قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن رسالة الإسلام هي الأخيرة التي ختم الله بها جميع الرسالات، منوها أنها ليست قاصرة على العبادات بل جاءت بالمعاملات الدنيوية والتي هي مجال واسع للاجتهاد. وأضاف الطيب، فى حديثه الأسبوعى على الفضائية المصرية، أن الإسلام دين يتعلق بإرشاد الناس في عقائدهم وعباداتهم ومعاملاتهم وسلوكياتهم اليومية، ولا بد أن يكون له شريعة وأحكام تلاحق مصالح وحاجات الناس المتبدلة والمتغيرة، وهناك نصوص في كل المسائل، لكنها نصوص محدودة، وبالتالي يجب على العلماء المتمكنين من أدوات الاجتهاد أن يستنبطوا لنا الأحكام المتجددة في واقعنا المعاصر. وأردف قائلا: هناك نوعًا من التهيب أو الاحتياط في الاجتهاد أو الفتوى في المستجدات الحديثة، مع أن الإسلام لم يعطِ أحكاما محددة في الأمور المتغيرة حتى لا يتوقف الزمن عندها، وحتى لا نُضطر إلى الالتزام بهذه الأحكام التي تتغير فيها حاجات الناس كما وردت في القرن الأول والثاني والثالث، لافتا أن الأحكام التي لا تتغير فيها حاجات وأحوال الناس كالعبادات فالشريعة تعطى فيها أحكاما محددة ومحصورة وغير قابلة للتجديد، فالصلاة مثلا غير قابلة للتجديد ولذلك لا يمكن أن أقول أجدد الخطاب الديني في الصلاة، وكذا الصيام والحج والزكاة، والمساس بهذه المحددات لهدم الشريعة مرفوض ويعتبر هدم، فلا نستطيع القول بأنه يتم توزيع الحج على 12 شهرا حتى نتفادى الزحام، هذا كلام غير منطقي فهناك أحكام محددة ومقيدة سواء بزمان أو مكان. وأوضح أن التجديد لا يكون إلا في المشكلات التي تتغير، وأن الفقيه المجتهد له شروط محددة، فلا يتأتى لمن لا يفقه الشريعة ولم يتمكن من علوم اللغة، ثم يأتي ويزعم أنه سوف يجدد، فهذا عبث صبياني، والشريعة يجب أن تنزه عن هذا العبث، لافتًا إلى أن الفتوى جمدت في القرون الأخيرة بسبب أن كثيرا من السادة العلماء المجتهدين أو القادرين على الاجتهاد يتهيبون خوفا من الله أو خوفا من أن يبدل أو يغير في شيء من هذه الشريعة. وتابع: هذا الأمر أحدث نوعا من ركود الفتوى وجمودها بحيث أصبحت النصوص الأخيرة الموجودة في الفقه الإسلامي في القرون الأربعة أو الخمسة الأخيرة أو أكثر من ذلك، هي التي تحكم حركة المجتمع أو معظمها، مع أن حركة المجتمع تغيرت وتبدلت، ومشاكل الناس تغيرت وتبدلت، فلو لم نعمل العقل والنظر ونجتهد ونلاحق الناس بأحكام تيسر لهم حياتهم، فنحن أمام أمرين: إما أن الناس سيغتربون عن مجتمعهم وإما سينفصلون عن الشريعة في هذه الأمور المتجددة، وكلا الأمرين تعسير وغير مقبول شرعا، وبالعكس فالنبي -صلى الله عليه وسلم- دعا إلى التجديد كما في الحديث الشريف: "إن الله يبعث علي رأس كل مائة عام لهذه الأمة من يجدد لها دينها أمر دينها".