تحيي منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" غدا اليوم العالمي للإذاعة 2017 تحت شعار "أنتم والإذاعة واحد"، وهي دعوة لإشراك الجماهير والمجتمعات على نحو أكبر في وضع سياسات وخطط البث الإذاعي. يث دعت بألا تقتصر مشاركة المستمعين على التفاعل أثناء البث الإذاعي، بل يجب أن تمتد مشاركتهم لتشمل الآليات المختلفة مثل سياسات إشراك المستمعين والوسطاء، وإنشاء منتديات للمستمعين ووضع إجراءات لمعالجة الشكاوى المختلفة. ففي زمن نشهد فيه تراجعًا في النقاش البناء في المجتمع المدني، وتشكيكًا كبيرًا في مصداقية المعلومات، تعد الإذاعة أداة فريدة لتوحيد المجتمعات وتعزيز الحوار الإيجابي من أجل إحداث التغيير. وتستطيع الإذاعة إخراجنا من "الفقاعات الإعلامية" للأشخاص الذين يتبادلون نفس الأفكار، وبالتالي تذكيرنا بأهمية الإصغاء لبعضنا البعض مرة أخرى. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أقرت رسميا في دورتها ال 67 في يناير عام 2013، إعلان اليونسكو لليوم العالمي للإذاعة، الذي اعتمده المؤتمر العام لليونسكو في دورته ال 36، وأعلن بموجبه أن يوم 13 فبراير بوصفه اليوم العالمي للإذاعة، وهو اليوم الذي أنشأت فيه الأممالمتحدة إذاعة الأممالمتحدة في عام 1946. وأشارت السيدة إيرينا بوكوفا المديرة العامة لليونسكو في رسالتها ، إلي إننا نشهد الآن ثورة حقيقية في كيفية نشر المعلومات والحصول عليها. وقد باتت الإذاعة مع ذلك ، في خضم التغيرات الجذرية الهائلة التي يشهدها العالم في الوقت الحاضر، أكثر أهمية ونشاطًا وتشويقًا مما كانت عليه في أي وقت مضى. وهذه هي الرسالة التي تود اليونسكو تبليغها في اليوم العالمي للإذاعة . وأضافت بوكوفا أن الإذاعة تعد في الأوقات العصيبة والأحوال العسيرة، المحفل الدائم القادر على الجمع بين مختلف الأفراد والجماعات، إذ تظل الإذاعة في جميع الأحوال والأوقات، سواء ونحن في طريقنا إلى العمل أم في مكاتبنا أو منازلنا أو حقولنا، وسواء كنا في زمن السلم أم الحرب أم في حالات الطوارئ، مصدرًا مهمًا للغاية للمعلومات والمعارف يشمل مختلف الأجيال والثقافات، وتطلعنا على الدرر المكنونة في تنوع البشرية، وتصلنا بسائر أرجاء العالم أينما كنا. وتتيح الإذاعة للناس كافة، رجالًا ونساءً، التعبير عن آرائهم وتعمل على تبليغها، وتصغي الإذاعة إلى الجماهير، وتسعى إلى تلبية الاحتياجات، وهي وسيلة فعالة للذود عن حقوق الإنسان وصون كرامته، ووسيلة فعالة أيضًا لإيجاد الحلول اللازمة للمصاعب التي تعترض سبيل كل المجتمعات. وذكرت بوكوفا ، أن هذا الأمر يبين أهمية الإذاعة للمساعي الرامية إلى تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030، ويتطلب توطيد الحكم الرشيد وترسيخ سيادة القانون وتدعيم الاندماج والحوار تعزيز الحريات الأساسية وسبل حصول الناس على المعلومات. وتستطيع الإذاعة توفير وسيلة آنية متاحة للجميع لتسوية الخلافات وتعزيز الحوار من أجل مواجهة التحديات الجديدة والتصدي لتغير المناخ ومكافحة التمييز. ويتطلب هذا الأمر منا جميعًا تجديد التزامنا بدعم الإذاعة، وينبغي للهيئات الإذاعية والتنظيمية، وكذلك للمستمعين، السعي إلى تقوية الإذاعة والاستفادة من قوتها وتأثيرها على أفضل وجه ممكن، وتقوم نوادي ومنتديات المستمعين بتوحيد أفراد مختلف المجتمعات حول القضايا المشتركة، وتتيح لهم التعبير عن آرائهم عبر موجات الأثير وإيصالها إلى مسامع الآخرين. ويحتل المستمعون مكان الصدارة في البرامج الإذاعية في الوقت الحاضر بفضل سياسات إشراك المستمعين في البرامج. وقد باتت ضرورة الدراية الإعلامية والمعلوماتية لبناء الثقة بالمعلومات والمعارف، في ظل الطعن في مفهوم "الحقيقة"، أكبر مما كانت عليه في أي وقت مضى. وأشارت بوكوفا إلي أن هذا الأمر يبين كيف تستطيع الإذاعة إنارة الدرب لإيجاد حلول مبتكرة للمشكلات المحلية، والمضي قدمًا في تعزيز حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين والحوار والسلام. وتدعو اليونسكو الجميع في اليوم العالمي للإذاعة إلى الارتقاء بقدرة الإذاعة على تعزيز سبل الحوار والإصغاء التي نحتاج إليها للتصدي للتحديات التي تواجهها البشرية جمعاء. وتعتبر الإذاعة واحدة من أقدم وسائل الاتصال الجماهيرية في برامجها الإذاعية. ولا يمكن لأحد أن ينكر أن الإذاعة واحدة من أقوى الوسائل التي يمكن أن تؤثر في مختلف شرائح المجتمع. ويمكن قياس ذلك بعدد الساعات التي يمكن أن يقضيها الإنسان، وهو يستمع إلى الإذاعة. وقد استطاعت الإذاعة، منذ البث الأول قبل ما يزيد على 100عام، أن تكون مصدر معلومات قويا لتعبئة التغيير الاجتماعي، ونقطة مركزية لحياة المجتمع . وتمتاز البرامج الإذاعية بالتنوع، بحيث يمكن أن ترضي كافة الأذواق، وهي تسلية المسافرين على الطرق السريعة، والذين يطول سفرهم بالساعات، فهو يضبط مؤشر راديو سيارته على ما يحب أن يسمع طوال الطريق. وعلى الرغم من أن الاذاعة تواجه بشكل عام تحديات كثيرة في الوقت الحاضر مع انتشار وسائل إعلام أخرى، مثل الفضائيات ومواقع الانترنت، التي تجتذب قطاعًا واسعًا من الجماهير. غير أنها تظل بالنسبة لكثيرين صديقًا وفيًا يشتاقون لسماعه، ويرون فيه وسيلة مريحة لتلقي الأخبار ومتابعة البرامج في أي وقت. والإذاعة تهم كل الأجيال فهناك من يستمع للبرامج الثقافية، والأخبار والدراما التي غالبا تفوق ما يفرض علينا من مشاهد تلفزيونية أو سينمائية، والإذاعة تمدنا بالأخبار وبدون معاناة الاستقرار في مكان معين للمشاهدة، وعامة لا يمكن الاستغناء عن الاذاعة. ولا تزال الإذاعة الوسيلة الأكثر دينامية وتفاعلا ومشاركة، حيث تكيفت مع التغيرات التي طرأت في القرن ال21 وأتاحت سبلا جديدة للتفاعل والمشاركة بين الناس. وعندما تحصرنا وسائل الاعلام الاجتماعي في فقاعات تضم ذوي الأفكار المتشاببه، يصبح للإذاعة دورها في لم شمل المجتمعات وتعزيز الحوار الإيجابي من أجل التغيير. وبالاستماع إلى أصوت الجماهير والاستجابة لاحتياجاتهم، تتيح الإذاعة تنوعا ضروريا في الآراء والأصوات للتصدي للتحديات التي نواجهها جميعا. وتعمل الإذاعة على إعلامنا وتغيير أحوالنا عن طريق برامجها الترفيهية والإخبارية، وكذلك البرامج الحوارية التي تشرك فيها المستمعين. فلا يشعر الإنسان الذي يملك مذياعًا بالوحدة أبدًا، بل يشعر دائمًا بوجود صديق له في الإذاعة. كما لا تزال الإذاعة هي وسيلة الإعلام الأكثر وصولا للجمهور في كل أنحاء العالم. وتعتبر وسيلة تواصل واتصال قوية ورخيصة. والإذاعة مناسبة جدا للوصول إلى المجتمعات النائية والفئات الضعيفة، مثل : الأميين وذوي الإعاقة والنساء والشباب والفقراء، وهي تتيح في الوقت ذاته منبرا للمشاركة في النقاش العام، بغض النظر عن المستوى التعليمي للناس. وفضلا عن ذلك، تضطلع الإذاعة بدور كبير وخاص في التواصل في حالات الطوارئ وتقديم الإغاثة في حالات الكوارث. وهناك كذلك تغييرات في الخدمات الإذاعية في الوقت الحاضر الذي يشهد نوعا من التقارب بين وسائل الإعلام، حيث غدت تعتمد على استخدام الوسائل التكنولوجية من مثل تقنيات النطاق العريض والهواتف النقالة والأجهزة اللوحية. ومع ذلك، فهناك مزاعم تشير إلي أن مليار شخص حول العالم مازالوا غير قادرين حتى اليوم على الاستماع إلى المحطات الإذاعية. وتنقسم محطات الراديو إلى ثلاثة أنواع حسب قوة إرسالها: الأولي، المحطات المحلية أو الإقليمية ، وهي التي تغطي إرسالها مدينة معينة أو دائرة محدودة فتشمل إقليما محددا؛ الثانية، المحطات العامة أو القومية، وهي التي تغطي دولة بأكملها و قد يتسع مجال إرسالها بحيث يمكن أن يستمع إليها خارج حدودها؛ والثالثة، المحطات الدولية، وهي التي توجه إذاعتها أو إرسالها من داخل دولة معينة إلى دولة أخرى غيرها وتكون إذاعتها باللغة الملائمة لسكان تلك الدولة ومثالها إذاعة صوت أمريكا وهيئة الإذاعة البريطانية BBC ومونت كارلو والإذاعات الموجهة من مصر وغيرها إلى الدول الأخرى. وتعمل الإذاعات المحلية علي تنمية المجتمع عن طريق نقل الأخبار التي تهم أفراد المجتمع المحلي سواء كانت محلية ، قومية أو عالمية لها ارتباط وثيق ومباشر بالمجتمع المحلي. كما تقوم الإذاعة المحلية بدور فعال في محو الأمية، لا عن طريق تقديم برامج يتعلم بواسطتها الأفراد الأميون القراءة و الكتابة، لكن الإذاعة المحلية تستطيع إن تلعب دورا أساسيا في التوعية بالمشكلة وحث المواطنين الأميين على التقدم لمدارس محو الأمية من أجل محو أميتهم، أما البرامج تعليمية فالإذاعة المحلية تلعب دورا كبيرا في تقديمها كخدمة للطلبة والطالبات في المدارس والمعاهد في الجامعات أيضا. ويمكن للإذاعة أن تقوم بالكثير في مجال التدريب المهني والتثقيف العمالي والصناعي والزراعي ولا شك أن الإذاعة وسيلة فعالة ونشيطة في التأثير، ويمكنها أن تلعب دورا ما في خلق الوعي بالتطورات الاجتماعية والاقتصادية خاصة بين العمال والزراعيين وهم الذين تصل أميتهم إلى نسبة كبيرة. كما تساعد في إعداد المرأة كقوة عاملة بتأهيلها وتوجهها لتقبل التغيير، ودفعنا للاشتراك في عمليات التنمية بجوار الرجل، ودورها في تجسيد الثقافة المحصلة من خلال البرامج الإذاعية في تربية أجيال المستقبل و تكوينهم ونشأتهم تنشأة صالحة. كما يتمثل دور الإذاعة المحلية في المجال الاقتصادي خاصة، وذلك من خلال الإعلانات التجارية والبرامج والتوعية وبالمشكلات القائمة وبالحاجة إلى التنمية مع إبراز الأسباب وتقديم الحلول وإبراز أهمية مشاركة المواطنين الايجابية في عمليات النحول، وإتاحة الفرصة للأفراد والجامعات لمناقشة مشكلاتهم معا وبحضور المسئولين، والتأكيد على الحلول القائمة هكذا التأكيد على الحلول القائمة على الجهود الذاتية مع تنمية المهارات بتقديم المعلومات والإرشادات المتعلقة بالزراعة والصناعة والتجارة وتربية الحيوان والنظم التعاونية، وتأكيد الرقابة الشعبية على عمليات تنفيذ المشروعات التي تقوم بها الدولة ومتابعة التنفيذ وتحريك الأفراد وتوجيههم نحو الهدف الصحيح ومساعدتهم. وللإذاعة المحلية دور كبير بشأن الوظائف الأخرى، فهي تربط تلك الوظائف ببعضها إذ إنها تعلم وتنمي وتثقف وكل ذلك في قالب هزلي أو مسابقة. ويكون ذلك من خلال اكتشاف المواهب الفنية والأدبية والعلمية والعمل على بلورة المواهب من خلال إتاحة الفرصة كاملة لكل هؤلاء لكي ينطلقوا من الإذاعة المحلية. والإذاعة كوسيلة اتصال لا تتسم بالاكتفاء الذاتي، ولكن عندما يصاحبها استقبال ومناقشة جماعية، أو عندما تدعمها وسيلة اتصال ذات اتجاهين، وعندما تدخل كنظام ضمن الخطة الشاملة للتنمية فإنها تصبح عاملًا رئيسيا في التغيرات الحيوية التي يتطلبها العصر الحديث. كما أنها تستطيع أن تقوم بالعمل على تطوير الحياة الاجتماعية والسلم الاجتماعي بما يتلاءم مع الظروف الجديدة التي يسعى إليها المجتمع لكي تنجح يجب أن ترتبط بالأهداف العامة للدولة وبالمواطن ومشاكله التي يعيشها يوميا. ويبرز دور الإذاعة المحلية من خلال البرامج التي تعمل بدورها على تنمية مختلف الشرائح الاجتماعية بمختلف فئاتها، كبرامج المرأة، الأطفال، الشباب، كبار السن...الخ، حيث تعمل هذه البرامج علي تحقيق رقي وتنمية هذه الشرائح في مجتمعنا المحلى. وأيضا لها دور فعال من خلال إتاحة الفرص في برامجها المعروضة، والمقدمة لكافة الآراء ووجهات النظر للتعبير عن نفسها فيما يتعلق بمعالجة مشكلات المجتمع المحلي وقضايا له العالقة، وهي بالتالي منبر إعلامي يعزز أكثر المشاركة والتفاعل الجماهيري في وضع أهداف التنمية لهذا المجتمع، وبذلك تخلق الإذاعة المحلية من خلال هذا التفاعل والمشاركة نوعا من الإحساس لدى المواطنين المحليين بالنفع والدور الذي يقدمونه خدمة لرقي وتنمية مجتمعهم وتعزيز مفهوم المواطنة لديهم لأنهم يساهمون في بناء وطن بأفكارهم وإنشغالتهم. ويسهم تطوير وسائل الإعلام المجتمعية المستدامة إسهاما كبيرا في ضمان بيئة إعلامية قائمة على التعددية. وبالإضافة إلى وسائل الإعلام التي تعنى بالخدمة العامة ووسائل الإعلام التجارية الخاصة، فإن وسائل الإعلام المجتمعية أساسية لتمكين الجمهور من الاطلاع على وقائع ومناقشات ووجهات نظر مختلفة. وتقوم اليونسكو بالتالي بمساعدة الدول الأعضاء في وضع بيئات سياسية تفضي إلى إقامة وسائل إعلام مجتمعية، وتبني القدرات وتيسر إدراج تكنولوجيا المعلومات والاتصال ضمن القطاع. ومن خلال الإسهام في تنويع وسائل الإعلام، تعزز اليونسكو قدرات المنظمات الإعلامية في ما يتصل بالسياسات والاستراتيجيات الرامية إلى تعميم مراعاة العدل بين الجنسين وتمكين النساء على صعيد كل من العمليات والمضمون.