في تقليد يليق بمنصة القضاء وتاريخها، شهدت آخر جلسة للدائرة الأولى "موضوع" بالمحكمة الإدارية العليا، توثيق لحظات صادقة لتوديع رئيسها المستشار الدكتور محمد مسعود رئيس مجلس الدولة الذى سيخرج على المعاش اعتبارًا من 18 يوليو الجارى، وذلك اعتزازًا بالمكانة القضائية الرفيعة التي يتحلى بها القاضي الجليل. وقال المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة وعضو الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا إن الجلسة الأخيرة رغم أنها كانت مثل غيرها زاخرة بالعديد من الأحكام القضائية لجهد الزملاء أعضاء الدائرة الأولى إلا أنها شهدت مشاعر وداع لشيخ جليل وفقيه كبير وعالم قدير اثرى العمل القضائي لمدة نصف قرن من الزمان. ووصف تلك اللحظات بأنها كانت مليئة بالروح القضائية الأصيلة كما أكدته عدسة التاريخ التى لا تخطئ أو تتجمل، مضيفًا أن رئيس مجلس الدولة أظهر كعادته حرصه على ضرورة أن يتسلح القاضى الإدارى بالمزيد من الثقافة القانونية والعمق والفكر القانوني الرصين لصالح العدالة الإدارية. وذكر المستشار خفاجي أنه في هذا العام تميزت الدائرة الأولى موضوع بالمحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار محمد مسعود رئيس مجلس الدولة بتنوع قضائى وفقهى على مستوى عال لكل ما سطرته أحكام هذه المحكمة باعتبارها درة محاكم مجلس الدولة، ورصعت فيه المحكمة تاريخًا مجيدًا في محراب العدالة بانجازها 189 طعنا فى عام واحد يزيد عما انجزته فى عامين سابقين معا بثلاثة أضعاف. وأوضح خفاجى أنه ما ساعد على ذلك ما تميزت به شخصية رئيس مجلس الدولة من حب العلم واستنباط كل ما هو جديد في عالم القانون الإدارى والتنوع فى الحوار الفقهى بين المدارس العلمية المختلفة واستخراج ما جادت به قرائح العقول القانونية للمسألة القانونية الواحدة في سبيل علوها وقدسيتها. وأضاف المستشار خفاجى أن الدائرة الأولى "فحص" بالمحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار أحمد الشاذلى نائب رئيس مجلس الدولة انتهجت نهجًا جديدًا في التسبيب العلمى لأحكام الفحص في أمهات القضايا المتعلقة بحقوق وحريات المواطنين بلغت عدد 934 طعنًا فى عام واحد يزيد عما انجزته فى عامين سابقين معا بستة أضعاف لتكون زادًا للباحثين ينهلون منه عذبًا فراتًا سائغًا فهمه للعقول فتلقفته بالقبول. وأشار إلى أن تسبيب أحكام الفحص رخصة للقاضى الإدارى يقدرها وفقًا لما يراه من عناصر تقوم على ابراز الحقيقة القانونية المبتغاه وتأصيل عناصرها فلا جناح عليه فى تقدير استعماله لتلك الرخصة، وهو ما يؤكد قيمة قانونية رفيعة مثل المستشار أحمد الشاذلى الذى تمرس في ساحة القضاء وعمل مع عظماء قضاة الفكر بمجلس الدولة لمدة تربو على 40 عامًا بالمجلس أصبح فيها مرجعًا قانونيًا للأجيال وطاقة بشرية تمشى على قدمين في فكر وفقه القضاء الإدارى. واختتم الدكتور خفاجى قائلًا: "إن أعضاء الدائرة الأولى بالادارية العليا، والتي تضم المستشارون أحمد الشاذلى ومحمد ضيف ود محمد خفاجى وسامى درويش ومحمود حسين وعبد القادرابو الدهب ومبروك حجاج واحمد عرب ود محمد شوقى نواب رئيس مجلس الدولة راضون تمامًا عما بذلوه من جهد وكلل طوال العام كان رائدهم تحقيق العدالة الإدارية للمواطنين لأن العدل صفة من صفات الله جل علاه ويمثل وطيدة الحكم الصالح ودعامته المكينة وعزته المشرقة، والقضاء المنوط به تحقيق العدل هو فى كل أمة من أعز مقدساتها فهو ملاذ المظلوم وسياج الحريات وحصن الحرمات , فى أى أمة متحضرة تنشد الديمقراطية.