فارس التي خرجت في يوم ما عن الإطار المرسوم لها ، وكان نتيجتها شدّة أُذن حزب اللات والعزّة في لبنان ، بعد تورطه في افتعال أزمة حدودية لتحريك المسار لجانب السيد الإيراني وأجيره الأسدي عام 2008 ، حتى صار هذا الحزب ومن وراءه محور الشر حارساً وكلباً أميناً لحدود إسرائيل ، وذراعاً عسكرياً مهماً لطهران لتنفيذ المخطط المُعد له بالتوسع الإمبراطوري لولاية الفقيه ، عبر القوّة والمال بقصد التغير الديمغرافي للمنطقة ، ولحماية تابع بني صفيون بشار وعصابته ، الذين يعملون بالأساس لصالح الصهيوني ، وتبين ذلك جلياً عندما قامت العصابات الأسدية المُدعية للمقاومة على ضرب القوى العربية الفاعلة وتفتيتها في المنطقة وشرذمة العرب على قاعدة فرق تسد ، وضرب المقاومة الوطنية اللبنانية الفلسطينية السورية وملاحقة الرمز عرفات وقواه الضاربة ، وكل هذا مما لاشك فيه يصب في مصلحة إسرائيل ، ولكون نظام العصابات الأسدي في طريقه الى الاندحار ، فلا بد أن يُنفذ الخطوة الأخيرة وهي تدمير سورية أرضاً وإنساناً وحضارة ، كي لاتقوم لهذا البلد قائمة لعشرات السنين أمام الكيان الصهيوني بمباركة أمريكية دولية ، وهو مايتطابق مع تصريح أحد وزراء الكيان الصهيوني مؤخراً برغبته إلى إعادة غزّة إلى القرون الوسطى ، وهي نفس السياسة المُتبعة مع سورية. ونحن من جهتنا كسوريين وثورة نُعلن وبالفم الملآن بأننا إذا وصلنا الى هذه النقطة فلامانع عندنا حينها الى إتباع أسلوب الأفغنة في سورية ، وإعلان الحرب المقدسة باتجاه الكيان الصهيوني عندما نرى بلادنا مُدمرة ، ليكون ثمن تدمير سورية تدمير هذا الكيان الدخيل ، حتّى إزالة شيء اسمه إسرائيل من على الخارطة ، لأنه حينها لايكون لدينا شيء نخسره ، بل علينا أن نُدفع الأثمان باهظة لمن رسموا هذا المخطط المُدمر الذي نرفضه بشدة ، لنناشد في نفس الوقت دول العالم بعدم السير بهذا المخطط الجهنمي الذي تعمل عليه الإدارة الأمريكية وربيبتها إسرائيل ، فنحن شعب حضاري ، وليس من مصلحتنا الوصول إلى حافة الهاوية ، ولذا وجب التنويه ، ومادون ذلك إشعال المنطقة بأكملها إن كان الخيار تدمير سورية ، وحسناً فعلت بريطانيا باعترافها بالائتلاف الوطني وإن جاء متأخراً ، وبعد الإعلان في حلب عن الدولة الإسلامية ، وهذا مالم نكن نريده ، بل مانطمح إليه الحكم الرشيد ، لإدراكنا المطلق بما يُمكن أن يصل إليه هذا الإعلان من التشتيت والتقسيم والاقتتال الأهلي ، في نفس الوقت الذي نتساءل فيه عمن أوصل الأمور إلى هذا الحد ، لنؤكد بما لايدع مجالاً للشك هو التواطؤ والتآمر الدولي على الشعب السوري ، وتخلي المجتمع الدولي عن مسؤولياته في حماية الشعب السوري ، مما يُنبئ عن نتائج وخيمة مالم يتسارع المجتمع الدولي لتداركه ، وباعتقادي هذا ماشعرت به بريطانيا بعد الإعلان الأخير عن الدولة الإسلامية بعدما تمنعت قليلاً ، لنشكرها على هذه الخطوة ، ونحس في نفس الوقت باقي الدول لسرعة الاعتراف ، كي لاتتفلت الأمور من عقالها. وبكل الأحوال وبعد التأكد من حقيقة أسباب إعلان حلب والدولة الإسلامية، تبين لنا بأنه ليس أكثر من تذكير بوجودهم وضرورة مشاركتهم ومشاورتهم في يتعلق بالشأن السوري عبر هكذا إعلان غلب عليه التضخيم للفت الأنظار ، وليس لشق وحدة الصف والتغريد بعيداً ، وإن أخطئوا الوسيلة ، ونحن أدرى بطبيعة شعبنا السوري الوسطية ، ومع ذلك فقد أتى هكذا تحرك بثماره عبر التحرك البريطاني والاعتراف بالائتلاف ، ونحن كشعب سوري بالفعل لانُريد أن نصل إلى الطريق المسدود ، والذي دونه إشعال المنطقة وإغراق الكيان الصهيوني بما لايُطيق ، فلسنا هواة للتضحية بكل شيء من أجل شيء ، بعدما قبلنا المسار التفاوضي ، وقبولنا بالمواثيق الدولية ، شريطة أن يحس المجتمع الدولي بمعاناة وآلام الشعب السوري والقيام بواجبه ، والقيام على مساعدته في التحرر من دنس عصابات آل الأسد ، مالم فالأمور قد تتجه إلى مالا يُحمد عُقباه.