القصبي بعد قرار تعيينه بالشيوخ: ثقة السيسي وسام على صدري ومسؤولية وطنية    أخبار مصر اليوم.. السيسي وترامب يلقيان خطابات حاسمة بقمة شرم الشيخ للسلام غدا    الحرب لم تنته.. نتنياهو: عودة الرهائن «حدث تاريخي»    روسيا تحذر من استلام نظام أوكرانيا لصواريخ «توماهوك» وتحميل «قنابل قذرة» عليها    أستاذ علوم سياسية: اتفاق شرم الشيخ انتصار لإرادة السلام    القصة الكاملة لاستشهاد الصحفي الفلسطيني صالح الجعفراوي    خسارة مفاجئة لزامبيا وانتصار مثير لأفريقيا الوسطى أمام تشاد    فيريرا يمنح لاعبى الزمالك راحة 24 ساعة من التدريبات الجماعية    محمد المنياوي يحقق ذهبية بطولة العالم لرفع الأثقال البارالمبي    حبس عامل زراعي لاتهامه بقتل راعي أغنام بالنوبارية في البحيرة    التحريات تكشف تفاصيل جديدة في حادث سقوط السقالة بمدينة السادات في المنوفية    في أول حوار له بعد فوزه ب«منصب مدير عام اليونسكو».. الدكتور خالد العناني يتحدث ل«البوابة»    عندما تتحول الأبراج إلى علم اجتماعي.. لماذا يزداد تعلق الشباب بقراءة الطالع؟    هل التدخين يبطل الوضوء؟ أمين الفتوى: يقاس على البصل والثوم (فيديو)    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : أول الحذر..ظلمة الهوى000؟!    قيادات وأساتذة جامعات بقائمة المعينين بمجلس الشيوخ.. بالأسماء    بسبب عدم مشاركته ضد بلغاريا.. حارس تركيا يترك المعسكر دون إذن    محافظ القليوبية يقود حملة مفاجئة لإزالة الإشغالات بمدخل بنها    بعد حادث الوفد القطري.. رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري يستقبل سفير مصر في الدوحة    رئيس الوزراء يبحث مع نظيره الجزائري استعدادات عقد اللجنة العليا المشتركة    بعد مصرع الطفل " رشدي".. مديرة الامراض المشتركة تكشف اساليب مقاومة الكلاب الحرة في قنا    بدء افتتاح مهرجان أفلام الطلبة بحضور شادى الفخرانى وسلمى الشما    وكيل صحة الدقهلية يبحث خارطة عمل المرحلة المقبلة مع مديري المستشفيات والإدارات الفنية    الخريف.. موسم الانتقال والحنين بين دفء الشمس وبرودة النسيم    تأجيل الدعوى المقامة ضد إبراهيم سعيد لمطالبته بدفع نفقة ابنه    يامال يثير الجدل بظهوره في طائرة هليكوبتر    جاكبو يقود تشكيل منتخب هولندا ضد فنلندا في تصفيات كأس العالم 2026    مصر تدين الهجوم على مركز لإيواء النازحين بمدينة الفاشر السودانية    مي فاروق: أغنية «باركوا» علامة في كل الأفراح.. ومشاركة زوجي في ألبوم «تاريخي» صدفة    أوسكار عودة الماموث.. فيلم يخطو نحو الإبهار البصري بقصة إنسانية مؤثرة    20 أكتوبر.. انطلاق جولة «كورال وأوركسترا مصر الوطني» بإقليم القناة وسيناء    رئيس وزراء لبنان يطلب من الخارجية تقديم شكوى ضد إسرائيل في مجلس الأمن    دمياط: فصل المياه في بعض المناطق منتصف الليل حتى الثامنة صباحا    رئيس منطقة مطروح الأزهرية يكرم الطالبة هاجر إيهاب فهمي لتفوقها في القرآن والخريدة البهية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 12-10-2025 في محافظة الأقصر    هل هناك زكاة علي المقتنيات والمشغولات المطلية بالذهب والفضة؟.. أمينة الفتوى توضح    تأجيل إستئناف المتهم الرئيسي ب " تظاهرات الألف مسكن "    الخريف موسم الانتقال... وصراع المناعة مع الفيروسات الموسمية    رئيس جامعة كفر الشيخ يشهد بدء أعمال الجلسة العلنية لاختيار الأطباء المقيمين بكلية الطب البشري    بالأسماء.. الرئيس السيسي يُصدر قرارا بتعيينات في مجلس الشيوخ    سويلم يلتقى نائب وزير البيئة والزراعة السعودى ضمن فعاليات أسبوع القاهرة الثامن للمياه    نجوم الأهلي في زيارة حسن شحاتة بالمستشفى للاطمئنان على حالته الصحية    "سلامة الغذاء" تنفذ 51 مأمورية رقابية على السلاسل التجارية في أسبوع    رئيس حزب الإصلاح والنهضة: قمة شرم الشيخ تتويج للدور المصرى التاريخى الحكيم    مستشفيات مطروح تقدم 38 ألف خدمة طبية وتجرى 206 عمليات جراحية خلال أسبوع    رئيس الضرائب: التعامل بالفاتورة الالكترونية والإيصال الإلكتروني يعزز الشفافية    "الوطنية للانتخابات" تواصل تلقي طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب 2025 لليوم الخامس    أسعار طبق البيض اليوم 12-10-2025 في قنا    تنفيذ ورش تدريبية مجانية لدعم الحرف اليدوية للمرأة في الأقصر    الداخلية تضبط أكثر من 106 آلاف مخالفة مرورية في 24 ساعة    محافظ أسوان يتابع استكمال تشغيل المراكز الطبية ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل    مراكز خدمات «التضامن» تدعم ذوى الهمم    محمود ياسين من نادى المسرح فى بورسعيد إلى ذاكرة الوطن    مدارس التكنولوجيا تعيد رسم خريطة التعليم الفنى    مصر تتسلم رئاسة المنظمة الدولية للتقييس "أيزو" لمدة 3 أعوام بعد فوز مشرف ومستحق    «كفى ظلمًا».. حسام المندوه: أدخلنا للزمالك 800 مليون جنيه    وزير الأوقاف فى الندوة التثقيفية بالإسماعيلية: الوعى أساس بناء الوطن    استبعاد معلمي الحصة من حافز ال 1000 جنيه يثير الجدل.. خبير تربوي يحذر من تداعيات القرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرية التعبير بين معاداة السامية وازدراء الأديان
نشر في صدى البلد يوم 17 - 09 - 2012

حرية التعبير حق أصيل من حقوق الإنسان ناضلت كل شعوب العالم طويلا قبل أن تحصل عليه وتتمكن من إقراره، فى دساتيرها وقوانينها المحلية أولا، ثم فى الوثائق والإعلانات والمعاهدات الدولية بعد ذلك. ولأنه حق يتيح لكل إنسان القدرة على إظهار مواهبه الإبداعية، والتعبير عنها بكل الأشكال الفنية الممكنة، وتمكينه أيضا من الدفاع عن جميع حقوقه الأخرى والتنديد بمن ينتهكها، تعد حرية التعبير واحدة من «أمهات» الحقوق الإنسانية إن جاز التعبير. لذا يصعب فى الواقع تصور الحياة البشرية المعاصرة دون كفالة هذا الحق لكل مواطن، وهو ما يفسر لماذا تستميت النظم الديمقراطية فى التمسك به ووضع الآليات الكفيلة بحمايته والتوسع فى تفسيره إلى أقصى حد ممكن.
ورغم إدراك النظم الديمقراطية المعاصرة المخاطر التى قد تترتب على إساءة استخدام هذا الحق، فإنها تقاوم بشدة كل المحاولات الرامية للحد منه، ومن ثم لا تتجاوب مع هذه المحاولات، إلا فى أضيق الحدود ولضرورات قصوى تتعلق بحماية الحقوق الفردية والجماعية الأخرى. ومع ذلك يلاحظ أن دولا ديمقراطية أقدمت منذ سنوات على سن قوانين تجرم «معاداة السامية»، وتعاقب كل من يحاول التشكيك فى «المحرقة» التى تعرض لها يهود ألمانيا إبان الحكم النازى. ففى أكتوبر عام 2004 أقر الكونجرس الأمريكى «قانون معاداة السامية»، وصدق عليه الرئيس جورج بوش الابن فور صدوره، وراح العديد من الدول الأوروبية يحذو حذو الولايات المتحدة ويسن تباعا قوانين مشابهة.
كانت قوانين معاداة السامية قد بُررت عند ظهورها بالرغبة فى وقاية البشرية من شرور العنصرية ومنع التميير ضد أقليات دينية أو طائفية أو إثنية بعينها، غير أنه ما لبث أن تبين أن الغرض الأساسى من هذه التشريعات، التى صدرت فى الواقع تحت ضغط اللوبى المؤيد لإسرائيل، هو تحصين السياسات الإسرائيلية، مهما بدت مخالفة للقوانين الدولية، والتعامل مع أى انتقادات توجه لها، باعتبارها شكلا من أشكال «معاداة السامية»، ومن ثم تستحق التجريم والعقاب. وفى سياق كهذا، بدت الدول الغربية، ربما بسبب شعور عميق بعقدة الذنب عن مسؤوليتها عن المحرقة اليهودية، مستعدة للتضحية بقيمة أساسية من قيم ديمقراطية وبحق أساسى من حقوق الإنسان، وتم تقييد حرية التعبير إلى الدرجة التى طالت كتابا وصحفيين وفلاسفة كباراً قدموا للمحاكمة، بسبب كتابات تعبر عن وجهة نظر تؤكد استخدام إسرائيل «المحرقة» أداة للابتزاز، وتدين إسرائيل بسبب إمعانها فى انتهاك حقوق الإنسان الفلسطينى والقوانين الدولية.
لقد انحسرت ظاهرة معاداة السامية فى الغرب وحلت محلها ظاهرة «الإسلاموفوبيا» أو الخوف من الإسلام، حيث راح كثيرون يتعاملون مع كل من يحمل اسما لمسلم وكأنه مشروع إرهابى. وقد عبرت هذه الظاهرة عن نفسها من خلال نصوص كتبت وصور وأشكال رسمت وأفلام أخرجت، تندد كلها بالإسلام وتتهجم على رسوله، كان آخرها ذلك الفيلم الذى ظهر فى الولايات المتحدة، ليعرض فى ذكرى أحداث الحادى عشر من سبتمبر. وفى كل مرة يعبر المسلمون عن غضبهم، ويطالبون بمنع أشكال التعبير المسيئة لدينهم ولنبيهم يقال لهم: «نحن حكومات ديمقراطية تكفل حرية التعبير للجميع».
لو لم يكن هذا الغرب هو نفسه الذى قام بإصدار قوانين تجرم معاداة السامية، ولم يتردد فى تقديم رجال من أمثال روجيه جارودى إلى المحاكمة، لكنت أول المدافعين عن موقفه، انطلاقا من قناعتى التامة بأن الأضرار الناجمة عن سوء استخدام حرية التعبير، خصوصا على المدى البعيد، ربما تكون أقل بكثير من الأضرار الناجمة عن تقييدها. أما وأن الغرب قد أقدم بالفعل على تقييد الحرية، بحجة منع التمييز ضد اليهود، فمن باب أولى أن يقدم على تقييدها مرة ثانية لمنع التمييز ضد المسلمين. والأفضل فى هذه الحالة أن يكتفى بتعديل قوانين معاداة السامية، لتصبح قوانين تجرم ازدراء الأديان السماوية كلها. أما إذا أصرت الحكومات الغربية على موقفها الراهن فلن يكون لذلك سوى معنى واحد وهو أن الحكومات الغربية شريك، إن لم تكن المحرض الأساسى، فيما يجرى الآن!
أليس من المفارقة أن يكون العرب والمسلمون هم المتضرر الرئيسى، وربما الوحيد، من القوانين التى تجرم معاداة السامية ومن القوانين التى تكفل حرية التعبير فى الوقت نفسه؟ فبينما تتكفل قوانين معاداة السامية بمنح إسرائيل الضوء الأخضر لانتهاك الحقوق الجماعية للفلسطينيين، تتكفل قوانين حرية التعبير بمنح الضوء الأخضر للسخرية من العرب ومن رسول الإسلام.
فيا سادة الغرب: إما أن تقوموا فورا بإصدار قوانين تجرم ازدراء الأديان السماوية كلها، أو تقوموا فورا بإلغاء قوانين معاداة السامية، لضمان حرية التعبير، وتضغطوا فى الوقت نفسه بكل قواكم على إسرائيل، لحملها على وقف الاستيطان وقيام دولة فلسطينية مستقلة، أما استمرار الوضع الحالى فلن يقود إلا إلى كارثة.
نقلاً عن المصري اليوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.