اتفق أهل العلم على أن قوله تعالى: «وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى» في الآية 5 من سورة الضُحى، إنما هو وعد من الله سبحانه وتعالى بأن يرضي رسوله – صلى الله عليه وسلم-، إلا أنهم اختلفوا فِي الَّذِي وَعَدَهُ مِنَ الْعَطَاءِ. فقال بعض المفسرين أن عطاء الله ذلك الذي وعد به نبيه، هو أَلْفَ قَصْرٍ مِنْ لُؤْلُؤٍ، تُرَابُهُنَّ الْمِسْكُ، وَفِيهِنَّ مَا يُصْلِحُهُنَّ، وَذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فيما َقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ أن مَنْ رِضَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلاَّ يَدْخُلَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ النَّارَ، وذهب البعض إلى أن من رضاه – صلى الله عليه وسلم – شفاعته لأمته، والا يدخل أحدهم النار. وحدثنا ابن كثير في تفسيره ج4 ص522 أن أبو عمر الأوزاعي روى عن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر المخزومي عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه قال: "عرض على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ما هو مفتوح على أمته كنزًا كنزًا، فسُر بذلك فأنزل الله {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}، فأعطاه في الجنة ألف ألف قصر في كل قصر ما ينبغي له من الأزواج والخدم. والحديث رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريقه وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس ومثل هذا ما يقال إلا عن توقيف، وجاء أنه رواه ابن جرير كما قال الحافظ ابن كثير ج30 ص232 من طريقين عن الأوزاعي في أحدهما عمرو بن هشام البيروني الراوي عن الأوزاعي وهو ضعيف وفي الأخرى رواد بن الجراح مختلف فيه، فمن وثقه لصدقه وديانته ومن جرحه فلأنه اختلط. وأخرجه الحاكم وصححه ج2 ص526، وتعقبه الذهبي قائلا: انفرد به عصام بن رواد عن أبيه وقد ضعف وأخرجه الطبراني في الكبير والأوسط. وذكر الهيثمي ورواية الأوسط قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "عرض علي ما هو مفتوح لأمتي من بعدي فسرني" فأنزل الله {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى} فذكر نحوه وفيه معاوية بن أبي العباس ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات، وإسناد الكبير حسن، وأخرجه أبو نعيم في الحلية ج3 ص212 عن الطبراني الذي رواه في الكبير ج10 ص336وفيه عمرو بن هاشم البيروتي، ثم قال هذا حديث غريب من حديث علي بن عبد الله بن العباس لم يروه عنه إلا إسماعيل ورواه سفيان الثوري عن الأوزاعي عن إسماعيل مثله. وأوضح الجمهور وجه الدلالة، في خصوصية المخاطب والعطاء (أيًا كان عطاءًا عامًا للنبي أو خاصأ على خلاف لكنه للنبي عليه الصلاة والسلام)، وأن ذلك في الآخرة، فقال ابن عباس: رضاه أن لا يدخل أحد من أهل بيته النار.وقال أيضا : رضاه أنه وعده بألف قصر في الجنة بما تحتاج إليه من النعم والخدم، كما قيل : في الدنيا بفتح مكة وغيره ، والأولى أن هذا موعد شامل لما أعطاه في الدنيا من الظفر، ولما ادخر له من الثواب.