قالت دار الإفتاء، إن حكم استماع القضيب والأوتار –الآلآت الموسيقى- أنه لم نجد في إباحته وتحريمه نصًا شرعيًا لا صحيحًا ولا سقيمًا، مشيرةً إلى أن المتقدمين أباحوا استماعها؛ لأنه مما لم يرد الشرع بتحريمه فكان أصله الإباحة. وأوضحت الإفتاء فى إجابتها عن سؤال: «ما حكم سماع الموسيقى والأغانى؟»، أن النصوص الواردة في تحريم الأغانى والموسيقى غير ثابتة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، منوهةً بأن أهل المدينة أباحوا استماعها. وأضافت، أنه وردت أحاديث تبيح سماع الموسيقى والأغانى، كما يدل على الإباحة قول الله عز وجل: «وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ»، وبيان هذا من الأثر ما أخرجه مسلم في باب الجمعة عن جابر بن سمرة: «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يخطب قائما ثم يجلس ثم يقوم فيخطب قائما فمن نبأك أنه كان يخطب جالساً فقد كذب، فقد والله صليت معه أكثر من ألف صلاة». واستدلت بما روي عن جابر بن عبد الله: «أنه كان يخطب قائما يوم الجمعة فجاءت عير من الشام، فأقبل الناس إليها حتى لم يبق إلا اثنا عشر رجلاً فأنزلت هذه الآية»، وأخرج الطبري هذا الحديث عن جابر، وفيه: أنهم كانوا إذا نكحوا تضرب لهم الجواري بالمزامير فيشتد الناس إليهم ويدَعون رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قائما، فهذا عتاب الله عز وجل بهذه الآية. وتابعت: «قال ابن القيسراني، والله عز وجل عطف اللهو على التجارة، وحكم المعطوف حكم المعطوف عليه، وبالإجماع تحليل التجارة، فثبت أن هذا الحكم مما أقره الشرع على ما كان عليه في الجاهلية؛ لأنه غير محتمل أن يكون النبي – صلى الله عليه وسلم - حرمه ثم يمر به على باب المسجد يوم الجمعة ثم يعاتب الله عز وجل من ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائما وخرج ينظر إليه ويستمع، ولم ينزل في تحريمه آية ولا سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه سنة، فعلمنا بذلك بقاءه على حاله». ويزيد ذلك بيانا ووضوحا ما روي عن عائشة -رضي الله عنها- أنها زفت امرأة من الأنصار إلى رجل من الأنصار فقال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أما كان معكن من لهو؛ فإن الأنصار يعجبهم اللهو»، وهذا الحديث أورده البخاري في صحيحه في كتاب النكاح. ونقلت قول الغزالي في كتاب إحياء علوم الدين الكتاب الثامن في السماع وفي خصوص آلات الموسيقى قال: "إن الآلة إذا كانت من شعار أهل الشرب أو المخنثين، وهي المزامير والأوتار وطبل الكوبة، فهذه ثلاثة أنواع ممنوعة، وما عدا ذلك يبقى على أصل الإباحة؛ كالدف وإن كان فيه الجلاجل، وكالطبل والشاهين والضرب بالقضيب وسائر الآلات". وألمح إلى قول القرطبي في الجامع لأحكام القرآن قول القشيري: ضرب بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم دخل المدينة، فهم أبو بكر بالزجر فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «دعهن يا أبا بكر حتى تعلم اليهود أن ديننا فسيح»، فكن يضربن ويقلن: نحن بنات النجار حبذا محمد من جار، ثم قال القرطبي: وقد قيل: إن الطبل في النكاح كالدف، وكذلك الآلات المشهرة للنكاح يجوز استعمالها فيه بما يحسن من الكلام ولم يكن فيه رفث. واستطردت: « وفي المحلى لابن حزم: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى» فمن نوى استماع الغناء عونا على معصية الله تعالى فهو فاسق، وكذلك كل شيء غير الغناء، ومن نوى به ترويح نفسه ليقوى بذلك على طاعة الله عز وجل وينشط نفسه بذلك على البر فهو مطيع محسن، وفعله هذا من الحق، ومن لم ينو طاعة ولا معصية فهو لغو معفو عنه، كخروج الإنسان إلى بستانه متنزها، وقعوده على باب داره متفرجا. بدروه، نوه الشيخ محمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، بأن الموسيقى صوت خلقه الله تعالى، حيث ركز فى فطرة الناس حب الصوت الحسن واستقباح القبيح. ولفت «وسام» إلى أنه لا مانع من سماع الأناشيد التي بها موسيقى، فهى صوت خلقه الله، ولم يحرمه الشرع، وإنما تكون حرامًا إذا كانت وسيلة للفاحشة لما يغضب الله تعالى، أو إن كانت تصحبها كلامًا خارجًا عن حدود الشرع والأعراف والتقاليد، وكان ذلك يدعو إلى الأخلاق السيئة أو غير ذلك. وتساءَل: إن مصاحبة الموسيقى للأناشيد الدينية بها إثارة للهمة واستحضار للقلب، فما الذي يجعل هذا حرامًا؟! مؤكدًا: «بل هو حلال وثقافة وحضارة فعلها المسلمون وصنعوها، إنما الشأن فى الذين يحرمون كل شيء دون دليل فهذا كله تطرف وتشدد فلا علاقة بالفهم السوى به بل الشرع استحسن الحسن واستقبح القبيح». وكان البعض قد هاجم على صفحات موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، المنشد الديني مصطفى عاطف بعد تصريحه بأن الغناء والموسيقى ليس حرامًا.