قال الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، إن تجديد الخطاب الديني لا يكون إلا في المشكلات التي تتغير، والمجتهد له شروط محددة، فلا يجوز لمن لا يفقه الشريعة ولم يتمكن من علوم اللغة، أن يأتي ويزعم أنه سيجدد، مضيفا: "هذا عبث صبياني، والشريعة يجب أن تنزه عن هذا العبث". وأضاف الطيب، أن الفتوى جمدت في القرون الأخيرة، بسبب أن كثيرا من العلماء المجتهدين أو القادرين على الاجتهاد، يتهيبون خوفا من الله أو خوفا من أن يبدل أو يغير في شيء من هذه الشريعة، وهذا أحدث نوعا من ركود الفتوى وجمودها، بحيث أصبحت النصوص الأخيرة الموجودة في الفقه الإسلامي في القرون الأربعة أو الخمسة الأخيرة أو أكثر من ذلك، هي التي تحكم حركة المجتمع أو معظمها". وتابع الإمام الأكبر، أن "حركة المجتمع تغيرت وتبدلت، ومشكلات الناس تغيرت وتبدلت، فلو لم نعمل العقل والنظر ونجتهد ونلاحق الناس بأحكام تيسر لهم حياتهم، فنحن أمام أمرين: إما أن الناس سيغتربون عن مجتمعهم، وإما سينفصلون عن الشريعة في هذه الأمور المتجددة، وكلا الأمرين تعسير وغير مقبول شرعا، وبالعكس فالنبي -صلى الله عليه وسلم- دعا إلى التجديد كما في الحديث الشريف: (إن الله يبعث على رأس كل مئة عام لهذه الأمة من يجدد لها دينها أمر دينها)". وأردف الطيب، في حديثه الأسبوعي الذي يذاع اليوم، على الفضائيَّة المصرية، أن "الشريعة يسر كلها ورحمة كلها وعدل كلها، قال تعالى: (ما جعل عليكم من حرج)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه"، فنحن مأمورون بالتيسير، والعلماء المتبحرون في الشريعة مأمورون بالتيسير، وأن يستخرجوا أيسر الأحكام بالنسبة للناس، لكن هذا لا يحدث في الواقع الآن، إنما كان فيما قبل ذلك مطبقا، فمثلا الفتوحات التي حدثت في القرن الثاني والقرن الثالث لم تحدث بنفس الأحكام التي كانت في القرن الأول، وإلا كان وجدوا بعض العقبات، ولذلك فإن الإسلام بأحكامه وصل من الأندلس إلى الصين؛ لأنه تفاعل مع هذه البيئات ولم يقصرها على ما صدر من أحكام في القرن الأول، وإلا لما تجاوبت هذه الثقافات المختلفة والحضارات المختلفة مع الشريعة الإسلامية".