لست بصدد تقييم أداء المجلس العسكري فقد سبقني إلى ذلك الكثيرون..،وليس الوقت وقت عتاب أو لوم، فمازالت حلقات الموجة الثورية التي ضربت الوطن العربي متواصلة ،لذا ليس أمامي إلا ارتداء ثوب العرافين في محاولة لاستشراف الأيام القادمة. إن المشهد الذي تعيشه الشعوب العربية بعد إزاحة الأنظمة الحاكمة بها دفعة واحدة تحت دعاوى تصلح أن تزيح أي نظام في أي زمان وأي مكان شديد الالتباس، فالاشتياق للحرية والرخاء ومحاربة الفساد لايختلف عليها أحد. لذا يبدو المحاول لقراءة ما بين السطور خائناً أو "فلول" أو .. أو.. فغير مسموح لك أن تفسد فرحة "الوارثين" للعروش العربية المتساقطة بأن تدعي و "العياذ بالله "أن بعداً خارجياً أستطيع وصفه بغير الشريف وراء ما حدث؟
..وهذا كما أظن –وبعض الظن إثم- نتاج طبيعي للخلط الواضح بين خروج الملايين تحت وطأة نظام غاب عن الشارع وتجاهل أنينه معتمداً على صبره وبين اللعب بمظالم الناس الحقيقية وتحويل الملايين إلى كومبارس متحرك يتلقى الإشارات من مخرج خلف الكواليس. ليتلقف المجلس العسكري كرة اللهب المتحركة ،ويتصدر المشهد ،وتلتف الناس حوله مغادرة المسرح المعروف إعلامياً بميدان التحرير.
أظنك تيقنت من إحساسك الذي يدفعك إلى القول بأن كاتب المقال من الفلول. .. لم يعد هذا ذا قيمة ، فبين غفوة عين وانتباهتها أصبحت أشياء كثيرة بلا قيمة وبات أدب نجيب محفوظ يصور مصر كخمارة والمعابد الفرعونية لابد أن تغطي بالشمع كبديل متحضر لهدمها، وأصبح انتصار أكتوبر هزيمة ،و إنشاء جامعة القاهرة لهدم الشريعة . ليبدو الاتهام بأنك من الفلول أمام كل ذلك أمراً محتملا.
فقد سئمت أرشفة الناس ،وتصنيفهم ،وهي البدعة التي طرحها مجرم الحرب "بوش الابن" الذي قسم العالم ما بعد 11سبتمبر إلى فريقين لاينجو منهما إلا من ركب سفينة نوح الأمريكية التى حملت من كل زوجين اثنين .
وظل العسكري –وحيداً- متعلقاً بأستار كرامة هذه الأمة يتلقي اللعنات والطعنات من القاصي ،والداني أمام محاولات إسقاط الدولة. وخرج علينا ما أخبر به سيد ولد ابن آدم محمد بن عبد الله حزب جديد حذرنا منه النبي سماه "الرويبضة" حيث قال عليه السلام "يأتي على الناس زمان يصدق فيه الكاذب ويكذب فيه الصادق ويؤتمن فيه الخائن ويخون فيه الأمين وتنطق الرويبضة قيل وما الرويبضة يا رسول الله قال :السفيه يتكلم في شأن العامة" أوكما قال عليه السلام.
بالطبع سنختلف عندما نحاول وضع أطراف المشهد الذي تعيشه مصر وفق التصنيف النبوي المحكم لكنني أذكر فلست على أحد بمسيطر. ..و السؤال متى ستسدل الستار وهل سيلقي المقاتل سلاحه في نهاية المطاف؟ ..ومن سيضحك أخيراً أو بمعني أصح من سيبكي وقت لاينفع البكاء؟ ..ومن المنتصر ومن المهزوم الإجابة في كتاب الله حيث قال "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم-أي دولتكم- واصبروا " . ..وهل تشكيل حكومة بثقل حكومة الجنزوري وإنشاء مجلس استشاري تمهيد لرحيل يبدو أنه حتمي؟ ..وإلى من سينحاز المصريون إلى الوارثين للعرش أم لحماته ؟ دعونا ننتظر قضاء الله وقدره ضارعين إليه أن يلطف بنا فيما جرت به المقادير.