«طلائع شباب مصر»: التعليم المزدوج بوابة الشباب المباشرة إلى سوق العمل    «المعلمين»: مشروع علاج لأعضاء النقابة بخصومات تصل 60%.. تفاصيل    انتخابات الشيوخ، محظورات خلال فترة الدعاية يجب على المرشحين تجنبها    مرتبات شهر يوليو 2025.. موعد وأماكن الصرف وجدول الحد الأدنى للأجور بعد الزيادة الجديدة    علاء الزهيري: 100 ألف جنيه أقصى تعويض من شركات التأمين لحوادث الطرق    سعر جرام الذهب عيار 21 اليوم السبت 19 يوليو 2025 بعد التراجع الأخير.. بكام الآن في الصاغة؟    حريق سنترال رمسيس.. تعويضات جديدة لمتضرري انقطاع الإنترنت    الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل: وقف إطلاق النار في السويداء يجب أن يصمد    سفير أمريكا لدى إسرائيل: الهجوم على كنيسة فلسطينية بالضفة عمل إرهابي    «نبقى على العهد».. بيان قوي من رابطة جماهير الأهلي في فلسطين بعد أزمة وسام أبو علي    هل سينتقل ألكسندر إيزاك إلى ليفربول؟ رد حاسم من مدرب نيوكاسل    سموحة يحصد ذهبية وفضية في بطولة أفريقيا ل ألعاب القوى 2025 بنيجيريا (صور)    إصابة شخصين بحادث سقوط عمود كهرباء أثناء مرورهما بشارع عرابي في دمنهور    طقس غداً الأحد حار رطب نهاراً مائل للحرارة ليلاً    انتشال سيارة ميكروباص سقطت في رشاح شبرا هارس بالقليوبية    عروض «زمن الفن الجميل» وفلكلور القناة في ثالث أيام «صيف بلدنا» بمدينة العلمين    الخميس.. موعد طرح ألبوم جنات الغنائي الجديد "ألوم على مين"    افتتاح وحدة الرنين المغناطيسي المطورة ب مستشفى سوهاج الجامعي    توزيع 600 كرتونة غذائية و7 أطنان من السلع الأساسية للأسر الأولى بالرعاية بكفرالشيخ    حالة الطقس في محافظة الفيوم غدا الأحد 20-7-2025    العلاقات «المصرية - السعودية».. شراكة استراتيجية وركيزة استقرار للشرق الأوسط    35% زيادة فى أسعار برامج رحلات العمرة لهذا العام    محمد رمضان يطرح أحدث أعماله الغنائية بعنوان «من ضهر راجل» (فيديو)    حسن سلامة: العلاقة بين مصر والسعودية أقوى من محاولات الفتنة والتاريخ يشهد    حصاد الأسبوع    احتجاجات غاضبة بالسويد ضد جرائم إسرائيل في غزة    أسامة نبيه يدفع بتشكيل جديد لمنتخب الشباب فى الودية الثانية أمام الكويت    فيلم مصري يقفز بايراداته إلى 137.6 مليون جنيه.. من أبطاله ؟    تنويه عاجل من «التنظيم والإدارة» بشأن مستندات المتقدمين لوظائف هيئة البريد    «أمن قنا» يكشف ملابسات العثور على «رضيع» في مقابر أبوتشت    جهاز المحاسبة الألماني يحذر من عجز محتمل في صندوق المناخ والتحول التابع للحكومة    التفاصيل المالية لصفقة انتقال راشفورد إلى برشلونة    غلق 47 منشأة طبية مخالفة بالبحيرة وإنذار 24 أخرى    فستان جريء ومكشوف.. 5 صور ل نادين نجيم من حفل زفاف ابن ايلي صعب    ليالي المسرح الحر تختتم الدورة ال20 وتعلن نتائج المسابقات    روسيا.. بين تغيير المواقف والسعى لصفقة تحت الطاولة    قوات العشائر تسيطر على بلدة شهبا بريف السويداء    براتب 900 يورو.. آخر فرصة للتقديم على فرص عمل في البوسنة ومقدونيا    يومًا من البحث والألم.. لغز اختفاء جثمان غريق الدقهلية يحيّر الجميع    هل يجوز للمرأة أن تدفع زكاتها إلى زوجها الفقير؟.. محمد علي يوضح    دعاء أواخر شهر محرم.. اغتنم الفرصة وردده الآن    بلغة الإشارة.. الجامع الأزهر يوضح أسباب الهجرة النبوية    ضبط 20 سائقًا يتعاطون المخدرات في حملة مفاجئة بأسوان (صور)    رئيس جامعة قناة السويس يوجه بسرعة الانتهاء من إعلان نتائج الامتحانات    دون إبداء أسباب.. روسيا تعلن إرجاء منتدى الجيش 2025 إلى موعد لاحق    وزير الصحة يوجه بتعزيز الخدمات الطبية بمستشفى جوستاف روسي    ليلى علوي نجم الدورة 41 لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط    داعية إسلامي يوضح أسرار الصلاة المشيشية    وزير الكهرباء والطاقة المتجددة يتابع مستجدات الموقف التنفيذي لأعمال توفير التغذية الكهربائية لمشروعات الدلتا الجديدة    "بائعة طيور تستغيث والداخلية تستجيب".. ماذا حدث في المعادي؟    توقيع اتفاقيات تعاون بين 12 جامعة مصرية ولويفيل الأمريكية    خبر في الجول - جلسة بين جون إدوارد ومسؤولي زد لحسم انتقال محمد إسماعيل للزمالك    هل خصم فيفا 9 نقاط من الإسماعيلي؟.. النادي يرد ببيان رسمي    الصحة: إجراء 2 مليون و783 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    أسعار اللحوم اليوم السبت 19-7-2025 بأسواق محافظة مطروح    خالد جلال: معالي يشبه الغندور وحفني.. وسيصنع الفارق مع الزمالك    سوريا وإسرائيل تتفقان على إنهاء الصراع برعاية أمريكية    أحمد كريمة عن العلاج ب الحجامة: «كذب ودجل» (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيناء مصر بين صوتين: الإرهاب والشعارات !
نشر في صدى البلد يوم 08 - 08 - 2012

إذا كانت العرب خلدت مقولة «السيف أصدق أبناء من الكتب»؛ فإن الجماعات الجهادية المسلحة خلفت قاعدة ذهبية بأن صوت الحوادث الإرهابية أكثر ضجيجا من كل خطب الشعارات السياسية الرنانة، الأولى تعد بالموت خلال لحظات؛ والثانية قد تحتاج لمائة يوم ليظهر زيفها وأنها لا تعدو إلا مفرقعات سياسية يقع فيها القادمون الجدد على كراسي الحكم.
حدث سيناء فظيع، ليس فقط بسبب الضحايا المصريين؛ وهو يجب أن يكون سبب الأسباب؛ بل لأنه أعاد خلط الأوراق من جديد بين مقتضيات صداقة المعارضة وعداء السلطة؛ تنبأ به كثيرون - كنت واحدا منهم - بدايات قدوم «الإخوان» كلاعب متفرد في الساحة السياسية يرقبه لاعبون متحمسون جدا لاقتسام نتائج/ غنائم، اللعبة/ الحرب السياسية
وكان على رأسهم التيار السلفي العام بتنويعاته المختلفة من أقصى يمين السلفية العلمية ذات الحضور الاجتماعي الكبير، إلى أقصى يسار السلفية الجهادية وتفرعاتها التي تختلف عن باقي تنويعات السلفية بأنها لا تعترف بالتحالفات السياسية بقدر حفظ مواقعها على الأرض ومكتسباتها في الواقع دون الارتهان إلى وعود مرتجلة؛ بل ولا صبر على التفرج على صراع الديكة الشعاراتي بين «الإخوان» والتيارات المدنية.
التيارات المسلحة واضحة ومباشرة، وتقرأ الواقع جيدا كفرص ممكنة لتنفيذ استراتيجياتها لا كمنبر سياسي تعددي؛ فهم لا يملكون مشروع دولة، لكنهم حتما يملكون مشروع هدمها.
ومع النجاح المخيف للعملية من خلال تحقيق أهدافها، وخلق بيئة فوضى وخراب أمني لإفساد العرس «الإخواني» بين حماس وحزب الحرية والعدالة الحاكم، فإن من الصحيح جدا أن التنظيمات الصغيرة في منطقة سيناء لها خصوصيتها المتشابهة مع الجماعات السلفية المناوئة لحماس في قطاع غزة؛ والمباينة لاستراتيجية تنظيم القاعدة القائمة على بناء إمارات إسلامية في مناطق التوتر وغياب الاستقرار الأمني؛ إلا أن موقفها من أداء «الإخوان» السياسي ورؤيتهم لطبيعة التغيير لم يتجاوز ما سطره أيمن الظواهري في «فرسان تحت راية النبي»؛ حيث القطيعة مع مشروع «الإخوان» للتغيير الشمولي السلمي، وهو موقف انحنت فيه «القاعدة» كما التيارات الأخرى لعواصف «الإخوان» التي اكتسحت الواقع.
خصوصية جماعات التطرف المسلح في سيناء مرتبطة بالأرض والجغرافيا، ومرتبطة بالبناء والتكوين القبلي لتلك الجماعات، وزادها رهقا الإهمال الذي طرأ على المنطقة منذ عهد مبارك، والذي أسهم في حالة الاحتقان، إضافة إلى إنتاج مناخات رطبة لنمو بذور الجماعات الإرهابية، وربما كانت أيضا حساسية الجغرافيا وطبيعة القرب من إسرائيل في غض الطرف عن سرطان الإرهاب الذي نمت خلاياه بدافع قطع الطريق على استغلال ذلك للضغط على قطاع غزة، إضافة إلى الدخول في تجاذبات حول سيناء وكأنهم يعيدون لازمة الفاجومي والشيخ إمام:
«ح تقول لي سينا وما سيناشي
ما تدوشناشي
ما ستميت أوتوبيس ماشي
شاحنين أنفار
إيه يعني لما يموت مليون
أو كل الكون
العمر أصلا مش مضمون
والناس أعمار».
تعامل «الإخوان» مع الحدث لم يكن على مستواه؛ بل كلمة الرئيس مرسي بدت حذرة ومترددة في حين أن الإرهاب (بالمناسبة لم ترد لفظة الإرهاب في التصريحات الرسمية) يحتاج إلى أقوال وأفعال صارمة وواضحة تسمي الأشياء بأسمائها، وتضع إصبع الحقيقة على جرح المشكلة، هناك أزمة جماعات مسلحة في سيناء، وهي متفرعة من أزمة أكثر عمقا حول التعامل مع المنطقة منذ تحريرها
فالتقسيم الإداري في سيناء بين الشمال والجنوب يستند إلى فرز قبلي، حيث حدود الجنوب لقبيلة الطورة في مقابل حدود الشمال التي يسيطر عليها قبيلتا التياها والترابين، وهذا التقسيم أسهم في تعميق حدود الولاءات والتفرد بالموقف السياسي؛ بل والعيش في حالة الانفصال السياسي الذي هو أكثر كارثية من الانفصال الجغرافي عن سيادة الدولة، في الأولى أنت بحاجة إلى جهود مضنية جدا لإدماج هذه الكتل البشرية وإذابتها في جسد الدولة، وفي الثانية أنت بحاجة إلى استراتيجية أمنية فحسب
وحتى على مستوى جهتي منطقة سيناء، فهناك تباين كبير بين جنوبه المشغول بالسياحة والترهيب والشمال المتكئ على مناطق زراعية واسعة، لكن مع إهمال تنموي يصل إلى حدود الإقصاء، وهذا ما أثر على طبيعة المستوى الاقتصادي لصالح الجنوب الذي بات حلقة وصل بين غزة والعريش تنتعش فيه كل طرائق ووسائل التهريب والتمويل الذاتي، وهي أجواء ملائمة لنشوء الجماعات الجهادية التي لا تحتاج سوى فرصة مواتية لطرح شعاراتها المعادية واكتساب المزيد من الأنصار والكوادر، لا سيما أن الدخول في النسيج القبلي المتماسك والمحافظ أكثر سهولة بحكم القواسم المشتركة على مستوى «الخطاب» و«الممارسة».
وإذا كان حال «سيناء» سيئا في زمن ما قبل الثورة؛ فإنه ولا شك بات أكثر سوءا بعدها بسبب انتقال وترحيل مشكلات النظام السابق؛ بل وتعميقها عبر حالة الإنكار للتطرف، إضافة إلى قدر أهل سيناء الذي حرمهم حتى من تمثيل سياسي بسبب ما قيل حينها من الأهالي من حالات التزوير في احتساب الأصوات الانتخابية لمرشحي القبائل.
وإذا كانت آلة الدعاية السياسية ل«الإخوان» قد أطلقت مفاعيلها نحو مرمى نظرية المؤامرة، فهو يبدو الحل الأكثر جهوزية لترحيل المشكلة بسبب حالة اللاحسم في مرحلة ما بعد معاهدة السلام الإسرائيلية التي أسهمت في هشاشة الوضع هناك بسبب تقليص الحضور للجيش وغياب الوعي الأمني بخصوصية المنطقة، وهو ما عبر عنه السكان وبشكل عنفي في الرد على حوادث الاعتقال التي كانت تجري بين فترة وأخرى.
التطرف المسلح مهما اختلفنا في تقدير حجمه وقدراته هو واقع موجود مسنود بحالة فراغ سياسي وأيضا بامتدادات آيديولوجية وحتى عائلية مع جماعات مسلحة في الضفة الأخرى ضاقت ذرعا بحماس وأدائها السياسي.
ولا يقل خطأ تعامل «الإخوان» مع حادثة سيناء التي تعد جرس إنذار عالي الرنين عن خطأ خصوم «الإخوان» الذين عبروا عن انتهازية سياسية بمحاولة استغلال الحادثة الإرهابية في ضرب «إسفين» بين «الإخوان» وحماس وهو ترحيل آخر للمشكلة عبر حرفها عن مسار قراءتها بشكل صحيح، ومن ناحية أخرى فإن إغلاق المعابر أو زيادة الضيق على حماس سيسهم في اتساع رقعة فشلها السياسي على الأرض وهو ما سيفجر الأوضاع حتما.
صوت الشعارات من «الإخوان» وخصومهم حتما لن يعلو على صوت الإرهاب متى ما أهملت الأسباب والمسببات أو تم إلقاؤها في بركة الأعداء، يمكن أن تطلق وعودا اقتصادية واجتماعية وسياحية في الهواء الطلق وتنتظر المرتقبين لك؛ لكن من الصعب جدا أن تجابه الرصاص بالكلمات حتى لو مصوبة من أهلك وعشيرتك.
[email protected]
نقلا عن الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.