قرأت أمس أن المشروع الجديد لقانون الجمعيات الأهلية, والمنظمات الأجنبية, يحظر النشاط السياسي علي تلك الجمعيات و المنظمات. هذا بالطبع أمر مشروع, ومطلوب, لأن النشاط السياسي هو وظيفة الحزب السياسي فقط. أما الجمعيات الأهلية فلا يمكن أن تمارس ذلك النشاط, فلا تقدم مرشحين للانتخابات, ولا تقوم بدعاية انتخابية لمرشحين برلمانيين ولا رئاسيين, ولا تمول حملاتهم...إلخ. تلك تفرقة بالغة الأهمية, إذا كنا نتحدث عن مجتمع ديمقراطي يحكمه القانون! غير أن النقطة المهمة, والتي عادة ما تكون ملتبسة هنا, هي أن هناك فارقا كبيرا بين النشاط السياسي وبين التثقيف السياسي! فمن حق جمعية أهلية مثلا, ان تنظم دورات لتعريف المواطن بحقوقه السياسية, أو للتوعية والتثقيف بقضايا مثل الحرية و الديمقراطية والعدالة وحكم القانون...إلخ, فضلا بالطبع عن نشر ثقافة حقوق الإنسان والمواطن, والتعريف بالمواثيق الدولية لتلك الحقوق, ومدي التزام الدولة بها. لقد ذكرني ذلك الموضوع, بتجربتي عندما كنت رئيسا لحزب الجبهة الديمقراطية, بين عامي 2008 و2011 مع إحدي المنظمات الألمانية, التي تعمل في ميدان التنمية الاجتماعية والبشرية في مصر,بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية و الاهلية, ضمن فروعها العديدة في الكثير من بلاد العالم الثالث, وهي مؤسسة فريدريش ناومان الألمانية, التابعة للحزب الليبرالي الألماني. لقد كان مكتبها في القاهرة يطلعني مسبقا علي البرنامج المقترح لأنشطته التثقيفية والتدريبية, لنقوم في الحزب بمناقشتها واقتراح مانراه:حذفا, أو إضافة أو تعديلا, وفقا لما يحتاجه شباب الحزب. وأشهد أن تلك الأنشطة أسهمت في تقديم ثقافة سياسية وتنموية راقية لمئات الشباب, من الجنسين, سواء من خلال دورات داخلية في مصر, أو دورات في ألمانيا أو غيرها من البلاد التي تنشط فيها ناومان مثل لبنان والأردن و المغرب, والتي وفرت أيضا فرص التعارف والحوار مع شباب تلك البلاد. والواقع, أن إتاحة الفرصة لشباب مصريين, من عائلات بسيطة, بما في ذلك من قلب الدلتا أو أقاصي الصعيد, للسفر للخارج, وللاحتكاك بمجتمعات و ثقافات أخري, كانت أمرا مثمرا ورائعا!وكان الشرط الوحيد, هو أن تتاح تلك الفرص التي هي محدودة بالضرورة لمن يستحقونها, من خلال آلية للترشح والاختيار عادلة وصارمة. وقد كانت الحصيلة دائما إيجابية ومثمرة, فشكرا ل ناومان ولكل من قدم, ولايزال يقدم لنا دعما صادقا ومفيدا. نقلا عن الأهرام