تحتفل منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) بعد غد /الأربعاء/ باليوم العالمى للاذاعة بوصفها إحدى الوسائل الأكثر نجاحا فى توسيع الوصول إلى المعارف، وتعزيز حرية التعبير وتشجيع الاحترام المتبادل والتفاهم ما بين الثقافات. وقد جاءت فكرة الاحتفال بهذا اليوم من قبل الأكاديمية الإسبانية للاذاعة، وجرى تقديمها رسميا من قبل الوفد الدائم لإسبانيا لدى اليونسكو فى الدورة 187 للمجلس التنفيذى فى شهر سبتمبر 2011، وفى 18 ديسمبر 2012 أيدت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار الذى اعتمده المؤتمر العام لليونسكو فى عام 2011، معلنا يوم 13 فبراير يوما عالميا للاذاعة وهو اليوم الذى تأسست فيه إذاعة الأممالمتحدة فى عام 1946. وقد بعثت إيرينا بوكوفا المديرة العامة لليونسكو برسالة أشارت فيها إلى أن اختراع الإذاعة فى القرن ال 19 جاء إيذانا ببدء عهد الاتصال الحديث، وقد تغير العالم بشكل كبير منذ ذلك الحين.. فتبقى الإذاعة متاحة على نطاق واسع وزهيدة التكلفة نسبيا وبسيطة جدا وسهلة الاستخدام. ولا تزال الإذاعة تمثل الوسيلة القادرة على أن تحمل أية رسالة إلى أى مكان وفى أى وقت حتى من دون كهرباء.. وفى حالات النزاع والكوارث الطبيعية يكون البث الإذاعى عبر الموجات القصيرة بمثابة الحياة لبث المعلومات التى يمكن أن تنقذ الأرواح. وقد احتضنت الإذاعة الثورة الرقمية لتعزز قدراتها ونطاقها وفى جميع أنحاء العالم أخذت تكلفة البث الإذاعى تتناقص بينما ازداد عدد المحطات الإذاعية وبات الصحفيون والمواطنون ووسائل إعلام المجتمعات المحلية يستخدمون محطات الإذاعة على الانترنت لإعطاء الكلمة للذين نادرا ما تسمع أصواتهم. ولا تزال الإذاعة أكثر من أى وقت مضى قوة للتغير الاجتماعى من خلال تبادل المعرفة وتوفير منبر للنقاش الجامع. وفى عالم يتغير بسرعة، فإن اليونسكو ملتزمة بتسخير كل طاقات الإذاعة لبناء جسور التفاهم بين الشعوب ولتبادل المعلومات على أوسع نطاق ممكن وتعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وخاصة حرية التعبير، وهذا أمر ضرورى لإرساء الحكم الرشيد وإقامة المجتمعات المفتوحة، وتحقيق التنمية المستدامة. وأشارت إيرينا بوكوفا المديرة العامة لليونسكو إلى أن المنظمة تعمل على حماية سلامة الصحفيين الإذاعيين فى جميع أنحاء العالم، ودعم الإعلام الحر والمستقل والتعددى، إلى جانب الأطر القانونية اللازمة والمؤسسات الديمقراطية. وأكدت أن اليونسكو ملتزمة أيضا بالاستفادة على أكمل وجه من إذاعات المجتمعات المحلية لمعالجة الفقر والاستبعاد الاجتماعى على المستوى المحلى، ولتمكين سكان الريف المهمشين والشباب والنساء.. منوهة بأن الإذاعة تشكل منصة رئيسية للتعليم ولحماية الثقافات المحلية واللغات. وقالت إن الإذاعة هى أيضا وسيلة قوية لإسماع صوت الشباب فى جميع أنحاء العالم حول القضايا التى تؤثر فى حياتهم.. ويجب علينا تدعيم مهاراتهم ومنحهم الفرص للانخراط بشكل كامل فى العمل الإذاعى.. لقد حولت الإذاعة ماضينا وهى لا تزال أداة قوية لبناء عالم يعمه السلام وتهيئة مستقبل أكثر استدامة وأكثر شمولا للجميع. ويحتل البث الإذاعى الجزء الأكبر من الاتصالات التى تتم عن طريق الراديو، مما يتيح للمستمعين استقبال برامج البث الإذاعى المتنوعة الأغراض، والتى تهدف إلى المتعة والمعرفة.. كما تستخدم موجات الراديو فى العديد من التطبيقات الأخرى، مثل الاتصالات ذات الاتجاهين التى يتم فيها إرسال واستقبال الرسائل. وفى البث الإذاعى ومعظم الاتصالات ذات الاتجاهين تنقل موجات الراديو الصوت والموسيقى، ولكن فى الأنواع الأخرى من الاستخدامات تنقل موجات الراديو إشارات أخرى مثل الحزم الراديوية المستخدمة فى أنظمة الملاحة، وإشارات التحكم عن بعد، الخاصة بتشغيل العديد من الأجهزة المختلفة. وقد أرسل العالم الإيطالى جوليلمو ماركونى أول إشارة بث إذاعى فى عام 1895، أما فى وقتنا الراهن فإن موجات الراديو تبث من آلاف المحطات والمصادر المختلفة، وتملأ الجو من حولنا بإشاراتها وبثها المتواصل. وتوجد على الأقل محطة بث إذاعى واحدة فى كل بلد من بلدان العالم، وفى بعض الدول العربية لم يقتصر البث الإذاعى على العواصم العربية، بل تعداها إلى المدن الرئيسية الأخرى.. ويقدر العدد الكلى لمحطات البث الإذاعى فى العالم بأكثر من 25 ألف محطة، منها نحو10 آلاف محطة فى الولاياتالمتحدةالأمريكية وحدها، وهو عدد لا يوجد مثله فى دولة أخرى. ويمتلك الناس فى العالم أكثر من بليونى مذياع، بمتوسط جهاز واحد لكل ثلاثة أشخاص.. وفى الولاياتالمتحدة 534 مليون جهاز، وهو أكبر عدد من الأجهزة فى قطر واحد، وفى الصين حوالى 219 مليون جهاز، أى بمعدل 18 جهازا لكل مائة مواطن، أما فى بريطانيا، فيبلغ عدد أجهزة الراديو 66 مليونا، أى بمعدل 114 جهازا لكل مائة نسمة. والسبب الرئيسى فى هذا الانتشار الواسع لأجهزة المذياع يرجع إلى كونها محمولة، ويستطيع الناس نقلها من مكان لآخر بسهولة، وبعض أجهزة الراديو كبيرة وتعمل بالكهرباء، وهذه تحفظ عادة فى المنازل، ولكن ملايين الأجهزة صغيرة الحجم وتشغل بالبطاريات الجافة، وبعض الأجهزة من الصغر بحيث يمكن حملها فى الجيوب.. ويستمع الناس إلى هذه الأجهزة فى أى مكان تقريبا مثل المنازل والحدائق والشواطىء والرحلات وأماكن النزهة، كما تستخدم أجهزة المذياع على نطاق واسع فى وسائل النقل. وتعد أجهزة المذياع المحمولة وسيلة ملائمة للبلدان أو المناطق التى تتوفر فيها الطاقة الكهربائية، ولكن العديد من المناطق لا تتوفر فيها الكهرباء، كما أن استخدام الأجهزة العاملة بالبطارية محدود فى العديد من الدول وذلك لصعوبة الحصول على البطاريات أو غلاء ثمنها. وفى عام 1995، صمم المخترع البريطانى تريفور بيليس جهاز راديو يعمل أوتوماتيا لمساعدة المجتمعات الأفريقية البعيدة على استقبال النشرات الراديوية عن برامج مكافحة الإيدز، وهذه الأجهزة مناسبة أيضا للقاطنين فى الأماكن البعيدة، حيث يتمكنون بوساطتها التقاط أحدث المعلومات عن الفيضانات والمجاعات والأوبئة.وقد صممت الأجهزة الأوتوماتية أساسا لتباع إلى وكالات الإغاثة، لاستخدامها فى توزيع المواد فى الدول النامية، ولكنها الآن تباع أيضا فى الدول الصناعية.. ويزن الجهاز 6ر2 كيلوجرام، ويمدها بالقدرة مولد داخلى صغير، يدار بنابض ملتو طوله حوالى 9 أمتار.. وينتج النابض عندما يكون ملفوفا بكامله 30 دقيقة من التشغيل، ويلقى الجهاز قبولا لأنه لا يعمل بالكهرباء أو البطاريات التى تتطلب التغيير عند نفاد مخزونها من الطاقة. وتختلف البرامج الإذاعية من بلد إلى آخر، ولكنها بشكل عام توفر التسلية والمعرفة، وتصمم هذه البرامج فى العديد من البلدان، بحيث تشكل برامج المنوعات نسبة 90\% منها، أما ال10\% المتبقية فهى مخصصة للمواد الثقافية بكل أشكالها، وتشكل البرامج الدينية فى الإذاعات العربية نسبة كبيرة بين برامجها المختلفة، وهى تتضمن تلاوة القرآن الكريم وتفسيره وتقديم برامج إسلامية متنوعة. وتحاول معظم الإذاعات جذب الجمهور بوساطة برامج خاصة بالمستمعين ذوى الأهواء المختلفة.. ولا تقتصر البرامج المسلية على الموسيقى فقط، فهناك أيضا البرامج المرحة، والتمثيليات التى تبث فى حلقات متعددة، والمسرحيات التى تنقل للمستعمين بشكل مباشر أو مسجل، وبعض التمثيليات تكتب فقط للبث الإذاعى.. كما تقدم البرامج الخاصة بالمعلومات الأخبار والأحداث العالمية والمقابلات الإذاعية والنقل المباشر للأحداث الرياضية. وتبث نشرات الأخبار فى أوقات محددة، بمعدل ساعة أو نصف ساعة فى بعض المحطات، كما تقدم المحطات الإذاعية تغطيات مباشرة للأحداث الخاصة مثل الانتخابات العامة، أو افتتاح المجالس التشريعية.. وتعنى المحطات بشكل عام بتقديم أخبار خاصة عن الطقس، وحركة المرور، وسوق البورصة، وأخبار الزراعة. ويهتم جزء آخر من البرامج بتقديم برامج عن أحداث المجتمع ونشاطات السكان وخدمات الدولة..أما المقابلات الإذاعية، فتقدم مناقشات حول موضوعات متعددة، تغطى النواحى المختلفة للحياة، وكل برنامج من هذا النوع يقدمه مذيع أو مذيعة يقوم بإجراء المقابلات والتحكم فى إدارتها، وتتفاوت موضوعات هذه المقابلات بين الموضوعات السياسية الجارية مثل معالجة الانتخابات وقضايا الدولة التى تهم المواطنين، والموضوعات الاجتماعية المحضة مثل الجريمة أو التلوث أو الفقر أو العنصرية أو التمييز بين الجنسين. ويتيح العديد من مقدمى هذه البرامج الفرصة للمستمعين للمشاركة فى النقاش عبر هواتف الإذاعة بطرح أسئلتهم أو إبداء وجهات نظرهم، وتدعى مثل هذه البرامج المخاطبات الهاتفية، وتحظى البرامج الرياضية مثل البرامج الإخبارية باهتمام خاص حيث يحاول المعلقون الرياضيون نقل الأحداث المميزة إلى المستمعين. وتتنافس المحطات الإذاعية لجذب المستمعين، حيث تذيع معظم المحطات برامج لتلبية رغبات قطاع معين من المستمعين. وقد مكن الراديو المجتمعات الإنسانية من إرسال الصوت الإنسانى والموسيقى والإشارات بأنواعها المختلفة إلى أرجاء متعددة من العالم.. وبفضل الراديو أصبح بإمكان المسافرين على متن السفن والطائرات الاتصال وتبادل المعلومات، كما يمكن استخدام موجات الراديو للاتصال بالفضاء الخارجى. وأكدت اليونسكو أهمية الإذاعة فى حالات الطوارىء ونجدة المصابين وكأداة قوية لتعبئة التغيير الاجتماعى ونقطة مركزية لحياة المجتمع، وتشير إحصاءات اليونسكو إلى أن أكثر من مليار شخص لا يحصلون على الخدمات الإذاعية، ففى نيبال على سبيل المثال يقيم أكثر من خمس السكان فى مناطق لا تتمتع بتغطية الإذاعة. وتؤكد اليونسكو أن اليوم العالمى للاذاعة هو الوقت المناسب لتقدير أهمية هذه الوسيلة الإعلامية، واستغلال قوتها لصالح الجميع.