- طبيبة تشكو زوجها لمحكمة الأسرة: "هجرني بسبب ريحة البنج وقال خالي البالطو ينفعك" - "محمود" فقد وظيفته بسبب كساد السياحة فخلعته زوجته - كريمة انفصلت عن زوجها "العتال" بسبب رائحته - محاكم الأسرة: "المعلمات والموظفات الحكوميات في صدارة العاملات المطلقات بنسبة 55%" «مهنتك تحدد مصير زواجك».. قد لا تكون مقولة تنطبق على جميع الحالات، لكن في محكمة الأسرة سترى أن كل أسباب الطلاق والخلع متاحة.. من بين هذه الأسباب قد تكون «مهنتك أو مهنتها».. فنجد زوجًا ينفصل عن زوجته بسبب عملها طبيبةً لا تتفرغ له و«ريحتها بنج».. وسيدة تطلب الطلاق بعد تسريح زوجها من عمله بقطاع السياحة؛ بسبب الأزمات التى ضربت بها وغيرها من القصص.. من دفاتر محكمة الأسرة يرصد «صدى البلد» حالات كانت المهنة سببًا في طلب الانفصال. "خلعتنى بعد تسريحى من عملى بالسياحة" فى طرقة طويلة تنتصب على جانبيها أبواب مكاتب تسوية المنازعات الأسرية، وقف "محمود" الزوج الأربعينى، مرتكنا إلى جدارن يقاوم السقوط مثله، يمسح بمندله البالى ذرات العرق المتصبب من جهته العريضة، وكلما مرت عيناه على امرأة تقارب ملامحها ملامح زوجته التى أقامت ضده دعوى خلع بمحكمة الأسرة بمصر الجديدة، ينتفض جسده الهزيل. يستهل الزوج الأربعينى حديثه ل"صدى البلد": "تزوجتها منذ ما يقرب من عام ونصف، حيث رشحتها لى خطيبة شقيقتى، وعددت لى محاسنها، فقالت عنها إنها فتاة متدنية فى أواخر الثلاثينيات، ومن أسرة بسيطة، لا تريد من الحياة سوى الستر والاستقرار، ولأننى كنت لا أزال أعانى من سكرات خطبة فاشلة لفتاة مدللة قبلت الارتباط بها، ووهمت أنها الزوجة المناسبة، وتكبدت بمفردى تكاليف تأثيث البيت خاصة أنها صارحتنى بأن أهلها لن يتمكنوا من تجهيزها لضيق حالهم، وساعدنى عملى بأحد الفنادق السياحية بشرم الشيخ وقتها على التكفل بمصروفات الزواج كاملة، وما أن أغلق علينا باب واحد حتى سقط القناع عن شخصيتها العصبية". يواصل الزوج الأربعينى، حديثه عن تفاصيل زيجته البائسة، "كانت زوجتى تغضب لأتفه الأسباب، وتثور إذا عاتبتها على خروجها دون إذنى، وأحيانا كانت تترك البيت دون سبب، وأهلها كانوا يعيدونها إلى ويوصونى أن أصبر عليها قليلا، وفى لحظات ثورتها كانت لا تستحى أن تمد يدها على أو أن تمسك بأطراف ملابسى وتدفعنى من أمامها أو تكسر أى شىء يقابلها، لدرجة أننى بدأت أشك بأنها تعانى من حالة نفسية، ليس ذلك فحسب بل كانت تمر عليها أيام دون أن تنبس ببنت شفه، وإذا حدثتها تظل صامتة، وأظل أنا أتحدث إلى نفسى، حتى لقاءاتنا الحميمية كانت باردة وخالية من جنون الحب". ينهى الزوج روايته بصوت مرتعش: "زاد حال زوجتى سوءا بعدما سرحت من عملى بسبب الكساد الذى ضرب قطاع السياحة بعد الثورة، رغم أننى لم أنقصها شيئا أو أرد لها طلبا رغم قلة مالى، شكوت حالها أكثر من مرة لوالدتها وأشقائها، ووعدونى أن يعيدوها إلى رشدها لكن دون جدوى، وفى آخر مرة ثارت كعادتها لمجرد أنى عاتبتها لأنها زارت أهلها دون أن تخبرنى حتى ولو بمكالمة هاتفية، بعدها أدعت أنها ذاهبة لقضاء حاجات للبيت، مرت الساعات ولم تعد، هاتفتها ففوجئت بها تخبرنى بأنها ماكثة فى بيت أهلها ولن تعود مرة ثانية، ثم أقامت دعوى خلع وأجر حضانة ومسكن ونفق صغار، ويبدو أن صبرى عليها جعلها تزيد فى طغيانها". "خلى البالطو الأبيض ينفعك" بخطوات ثائرة، تتنقل الطبيبة الثلاثينية بين أروقة ومكاتب محكمة الأسرة بزنانيرى، بحثا عن إجابة لسؤالها عن الإجراءات والأوراق المطلوبة لإقامة دعوى لتطليقها من زوجها الأربعينى بعد زواج دام لما يقرب من 10 سنوات، وأثمر عن انجاب طفلتين، تقول الزوجة الثلاثينية:"لم أتخيل أن أقف بعد 10 سنوات فى ساحات المحاكم طالبة الإنفصال عن زوجى، لكنى سئمت من تطاوله علي بسبب طبيعة عملى كطبيبة أسنان، وتبريره لابتعاده عنى بسبب رائحة "البنج" والمطهرات التى كانت تفوح من جسدى بعد عودتى من عملى، وكلما حاولت الإقتراب منه كان ينهرنى، ويقول لى بنرة حادة:"ابعدى عنى ريحة البنج بتخنفى"، وعندماعاتبته على تصرفاته معى، رد بكلمات ساخرة:"أنتى مش فرحانة بالبالطو الأبيض خليه ينفعك "، سامحه الله أفقدنى ثقتى فى نفسى كأنثى، وكرهت حياتى بسببه وساءت حالتى النفسية". تواصل الزوجة روايتها بصوت خافت وكأنها تتحدث إلى نفسها وتحاسبها:"ربما أكون قد ساهمت فى هدم حياتى دون قصد عندما أهملت فى هيئتى ولم أعد أبالى بمظهرى والحفاظ على شكل جسمى، لكن هو السبب، فإهماله لى وانشغاله الدائم بعمله وتجاهله لأى تغييرأجريه على شكلى، ودفعنى إلى التفكير فى العودة إلى عملى بالمشفى مرة أخرى، رغم اعتراضه الشديد بحجة حاجة البيت والطفلتين إلى رعايتى، لكنى أصريت لعلى اتخلص من الشعور بالوحدة الذى بات يقتلنى، وأشعر بذاتى ووجودى بعد أن بدأت أفقد الثقة فى كل شىء، وأصاب بالإحباط، ويبدو أن هذا الأمر لم يروق له، وصار يبحث عن أى سبب ليتشاجر معى، حتى وصل به الحال أنه صاريعتدى على بالضرب، رغم أنه لم يفلعها طوال سنوات حياتنا الطويلة معا، ويهجرنى فى الفراش، فلم اتحمل وتركت له البيت، وقررت أن انفصل عنه نهائيا، فلا حياة مع رجل استحل لنفسه ضرب زوجته". "العتال والنصاب" فى غرفة صغيرة قابعة بمحكمة الجيزة لشئون الأسرة، لا يستر أركانها سوى كرسى خشبى بطانته بالية ومنضدة مغطاة بالغبار، جلست"كريمة "التى تستعد لمغادرة عامها ال47 وسط الزحام، ترتدى عباءة زرقاء اللون، فوقها شال أسود تتحايل به على برودة الطقس الذى لايقل فى قسوته عن ذكرياتها التى تفرق ألمها بين رجلين، الأول تحملت ضيق حاله وطبيعة عمله ك"عتال"، والثانى عاش على عرقها، وتركها سبع سنوات معلقة بعد رفضها اعطائه حصتها فى الميراث، فى انتظار المثول أمام أعضاء مكتب تسوية المنازعات الأسرية لتسرد لهم أسباب طلبها الخلع من زوجها الثانى بعد عشرة دامت لأكثر من 13 عاما. تقول الزوجة الأربعينية فى بداية حديثها: "تزوجت لأول مرة من رجل كان يعمل"عتال" فى حينا الفقير، كنت وقتها لا أزال فتاة صغيرة، لاتميز بين معادن الرجال، ولاتعرف عن الحياة سوى وجهها المشرق، كل همها أن ترتدى الفستان الأبيض كباقى قريناتها، وتزف فى موكب تحيطه الفتيات من الجانبين، لذلك لم أبالى بكلمات الناس عن هيئته المرتبكة، وقبلت أن أعيش معه فى غرفة بسيطة قابعة فى بيت أهله الآيل للسقوط، أثاثها بالى وأركانها مشققة، وبدأت بعد الزواج أفترش الأرصفة مرة بخضراوات، وأخرى بقطع حلوى، وثالثة بأسماك وطيور وعصائر، وأحيانا كنت أخدم فى بيوت العباد كى أساعده فى نفقات البيت، ووصل بى الحال أننى وقفت أدلل على "مراجيح" للصغار". يعلو وجه الزوجة الأربعينية ابتسامة حزينة وهى تكمل: "ارتكن زوجى إلى سعى بحثا عن الرزق، وبات يعمل يوما ويمكث إلى جوارى عشرة، ومع ذلك تحملت وصبرت من أجل الصغار، وكى لا أحمل لقب مطلقة فى مجتمع لايرحم، لكنى سئمت من رائحته الكريهة، ومن محاولاتى اليائسة لترتيب هندامه ودفعه للإستحمام ، فقد كان يرفض أن يزيل عن جسده عرق يوم شاق، أو أن يبدل ملابس عمله ، وينام بها إلى جوارى وهى عفنة ، كما أننى تعبت من نظرات الناس وتلاسنهم على حاله وحالى، ووصفهم له بالرجل "النحس" الذى لايبرح مكانا إلا ويعم الخراب فيه:"أنتى أتجوزتيه أزاى ده نحس ومعفن"، ومن تسليم عقله لوالدته وشقيقته اللتين كانتا تكرهانى كالعمى، وتسعيان دائما لتخريب حياتى، حتى نجحتا فى تدميرها بعدما تمكنتا من إقناع زوجى بأننى على علاقة غير شرعية بصديقه، وقتها لم أتحمل وطلبت الطلاق بعد 11 عاما من العذاب". تدور "كريمة" ببصرها فى أركان الغرفة التى لا تقل حالتها سوءا عنها وهي تقول: "ولأبرئ شرفى مما علق به من اتهامات تزوجت بمن اتهمونى بمعاشرته، مرت السنة الأولى من زواجنا هادئة حتى بدأت أكتشف سرقة زوجى لمالى الذى كنت أجنيه من الخدمة فى البيوت ومرافقة المرضى والعجزة، كى ينفقه على المخدرات، ونصبه على الناس بحجة انجاز بعض الأعمال،حينها انقلبت حياتى إلى جحيم، ولكن ليس بيدى شيئا أفعله سوى الصبر، فلو طلقت للمرة الثانية سيشمت بى العالمين، بدأت أخبأ النقود بعيدا عنه وحينما يسألنى عنها اتحجج بتسديد بعض الديون، حتى حينما حصلت على حصتى من بيع بيت تركه لنا والدنا ، لم أخبره وحينما علم تركنى ورحل". تنفلت الدموع من عين الزوجة الأربعينية:"سبع سنوات مرت وأنا معقلة، حاولت كثيرا أن أعيد زوجى إلى بيته وأكسب وده من أجل أولادنا لكن دون جدوى، ظل مصرا على موقفه وهجره لى، فقررت أن أخلص منه، وأقمت دعوى خلع ضده، ويكفى أننى حينما أجريت عملية قلب مفتوح لم يكلف خاطره أن يسأل عنى ، ألم يتذكر لى أى معروف صنعته له خلال 13 عاما عشناها سويا؟!، أنسى أننى تحملت أفعاله وعقله الصغير وافتعاله المشكلات على أتفه سبب وبخله؟!، فقد كان لايستحى أن يأكل اللحوم وأفخم أنواع الطعام ويتركنا أنا وأولادى نأكل خبز وجبن وننتظرأن يأتى لنا الغرباء بقطعة لحم". "تعددت المهن والطلاق واحد وكله بالأرقام" الأرقام والدراسات التى أجريت على عينة عشوائية من النساء المترددات على محكمة الأسرة بينت أن 54% من المطلقات العاملات تعرضن للعنف الجسدى والابتزاز المادى والمعنوى على يد أزواجهن، وذلك من أجل الحصول على ما يكسبن من عملهن، و أن 30% من تلك العاملات كنَّ يعملن فى مهنة التدريس، وأن 25% كنَّ موظفات بالمصالح والوزرات الحكومية، أما موظفات القطاع الخاص، فبلغت نسبتهن 15%، والطبيبات 10٪، والمحاميات 5٪، والمهندسات 7٪، أما العاملات بوظائف غير مستقرة فوصلت نسبتهن إلى 10٪. واحتلت نسبة حالات المطلقات التى لم تتجاوز عدد سنوات زواجهن العامين - بحسب ما أظهرته الدراسة- 20%، فيما بلغت نسبة الحالات التى لم تتجاوز سنوات زواجها العام 16%، أما من تخطى عدد سنوات زواجهن ال5 سنوات فوصلت نسبتهن إلى 30٪ ، بينما قدرت نسبة حالات العاملات المطلقات ممن ترواحت مدة زواجهن بين 7-10 سنوات ب44٪، وعددت الدراسة أهم أسباب الطلاق لمن شملتهن الدراسة، وجاء فى مقدمتها الخلاف المادي على المرتب الشهري، إضافة إلى ضغوط العمل وتأثيرهما على الحياة الزوجية، وانعدام الدفء العاطفي بين الزوجين.