* فوز فيون أجبر ساركوزي على اعتزال العمل السياسي * مراقبون: فيون أفضل لليمين من لوبان * فيون استعار شعار ترامب لجعل فرنسا عظيمة مرة أخري حقق رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق، فرانسوا فيون، مفاجأة كبيرة، الاثنين الماضي، بتصدره الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشح اليمين للرئاسة بفارق كبير عن وزير الخارجية الأسبق آلان جوبيه الذي حل ثانيا، وكذلك الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي الذي أعلن انسحابه من الحياة السياسية، بعد أن أقر بهزيمته في تلك الانتخابات، وأعلن ساركوزي أنه سيصوت لصالح رئيس وزرائه السابق فيون خلال الدورة الثانية للانتخابات الأحد المقبل، داعيا مناصريه إلى أن "لا يتبعوا يوما طريق التطرف" السياسي. ويتحدث اليوم الكثير من المراقبين عن كون فرانسوا فيون هو الأوفر حظا لتمثيل اليمين والوسط في الانتخابات الرئاسية 2017، نظرا للنتيجة الكبيرة والمفاجئة التي حققها في الدور الأول من الانتخابات التمهيدية لليمين والوسط الفرنسيين، وأصبحت جميع برامج فيون هي موضع بحث لفهم ما يطرحه رئيس الحكومة السابق من إصلاحات بشأن الملفات الشائكة وبينها الهجرة. وبدأ فيون مسيرته السياسية عام 1981، فكان وزيرًا للتعليم العالي والشؤون الاجتماعية، قبل أن يعينه الرئيس السابق نيكولا ساركوزي على رأس حكومته، وبقي في المنصب حتى عام 2012، حيث انتُخب نائبًا عن مدينة باريس، وأعلن نيته الترشح للرئاسة الفرنسية عام 2017، ويعتبر من أشد النقاد لسياسة ساركوزي، كما أنه يعارض بشدة "اعتدال" المرشح الآخر للرئاسة، آلان جوبيه، ولاقي فيون بحكم أفكاره المحافظة تأييدا من قبل الطبقة المتدينة في فرنسا، فقد انتخبته هذه الطبقة بأغلبية ساحقة، ولكنه يأخذ بعين الاعتبار "علمانية" فرنسا وأنه لا يوجد فيها "انتخابات دينية". وقدم المرشح المحافظ برنامجًا ليبراليًا يذكرنا ببرنامج المرأة الحديدية رئيسة وزراء بريطانيا سابقًا، مارجريت تاتشر، فهو يريد تخفيص حجم الإنفاق العام بقدر 110 مليار يورو وذلك بتخفيف الوظائف العامة بنسبة 10% أي ما يعادل 500.000 وظيفة، وتحديد سن التقاعد بالعمر 65 سنة، ودمج صندوق التقاعد العام مع الخاص، وسيتم إلغاء قانون العمل ب35 ساعة في الأسبوع، وسيعدل قوانين الإعانة الاجتماعية وبدل العمل لصالح الحكومة، وغيرها من الإجراءات التي عادة ما تخيف المواطن الفرنسي وتدفعه للنزول للشارع للاحتجاج، إلا أن مراهنة فرانسوا فيون على البعد الديني والعرقي للفرنسيين قد نجحت وأنجحته حتى الآن. ويعد فيون من المناصرين لإسقاط الجنسية عن الفرنسيين المدانين بالإرهاب، ومن الرافضين لسياسات الانفتاح مع اللاجئين، وطالب فيون بحل جميع المنظمات الإسلامية التى لاتؤمن بقيم الجمهورية، وتعهد بحل جماعة الإخوان، التى اعتبرها تدعم الإرهاب، وأيضا هو من المقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كما صرح أنه لا يرى في سوريا سوى رئيس النظام السوري بشار الأسد وتنظيمات إرهابية "وعلى الغرب من ثم، قتال الإرهاب مع الطرف الآخر" في إشارة إلى نيته التعامل مع النظام السوري القائم، وقال إن الفوضى تعم الشرق الأوسط بسبب اجتياح العراق، مشيرا إلى أنه يتمنى أن يكون هناك تعاونا جديا بين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، وهو ما جعل المواقبون يطلقون عليه ترامب فرنسا بسبب التشابه في النهج تجاه موسكو، خاصة مع دعوته إلى الاستفادة من فوز ترامب من أجل عودة فرنسا للعب «دور قيادي على الساحة الدولية» ولتمارس دورها التاريخي «بعيدا عن العباءة الأمريكية»، كما يعتبر روسيا «حليفا استراتيجيا»، ولا يخفي صداقته مع فلاديمير بوتين، كما أنه يعتبر إيران، «شريكا مهما» لحل مختلف أزمات الشرق الأوسط. وفي فرنسا، أطلقت الصحافة على فيون وصف "صديق بوتين"، وقالت صحيفة "لابوان" إن الرئيس الروسي سيكون سعيدا بأن يسكن فيون قصرالإليزيه"، وأضافت أن علاقة الجيدة بينهما ستساعد على تحسين العلاقات المتوترة بين موسكووباريس، فيما أكدت قناة بي إف إم أن المرشح اليميني لا يخفي علاقته الجيدة ببوتين. وكذلك الحال في روسيا، حيث أكدت الصحف الروسية أنها ترى في فيون صفات "صديق لموسكو" يمكنه إصلاح العلاقات بين البلدين، ووصفته صحيفة "فيدوموستي" بأنه "مرشح قريب من روسيا" للانتخابات الرئاسية، ولديه برنامج للسياسة الخارجية "أكثر توازنا" من خصمه آلان جوبيه الذي وصفته بانه "مدافع عن حلف الناتو بشروط"، وذكرت شبكة التلفزيون "روسيا 24" أنه مثل "زلزال سياسي جديد" بعد فوز الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن فيون "المتساهل حيال روسيا" تحدث مع بوتين عندما كان رئيسا للحكومة "مرتين او ثلاث مرات سنويا، ويعرفه جيدا ويتحدث اليه كشخص قريب". وفي بريطانيا، قالت صحيفة جارديان إن فيون هو الحصان الأسود في انتخابات الرئاسة، وإنه يمثل "أمل جديدا لليمين الفرنسي" لأنه مختلف عن منافسته من نفس المعسكر ماري لوبان زعيمةحزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف. وقال موقع "بوليتيكو" الأمريكي إن "الجبهة الوطنية أعدت بالفعل حملة هجمات ضد آلان جوبيه، الذي حل في المركز الثاني إلا أن الجولة الأولى من انتخابات اليمين لم تجر كما كان مخطط لها، حيث أن جويبه نفس ساركوزي، في حال فوزهما كان سيصب ذلك في صالح مارين لوبان، فالأول يجسد النخبة وأصحاب الامتيازات، والثاني بسبب مشاكله مع العدالة، لكن الفوز المفاجئ لفيون، دمر تلك الخطط المدبرة، فماذا تفعل إذا فالخصم مواقفه قريبة من مواقف الجبهة الوطنية، كما أن في حال فوزه في الجولة الثانية من الانتخابات التمهيدية المقررة الأحد 27 نوفمبر، فسيبدأ فيون في توضيح الفرق بينه وبين الجبهة الوطنية بما في ذلك تقلده لمنصب رئاسة الوزراء سابقا، يجعله يتميتع بالخبرة التنفيذية، وجدول أعماله المحافظ يضمن له تأييد الناخبين الكاثوليك، فمارين لوبان لم تعد "فاتنة".