طالعتنا وسائل الاعلام الخميس الماضي بفاجعة طائرة باريس المنكوبة والتي راح ضحيتها مايقرب من 66 ضحية نحسبهم جميعا عند الله من الشهداء، ومنذ ذلك اليوم المشؤوم، تعيش مصر حزينه علي أبنائها المصريون الضحايا، فمنهم أسر كاملة، أو شباب وشابات، أو أباء وأمهات او رضع واطفال، وغيرهم من البشر الابرياء. قصص وحكايات انسانية متعددة نقلها اصدقاء واقارب الضحايا، تدمي لها الالباب قبل العيون التي تمطر مطرا اسودا حزنا عليهم، حكايات انسانية لا تقل ألما عن بعضها البعض، ولعل اهمها ما يخص أطفال الضحايا الأبرياء. أطفال أيتام، وزهور بريئة لم تتفتح اوراقها التي ذبلت قبل ربيعها واوان بذوغ ثمارها، فامتلات قلوبهم الصغيرة بالحزن بعد فاجعه موت الأم، أو الأب والأم سويا. فقدوا الحنان بوفاة والديهم أو أحدهما قضاء وقدرا، ممن أدركهم الموت تنفيذا لأمر الله العزيز الخالق الذي استرد وديعته، ولكل اجلا كتاب، ونتضرع إليه سبحانه ان يرحمهم ويتولي برحمته اطفالهم الايتام في هذه الايام المباركة. هولاء الأطفال الأيتام تعرضوا في الأيام السبعة المنصرمة لضغوط نفسية ليس فقط جراء الحادث الاليم، ولكن جراء ما تنقله مواقع التواصل الاجتماعي، والإعلام ومبادرات بعض الإشخاص لجمع تبرعات وهمية لبعض هولاء الاطفال، مما تسبب لهم ولجدودهم، اومتولي رعايتهم في وصمة وخجل بلا مراعاه لحالتهم النفسية، وحالة الاسر المكلومة اثر هذه الفاجعة! هولاء الأطفال في حاجة ماسة إلي برامج عاجلة قصيرة المدي، و طويلة المدي لاعادة التاهيل النفسي والمعنوي،من تاثير اعراض ما بعد الصدمة،فهم ليسوا فقط أطفال ايتام، ولكن اطفال شاهدوا، وسمعوا عن كارثة ليست بالهينة، كارثة وصدمة سرقت منهم اعز الناس، ومن ثم قد تودي هذه المصيبة إلي اصابتهم مستقبلا بحالة مرضية من الخوف، والهلع من اي وسيلة مواصلات، واولها الطائرة وغيرها. قد ينتاب هولاء الأطفال الخوف من البحر والماء! وقد يصابوا بكوابيس واحلام مفزعه، والمراهقون منهم قد ينجرفوا إلي هاوية تعصف بمستقبلهم محاولة للنسيان، وقد تؤثر مجددا علي قدرتهم علي التحصيل الدراسي. ويتحدث المتخصصون كثيرا عن مشاعر الطفل اليتيم إذا فقد احد والديه أو كليهما، وهي مشاعر يمتزج فيها الخوف، والخجل، وتفضيل الانطواء، والعزلة، والاكتئاب، فيشعر الطفل اليتيم بالوحدة التي تنمو بداخله كل يوم حتي تزدهر وتصبح شجرة كبيرة افرعها الياس وثمارها العلقم... ويكون السؤال الصعب للطفل اليتيم : اين ماما او اين بابا؟ سؤال يسالة له اطفالا في مثل سنة او كبارا في مناسبات عديدة، وهو ما يجعله ياثر العزلة! وفي الحالة الخاصة جدا لهؤلاء الاطفال ابناء ضحايا الطائرة المنكوبة ستتجدد الاحزان من خلال وسائل الاعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي لاجل لا نعلم مداه... ومن هنا نناشد كل هؤلاء توقفوا عن التحليل السياسي، والقانوني والحديث الذي لن يعود علي هولاء الاطفال الا بالمزيد من الياس والاحباط! ما اصعب الايام القادمة علي هولاء الاطفال، وهي قدوم شهر رمضان وعيد الفطر! نتمني ان تكون هناك خطة حقيقية، وبرنامج عملي وتواصل مستمر من المؤسسات المعنية لدعم هؤلاء الاطفال الايتام ابناء ضحايا الطائرة المنكوبة، رعاية ودعم بلا وصمة! رعاية وحنان من القلب! يكون هناك من يسال عنهم ويرعاهم مراعيا حساسية الوضع. ونؤكد علي أن الدعم المعنوي هو الأهم إلي جانب الدعم المالي المطلوب بالتنسيق مع متولي رعاية هؤلاء الأطفال، فهؤلاء الأطفال مصريون لهم حقوق كفلها الدستور، وقد قال الله سبحانه وتعالي في كتابة الحكيم.. وأما اليتيم فلا تقهر.. وقال عنه الرسول الكريم انا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين وأشار باصبعية السبابة والوسطي. نأمل في ان تتحول حقوق هؤلاء الأطفال الايتام ممن فقدوا ذويهم في الطائرة المنكوبة إلي واقع لتخفيف مشاعر الالم والحسرة والحزن. رحم الله ضحايا طائرة باريس المنكوبة وكان الله في عون اطفالهم الايتام وذويهم.