إن من الخطأ الشائع أنَّ فساد السلطة نتيجة لفساد الرعية، والعكس أولى بالصواب، غير أنّ الرعيّة تعاقب على سكوتها عن ظلم السلطان، ورضاها به، باستدامة ذلك الظلم عليهم جزاء وفاقاً، ولا يظلم ربك أحداً. فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:" إِذَا رَأَيْتُمْ أُمَّتِي لَا تَقُولُ لِلظَّالِمِ: أَنْتَ ظَالِمٌ، فَقَدْ تُوُدِّعَ مِنْهُمْ بل إن فريضة تقويم السلطة من أعظم الجهاد في هذا الدين ودل على ذلك مارواه النسائي عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الْغَرْزِ، أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ بل وأكد النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم على هذا المعنى فيما رواه جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبى انه - قَالَ: «سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَرَجُلٌ قَالَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ فَقَتَلَهُ بل إن النبى صلى الله عليه وسلم أشاد بأمة الروم لأن فيهم خصال جميلة وهى منعتهم وردع السلطان عن ظلمه كما ورد في صحيح مسلم قَالَ الْمُسْتَوْرِدُ الْقُرَشِيُّ، عِنْدَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،يَقُولُ: «تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أَكْثَرُ النَّاسِ» فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: أَبْصِرْ مَا تَقُولُ، قَالَ: أَقُولُ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: لَئِنْ قُلْتَ ذَلِكَ، إِنَّ فِيهِمْ لَخِصَالًا أَرْبَعًا: إِنَّهُمْ لَأَحْلَمُ النَّاسِ عِنْدَ فِتْنَةٍ، وَأَسْرَعُهُمْ إِفَاقَةً بَعْدَ مُصِيبَةٍ، وَأَوْشَكُهُمْ كَرَّةً بَعْدَ فَرَّةٍ وَخَيْرُهُمْ لِمِسْكِينٍ وَيَتِيمٍ وَضَعِيفٍ، وَخَامِسَةٌ حَسَنَةٌ جَمِيلَةٌ: وَأَمْنَعُهُمْ مِنْ ظُلْمِ الْمُلُوكِ فلماذا تريدون منا ان نكون أحط الأمم بسكوتنا عن الظلم وتغيبون عقول الناس ايها ألآكلون بدينهم؟؟؟