أكد وزير خارجية اللبناني رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أن القاهرة وبيروت يستطيعان أن ينشرا فكرة الحوار وتشجيع الحل السياسي لأزمات المنطقة من خلال قيمهما المشتركة التي تقوم على التنوع وقبول الآخر. وشدد باسيل - في حديث مع وكالة أنباء الشرق الأوسط خلال زيارته الأخيرة للقاهرة – على أهمية تطوير العلاقات بين البلدين، منوها بلقائه بالرئيس عبد الفتاح السيسي خلال زيارته الأخيرة لمصر . وقال "واضح أنه ستنشأ علاقة شخصية قريبة بين الرئيسين عبد الفتاح السيسي وميشال عون، خاصة في العلاقة ممتازة بين لبنان ومصر . وأضاف نحن مدركون للدور الذي يلعبه البلدين كجسر يرسخ القيم المشتركة نظرا طبيعة مجتمعاتنا المتعدد، وهذا الدور يتطلب تقوية من خلال مبادرة مشتركة نقوم بها كل حسب قدرته ، بهدف تعميم فكرة الحوار وتشجيع فكرة الحل السياسي لأزمات المنطقة". وتابع قائلا " يبقي علينا تقوية العلاقات الاقتصادية ، مشيرا إلى أنه خلال لقائه مع الجالية اللبنانية في الأسكندرية يوم الإثنين الماضي تحدث عن ضرورة إنخراطهم أكبر في الحركة الاقتصادية والتجارية بين البلدين ونستطيع أن نلعب دورا في إفريقيا كلبنانيين في هذا الاتجاه ، وكذلك اللبنانيين المقيميين في مصر يستطيعون أن يساهموا في هذا الأمر . وأضاف "نعم نحن بحاجة لتعزيز العلاقات الاقتصادية ، ولكن الأساس السياسي قائم يجب ترجمته من خلال مبادرات معينة لأن أوجه الشبه بيننا فيما يتعلق بالتنوع أساسي، في ظل خصوصية تميز كل بلد والأهم ضمن فكرة المواطنة والدولة المركزية المدنية الواحدة. وقال إن التفجير الإرهابي الذي استهدف الكنيسة القبطية البطرسية مؤخرا كان يهدف لضرب التنوع في المنطقة برمتها، وكل جهدنا هو للحفاظ على التنوع وهذا يعني ان نعيش ونحن مختلفين في المعتقد في الفكر السياسي في الدين في المذهب . وعلى الصعيد الداخلي.. أكد وزير خارجية لبنان رئيس التيار الوطني الحر أن لبنان نجح في تشكيل حكومة وحدة وطنية رغم الأزمات التي تشهدها المنطقة خاصة في سوريا لأنه نجح في عزل العوامل والتحالفات الخارجية عن الداخل . وقال باسيل - في حديثه لوكالة أنباء الشرق الأوسط - أنه عندما قبلت الأطراف اللبنانية أن تفك ارتباطها الخارجي الذي يؤثر على الداخل استطعنا أن ننتخب رئيسا جاء بشكل طبيعي. وأضاف " قلنا أتركوا الأمور لمجراها الطبيعي وكل واحد يأخذ حجمه ، أتركوا الديمقراطية تعطي الناس حجمها الطبيعي، مشيرا إلى أن العماد ميشال عون هو رئيس الجمهورية هو الأكثر تمثيلا لللبنانيين كذلك، تشكيل الحكومة تم بحسب تشكيلة مجلس النواب الحالي ، وبالتالي من يمثل المسيحيين في السلطة إنهم الأحزاب وهي أخذت الحصة الكبرى في الحكومة ولكن لم تلغي أحد". وتساءل "لماذا نكون بلدا ديمقراطيا فلماذا لانطبق قواعد الديمقراطية على شكل السلطة ". وتابع قائلا "بعد ذلك سيتم التوافق على قانون انتخاب يمثل الكل سينتج عنه مجلس نيابي يمثل الجميع بشكل عادل ثم يتمخض عنه حكومة جديدة قد تكون حكومة وحدة وطنية أو معارضة أو موالاة". وعن دور التيار الوطني الحر في النأي بالسياسة اللبنانية عن التحالفات الخارجية.. قال إن التيار الوطني عنده فكرة أساسية هي عدم الخضوع لإرادات الخارج وربط حاله بسياسة طرف خارجي أي كانت هذه السياسة ، واليوم أكد التيار هذا شئ من موقعه المتقدم في المؤسسات الدستورية (بعد وصول العماد عون مؤسس التيار للرئاسة) بقوله نحن لا نجعل التطورات الخارجية تنعكس على الداخل ، ونترك التوازنات الداخلية ترسم المشهد السياسي في البلاد. وأضاف إن تفاهماتنا مع حزب الله والقوات اللبنانية وتيار المستقبل بحد ذاتهم يحققون توازنا واستقرار في في البلاد ويسمح بألا تطغى سياسة واحدة تطغى البلاد . وقال إننا يجب ألا نضع البلاد في هذا التجاذب بشأن سوريا ونحاول أن نبعد العامل الخارجي عن الداخل، ولهذا سمينا موقفنا هو الابتعاد عن الأزمات في المنطقة أي إبعاد المشاكل عن لبنان . وردا على سؤال كيف سيدير السياسة الخارجية اللبنانية من الأزمة السورية خاصة بعد أزمة حلب وفي ظل تطورات مرشحة للحدوث عسكريا أو سياسيا .. قال نحن نتعاون مع سوريا من دولة إلى دولة، وسعينا لإقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين ، ولن نفرط فيها وهذا جهد تاريخي ونضال طويل مزمن (لم يكن هناك سفارات بين البلدين لعقود طويلة بسبب طبيعية العلاقة الخاصة بينهما وهو أمر كان يعارضه كثيرة من اللبنانيين) وسنحافظ على ذلك مع حكومة عندها شرعيتها. واستدرك قائلا "نريد لسوريا أن تذهب أكثر تجاه الديمقراطية وأكثر باتجاه حقوق الإنسان مع الحفاظ على هذه وحدتها وأن يكون النظام بعيد عن الطائفية ". وأضاف "هناك اختلاف في الداخل اللبناني على الوضع في سوريا ، نعم ، ولكن العلاقة الرسمية يجب ألا تم المساس بها، أي كان النظام في سوريا أو شكل الحكم هذا يرجع للسوريين وليس لنا ".. البعض يتحدث على أنه بعد سنوات من الهيمنة السورية على لبنان فإن حل الأزمة في سوريا الآن هو اقتباس النموذج اللبناني خاصة في توزيع السلطات.. أجاب " بطبيعة الحال ، لابد أن يكون هناك مشاركة لتستطيع أن تحل أزمة ، ولكي يكون هناك شكل سليم للتداول ". وأردف قائلا "لا اعتقد أنه لا أحد في سوريا متوهم بأن هناك أمرا مختلفا عن ذلك أي المشاركة". وأضاف "في سوريا كل الحلول المفروضة من فوق لن تأتي بنتيجة الحلول المفروضة من الشعوب والتي تراعي تطلعات الشعوب وهي التي ستأتي بنتيجة وستحقق الثبات والاستقرار وهي التي تلزم حكامها أن تغادر أو أن تعطيها الشرعية". وقال إنه آن الأوان لكي يعرف الجميع أن التدخل الخارجي في سوريا لا يفيد، فلبنان لم يخرج من أزمته إلا بإبعاد الأزمات الخارجية عنه، اليوم أصبح لدينا رئيس وحكومة يمثلان الشعب وعندهما الشرعية لأنه منعنا التدخلات الخارجية. وتابع إن الحل الوحيد لقضية النزوح هو عودة الناحين لسوريا ، أما إبقائهم في أي بلد آخر فهو إفراغ المنطقة من ناسها وخسارتها لتنوعها وهذا يفيد داعش لأن هذا التنظيم الإرهابي هو مرادف للأحادية وإلغاء الآخر ولإزالة التنوع من خلال الفوضى بينما لبنان هو نموذج للتنوع وقبول الاخر من خلال الاستقرار. وأشار إلى أن هناك جهدا مشتركا لحل الأزمة في سوريا ولإعادة الإعمار وإعادة تكوين النظام السياسي من خلال توافق أهل البلد ومن خلال المؤسسات الوطنية من خلال بلد موحدة تحافظ على قوة الدولة المركزية وهذا الشيء الذي يؤدي للإنماء وإعادة الإعمار وقبل كل شيء عودة الناس لأرضهم وعدم إفراغ المنطقة من أهلها الطيبين واستبدالهم بالمقاتلين الإرهابيين. وحول علاقة التيار الوطني الحر مع حركة أمل برئاسة رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري ، وكذلك تيار المردة برئاسة سليمان فرنجية في ظل ما يقال عن توتر رغم أنهم جميعا جزء من تحالف 8 آذار.. قال باسيل "نحن نسعى مع الرئيس بري لإقرار قانون الانتخابات ، وهذا موضوع يجمعنا لأنه استراتيجي ويؤسس فكرة الدولة العلمانية إذا نجحنا فيه. وأضاف "في السياسة نحن نتطلع للأفكار الكبيرة التي تخلص الناس وتخدمهم، ولا نلتهى بالأمور السياسية الصغيرة التي لا ترتقي إلى مستوى ما يمر به البلد وما تخطاه وما هو مدعو للنجاح فيه ". وحول المعركة ضد الفساد التي تحدث عنها دوما العماد ميشال عون والتيار الوطني الحر.. قال إنها معركة بناء الدولة، فلايمكن أن تتعايش الدولة مع الفساد، وبناء الدولة بمفهوم القانون وهيبته الذي ينتصر على الفساد والدويلات والميلشيات، فالميلشيا تكون بالفكر والمال وليس بالسلاح فقط. وأضاف أنها معركة القانون الذي ينتصر على كل الخارجين عنه والمنتهكين للدستور ، هذه معركة صعبة ، ولكن بخلاصها يخلص لبنان .. وردا على سؤال هل لو أن الفاسدين محميون من قوى سياسية أو زعامات ماذا سيحدث معهم في لبنان الجديد؟.. أجاب قائلا " سوف تتم مواجهتهم، لن يكون هناك سكوت تحت حجج سياسية، لأننا لم نسكت أصلا من قبل ، نحن نقاتل في هذه القضية منذ عام 2005. وأَردف " صداقتنا السياسية مع الجميع لن تجعلنا نسكت عن الفساد". وحول تقييمه للاجتماع الوزاري العربي الأوروبي الأخير الذي عقد يوم الثلاثاء الماضي بمقر الجامعة العربية .. قال إن المصائب تجمع لأن مصيبة الارهاب ضربت الجميع فشعرنا بوعي وتفهم أكثر لما كنا رددناه سابقا من أن تحدياتنا مشتركة وأن مايصيبنا يصيب أوروبا لأنها منطقة واحدة من خلال المتوسط وتجمعنا حضارات مشتركة وبالتالي أزمة النزوح والإرهاب التي ضربت لبنان تضرب أوروبا حاليا، ولفت إلى العلاقة بين الإرهاب ونزوح اللاجئين ، مشيرا إلى أن الإرهاب أحد الروافد والنتائج للنزوح والعكس صحيح. وحول الموقف الدولي من الاستيطان الإسرائيلي .. قال إنه طالما إنه من المقبول دوليا أن إسرائيل خارج الشرعية الدولية بل تتحدى الشرعية الدولية فإن كل الكلام عن المبادرات لا نتيجة له ، كما أن عدم قيام دولة فلسطينية بل تشجيع دولة يهودية في إسرائيل يزيد الفوضى.