قال الشيخ عبدالباري بن عواض الثبيتي، إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف، إن كل أمنية تمنى لفعل الخير فهي ممدوحة، وما كان منها اعتراض على القدر وفي تحصيل المستحيل فهي مذمومة. وأوضح «الثبيتي» خلال إلقائه خطبة الجمعة اليوم بالمسجد النبوي، أن التمني يدل على الهم الذي يحمله الإنسان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم-: «والنفس تمنّى وتشتهي»، فهناك من يرنو بأمنيته إلى ذرى العزّ والمجد، وهناك من يهوي بأمنيته إلى مهاوي الحفر. وأضاف: أصحاب الهمم والعزائم تتسع أمانيهم وبها تزين حياتهم، فبينما كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يجلس مع أصحابه يومًا، قال لهم: تمنوا، فقال رجل: أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة ذهبًا أنفقه في سبيل الله، ثم قال: تمنوا، فقال رجلٌ: أتمنى لو أنها مملوءة زبرجدًا وجواهر، فأنفقه في سبيل الله وأتصدّق به، ثم قال عمر رضي الله عنه: تمنوا، فقالوا: ما ترى يا أمير المؤمنين؟ قال عمر: أتمنى لو أنها مملوءة رجالًا مثل أبي عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة، وحذيفة بن اليمان. وأردف: اجتمع في الحجر مصعب، وعروة، وعبدالله بن الزبير، وعبدالله بن عمر، فقالوا: تمنوا، فقال عبدالله بن الزبير: أما أنا فأتمنى الخلافة، وقال عروة: أما أنا فأتمنى أن يؤخذ عني العلم، وقال مصعب: أما أنا فأتمنى إمرة العراق، والجمع بين عائشة بنت طلحة وسكينة بنت الحسين، وقال عبدالله بن عمر: أما أنا فأتمنى المغفرة، فنالوا كلهم ما تمنوا، ولعلّ ابن عمر قد غفر له. وتابع: عمر بن عبدالعزيز رافقته همّة عالية، تحققت له بفضل الله، ويرجى أن ينال آخرها، يقول رضي الله عنه: إن لي نفسًا تواقة تاقت إلى فاطمة بنت عبدالملك فتزوجتها، وتاقت إلى الإمارة فتوليتها، وتاقت إلى الخلافة فأدركتها، وقد تاقت إلى الجنة فأرجو أن أدركها إن شاء الله عزّ وجل.