لا شك أن الأحداث التي مرت بها مصر منذ ثورة 25 يناير و حتى يومنا هذا أحدثت خللاً نفسياً لدي السواد الأعظم من الشعب كما كان لها الكثير من الانعكاسات السلبية الواضحة علي شتي مناحي الحياة و أخطر هذه السلبيات علي الإطلاق عمليات "الاستقطاب الإستقواء الإقصاء \ التخوين \ تشويه الرموز الوطنية و الأحداث التاريخية " نهيك عن النزعة الانتقامية السائدة كل هذا لبد سماء مصر بغبار الحقد و الغل , سلوكيات غريبة و دخيلة تفننت بعض "التيارات " في بثها بين خلايا المجتمع متخذين من المغالبة و إعلاء المصالحة الخاصة علي حساب المصلحة العامة أسلوب و منهج , مما أدي الي تشرذم و انقسام المجتمع حول نفسه ما بين أحزاب \ تيارات \ تكتلات , ربما كان هذا الأمر سيبدو صحياً و مفيداً و مقبولاً لو تلك التيارات و التكتلات ضمت بين كوادرها عقلاء و حكماء ينظرون للأمور بنظرة ثاقبة يستشرفون المستقبل و يصطفون تحت لواء الوطن يختلفون ب أدب و يعارضون بشرف , لكن في حقيقة الأمر هذه التيارات ساهمت عن قصد أو جهل في المزيد من انقسام المجتمع و إشاعة روح الفوضى و التعصب و التطرف أحيانا. التناحر بين القوي السياسية و النخب خلف مناخ موبوء القي بظلاله الكثيفة علي سلوكيات المواطن و ممارساته الحياتية , و قد أكسبه هذا المناخ بعضاً من الانفلات الأخلاقي و كثيرا من السلوك العدواني اتجاه الآخرين فلم يعد يتمالك أعصابه أو يتقبل الكلام , احتكاكات و مشاجرات علي أتفه الأسباب تربص و تصيد للأخطاء و حجر علي الآراء و الكثير يتحول و يتلون حسب الموقف دون حياء أو خجل. الكثير من المواطنين تحولوا إلي شخصيات عاشقة للجدل السفسطائي تتلذذ بتسفيه رأي الأخر و الاستهزاء به , الكل يري نفسه علي حق و ما عداه باطل , تصيبك الصدمة عندما تراهم في مناقشتهم المتعلقة بالأوضاع و قد تدني أسلوبهم الحواري و افتقد إلي أبسط قواعد الاحترام و أفتقر إلي ألف باء أخلاقيات يتبادلون التهم و يتقاذفونها ك كرات النار و إذا قادك حظك العاثر و عبرت عن انتمائك السياسي أي أن كان ستواجه بسيل من الشتائم و التحقير ف أذا كنت تتبع تيار "الإسلام السياسي" فأنت متخلف و رجعي , و إن كنت تتبع "التيار المدني" فأنت كافر شيوعي ملحد , و لو كنت من مؤيدي " النظام السابق" إذاً أنت فلول فاسد , أما أذا كنت من هؤلاء الذين يؤثرون السلامة ولا ينشغل لهم بال بما يدور حولهم فأنت تتبع "حزب الكنبة " السلبي عديم الحس الوطني باختصار وفي كل الأحوال ستجد نفسك في موضع اتهام . كل هذه المتغيرات و الزخم السياسي جعل العبوس يملأ الوجوه التي غابت عنها الابتسامة الودوة و الروح المرحة , و أصبح القلق علي المستقبل و جع يومي ينغص الحياة, في ظل تدهور للأوضاع فلا جديد يبعث علي النفوس الاطمئنان و لا قرارات تشعرهم ان البلد في يد أمينة!! النظام لم يسقط بل أسقطت احد وجهي العملة ليحل محلها الوجه الأخر و لكن بمسميات مختلفة و نيولوك جديد. الوضع جدا سئ و خطير يحتاج إلي استيقاظ الضمائر و تدخل العقلاء لمعالجة أسباب الشقاق و العمل علي إعادة الوحدة النفسية و الروحية بين الشعب , لذا من الضروري أن يكون هناك حواراً مجتمعياً و مصالحة ووطنية حقيقية تنصهر في بوتقتها جميع طوائف الشعب بما فيهم مؤيدي النظام السابق فهم جزء من النسيج الوطني لا يصح تهميشه أو المطالبة ببتره أو إقصائه سواء اتفقنا آو اختلفنا معه فليس كل من ينتمي للنظام السابق "شيطان " و ليس كل من ينتمي للنظام الحالي " ملاك "ففي كل عصر و زمان الصالح و الطالح دعونا نتعامل بشئ من الثقة مع بعضنا البعض من منطلق التآخي و الخوف علي مصلحة الوطن ننقح ضمائرنا من الخبائث و نبتعد عن التخوين و نقضي علي المسميات السخيفة وعلي التقسيم الذي إذا استفحل أكثر من ذلك سيكون قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة ب وجه الوطن و ستكون مصر الضحية و وقتها سيخسر الجميع الخسران المبين. دعونا نرمم جراح الوطن علي و عسي نستطيع أن ننقذ ما يمكن إنقاذه لنعود كما كنا شعب يقف علي قلب رجل واحد في السراء و الضراء و في مواجهة التهديدات و المتربصين , دعونا نجري جراحة تجميل لأنفسنا لنعود أجمل شعوب الأرض روحاً و قلباً لا تستغرب عزيزي القارئ نعم نحتاج جراحة تجميل "تكبير ، شفط ، شد ، تقشير و تكسير ، نفح " جراحة تجميل ليست كعمليات هيفاء و نانسي و لكن جراحة تجميل من نوع خاص! تجميل إنساني و روحي نحتاج جراحة تجميل ل " تكبير " القلب و العقل" لنستوعب بعضنا البعض تحت جناح الوطن يجمعنا التسامح و المودة , نحتاج جراحة تجميل ل "شفط " الحقد و الغل و الضغينة التي صبغت القلوب بالسواد الحالك , نحتاج جراحة تجميل ل "شد " الهمم و الرغبة في البناء و عدم النظر للخلف نبتعد عن العتاب و نفتح صفحة جديدة في تاريخ مصر المشرق , نحتاج جراحة تجميل ل "تقشير" و تكسير خلايا الشر في النفوس حتى لا نترك للشيطان مجالاً لبث نيران الفرقة و الانقسام, , نحتاج جراحة تجميل ل " نفخ " ضمائرنا المترهلة التي أصيبت ب أمراض الشيخوخة المبكرة . دعونا نخرج من حالة اليأس و البؤس ألي أفق جديد أرحب و أوسع يستوعب الجميع و لا يلفظ أحد ..... حمي الله مصر و حفظها من كل شر.