السلفية والسياسة: التيه بين النص والواقع.. قراءة في التحولات الكبرى    شركة العاصمة الإدارية: لا ديون علينا.. وحققنا 80 مليار جنيه أرباحًا خلال 3 سنوات    متحدث الكهرباء: 15.5 مليار جنيه خسائر سرقات واستهلاك غير قانوني    وزير الاتصالات: مصر تقفز 47 مركزًا عالميًا بمؤشر جاهزية التحول الرقمي    نيجيريا: تحرير 130 تلميذًا وموظفًا خطفهم مسلحون من مدرسة الشهر الماضي    بوتين يصف اتفاقية الحدود بين دول آسيا الوسطى ب"التاريخية"    ضبط سورى بجنسية مزورة يعمل داخل وزارة الدفاع الكويتية.. اعرف التفاصيل    بحضور عضوي مجلس إدارة الأهلي، محمود بنتايك يحتفل بزفافه على سندس أحمد سليمان    إصابة 8 أشخاص في تصادم بين سيارتين على طريق المنصورة    للمرة الثانية خلال يومين.. إخلاء سبيل إبراهيم سعيد في اتمامه بسب وقذف طليقته    ريهام عبد الغفور: خريطة رأس السنة محطة استثنائية في مسيرتي الفنية    دوميط كامل: الدول المتقدمة تُقدّم حماية البيئة على المكاسب الاقتصادية مهما بلغت    الدفاع الروسية تعلن إسقاط 35 مسيرة أوكرانية خلال ساعات    عماد الدين أديب: ترامب ونتنياهو لا يطيقان بعضهما    الكرملين: روسيا تدرس مقترحات خطة السلام بناء على اتصالاتها في ميامي    رسميا.. إبراهيم دياز رجل مباراة المغرب وجزر القمر فى افتتاح الكان    أكسيوس: لا توجد مؤشرات حتى الآن على هجوم إيرانى وشيك ضد إسرائيل    سفيرة مصر بتايلاند تؤكد التزام القاهرة بدعم الجهود الدولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية    أمم إفريقيا - محمود صابر: نهدف الوصول لأبعد نقطة في البطولة    خالد الغندور: توروب رفض التعاقد مع محمد عبد المنعم    لعبة في الجول – أمم إفريقيا.. شوت في الجول واكسب البطولة بمنتخبك المفضل    رئيس غرفة البترول باتحاد الصناعات: مصر بها 34 معدنًا مدفونًا في باطن الأرض    بيان عاجل من المتحدث العسكري ينفي صحة وثائق متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي| تفاصيل    اعترافات المتهم بقتل زميله وشطر جثمانه 4 أجزاء في الإسكندرية: فكرت في حرق جثته وخشيت رائحة الدخان    إخلاء عاجل لفندقين عائمين بعد تصادمهما في نهر النيل بإسنا    سائق يقتل زوج شقيقته إثر نزاع عائلي على شقة ميراث بالخانكة    من حقول الطماطم إلى مشرحة زينهم.. جنازة مهيبة لسبعة من ضحايا لقمة العيش    مصرع فتاة إثر تناول قرص غلال سام بالمنيا    ضبط 286 قطعة سلاح أبيض خلال حملات أمنية خلال يوم    أبناؤنا أمانة.. أوقاف بورسعيد تطلق خارطة طريق لحماية النشء من (مسجد لطفي)| صور    محمد سلام في العرض الخاص لفيلم خريطة رأس السنة    تعرف على جوائز الدورة ال7 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي للفيلم القصير    "بنتي بتقولي هو أنت كل سنة بتموت"، تصريحات قوية من عمرو زكي عن حالته الصحية    بالصور.. ختام الدورة السابعة لمهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    تطورات الحالة الصحية لإدوارد بعد ظهوره على كرسي متحرك    أستاذ بالأزهر يوضح فضائل شهر رجب ومكانته في ميزان الشرع    الصحة توضح آليات التعامل مع المراكز الطبية الخاصة المخالفة    عصام الحضرى: مصر فى مجموعة صعبة.. والشناوى سيكون أساسيا أمام زيمبابوى    هاني البحيري: يد الله امتدت لتنقذ أمي من أزمتها الصحية    عمرو زكى: اتحاد الكرة مش بيحمى حسام حسن.. وأمى مقهورة بسببى    تامر النحاس: سعر حامد حمدان لن يقل عن 50 مليونا وصعب ديانج يروح بيراميدز    نجاح عملية معقدة لتشوه شديد بالعمود الفقرى بمستشفى جامعة كفر الشيخ    بدون تدخل جراحى.. استخراج 34 مسمارا من معدة مريضة بمستشفى كفر الشيخ العام    سلوكيات خاطئة تسبب الإصابة بالفشل الكلوي    بعد 18 عاماً من الإشارة إليها فى «أخبار الأدب» |قريبًا .. السيرة الشعبية المفقودة للحاكم بأمر الله متاحة للقراء    تكريم الزميل عبد الحميد جمعة خلال المؤتمر السادس لرابطة تجار السيارات 2025    الصحة: إغلاق 11 مركزًا للنساء والتوليد بسبب مخالفات تهدد سلامة الأمهات    الصحة توضح أسباب اعتداء الطلاب على زميلهم في أكتوبر    دعاء أول يوم في شهر رجب.. يزيد البركة والرزق    جامعة العاصمة تنظم معرضا متكاملا بالتعاون مع محافظة القاهرة    وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات وحدات المبادرة الرئاسية" سكن لكل المصريين" بعددٍ من المدن الجديدة    تعليم الغربية: عقد لجنة القيادات لتدريب 1000 معلم لقيادة المدارس كمديرين    برلمانية المؤتمر: تعديلات قانون الكهرباء خطوة ضرورية لحماية المرفق    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    انطلاق الإثارة في أمم إفريقيا 2025.. المغرب يواجه جزر القمر في افتتاح المجموعة الأولى    محافظ القاهرة جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    الإفتاء: الدعاء في أول ليلة من رجب مستحب ومرجو القبول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حلب.. "بلد المجازر" عرض مستمر من المغول إلى الأسد.. عصيت على الغزو الصليبي وازدهرت في العهد العثماني
نشر في صدى البلد يوم 30 - 04 - 2016

* "حلب".. عمرها 7000 سنة وفتحها المسلمون عام 637 ميلاديا على يد خالد بن الوليد
* فتحها اليونانيون على يد الإسكندر المقدوني في القرن الثالث قبل الميلاد
* احتلها هولاكو بعد قصف 6 أيام متواصلة بالمجانيق
* سعد الله الجابري "الحلبي" أول رئيس حكومة وطنية بعد الاستقلال عن الدولة العثمانية
* "حلب" تضم أكثر من 150 من عيون الآثار التاريخية لمختلف الحضارات الإنسانية
تشهد مدينة حلب السورية هذه الأيام تصعيدًا عسكريًّا من قبل قوات النظام؛ حيث بدأت مقاتلات النظام بمساعدة روسية قصف العديد من المناطق بالمدينة، وكان من بينها مستشفى مدني في حلب يوم الثلاثاء الماضي، ما أدى إلى مقتل 45 مدنيا، وتفيد التقارير حول الخسائر المخلفة جراء القصف العسكري للمدينة 250 قتيلا، من بينهم 34 طفلا و20 امرأة.
وفي سابقة هى الأولى من نوعها منذ ما يقارب ال1400 سنة وللحفاظ على أرواح المسلمين من القصف الدموي المسيطر على حلب، علقت أمس "صلاة الجمعة"، نظرًا لشدة القصف وعدم تمييز مقاتلات النظام السوري بين المدنيين ومسلحي المعارضة؛ حتى وصل استهدافهم لأي تجمع مهما كان سواء في مدرسة أو مستشفى أو حتى في مسجد.
وأمام هذه الأحداث التي تتعرض لها المدينة، أطلق نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي حملة تضامن باسم "#حلب_تحترق"، داعين إلى إنقاذ المدينة وسكانها من الدمار، إلا أن هذه المدينة التاريخية القابعة منذ 7000 سنة، يبدو أنها على موعد عبر العصور مع الحروب والصراعات والمجازر نظرا لموقعها المتميز بين الشرق والغرب، وهو ما جعلها مطمع الغزاة على مر التاريخ، ونحاول في التقرير التالي رصد السر وراء ضراوة قصف النظام السوري لمواطنيه في "حلب" باستعراض تاريخ هذه المدينة وإيضاحه.
7 آلاف عام
تصنّف حلب من بين أقدم المدن المأهولة في التاريخ البشري، إذ يعود تاريخها إلى نحو 7 آلاف عام قبل الميلاد، ويعود أصل تسمية المدينة، وفقا للأسطورة الموجودة في الكتاب المقدس، إلى النبي إبراهيم، الذي كان عنده ماعز، وفي روايات أخرى أغنام أو بقر، كان يربيها على التلة ويحلبها، فصار يقال "حَلَبَ إبراهيم"، ذلك لأن الفقراء كانوا ينتظرون الحليب الذي يوزعه إبراهيم عليهم.
وتشتهر المدينة بقلاعها الحصينة عبر العصور، فقلعتها الشهيرة بنيت في القرن ال12 للتصدي للحملات الصليبية، فالمدينة السورية تعرف بأسوارها وأبوابها وقلاعها العظيمة، وتعد قلعة حلب من أهم معالمها التاريخية، ومن أهم القلاع في العالم، وتقع وسط المدينة على ارتفاع عشرات الأمتار عن مستوى بقية المدينة، واحتفظت القلعة طيلة الفترات التاريخية بأهمية عسكرية واستراتيجية كبيرة، علما بأن قوات رئيس النظام بشار الأسد تستخدمها حتى اليوم في معاركها مع المعارضة المسلحة.
وفي العهد المسيحي، أصبحت حلب إبارشية، وأقيمت فيها كاتدرائية ما زالت قائمةً حتى اليوم، ثم فتحها المسلمون في العام 636 للميلاد (16 للهجرة) على يد الصحابيين الجليلين أبي عبيدة عامر بن الجراح وخالد بن الوليد، وازدهرت في العهد الإسلامي، وكانت من أهم المدن في الفترة الأموية.
وبلغت ذروة ازدهارها في فترة الدولة الحمدانية، حيث كانت عاصمةً لها وقبلة لعلمائها وشعرائها، وشهدت المدينة حينئذ ازدهارا كبيرا في مجالات العلم والطب والأدب، ومنها أيضا قاد سيف الدولة معاركه الكثيرة ضد الروم، وقد خلد تلك الفترة وما حفلت به من مآثر وأمجاد عدد من أبرز شعراء العرب، وعلى رأسهم أبو الطيب المتنبي وأبو فراس الحمداني.
أهم معالم حلب
وقد صنفت منظمة اليونسكو "حلب" ضمن المدن التاريخية لأهميتها الكبيرة واحتوائها على أكثر من 150 من عيون الآثار التاريخية لمختلف الحضارات الإنسانية التي عاشت في المدينة وتعاقبت على حكمها حتى اليوم، كما اشتهرت بأسواقها المتنوعة التي سميت بأسماء الحِرف والصناعات، مثل سوق العطارين وسوق الحدادين وسوق النحاسين، كما عُرفت أيضا بمساجدها وكنائسها، ومن أهم مساجدها وجوامعها الجامع الكبير الذي بني في العهد الأموي.
عاصمة سوريا الاقتصادية
تعد حلب العاصمة الاقتصادية لسوريا وفيها أكبر مدينة صناعية. عرفت واشتهرت بصناعاتها العريقة المعروفة منذ القدم كصناعات النسيج وحلج القطن وصناعة صابون الغار وصناعات زيت الزيتون والصناعات الغذائية، كما تشتهر بأنواع كثيرة من المنتجات والصناعات التقليدية، إضافة إلى الصناعات الحديثة المتطورة بكل أنواعها.
وتطورت هذه الصناعات في العصر الحديث لتشمل الأجهزة الكهربائية بأنواعها، والمعدات والآلات الصناعية، وصناعة هياكل السيارات وقطع الغيار، والسيراميك، والملابس الجاهزة، والبلاستيك، والصناعات الكيميائية، والمشغولات الذهبية.
الأهمية العسكرية
وتعود أهمية "الشهباء" الاستراتيجية لكونها نقطة وصل رئيسة بين الشرق والغرب، كما ظلت طيلة عهودها الغابرة مركزا سياسيا واقتصاديا ودينيا وحيويا مهما بسبب توسطها بين العالمين الشرقي والغربي ومرور طريق الحرير فيها.
أبرز المعارك
في عصور ما قبل التاريخ، كانت حلب عاصمة مملكة مستقلة هي مملكة أرمان، قام الأكاديون بتدميرها في القرن ال23 قبل الميلاد.
وظهرت تسمية "حلب" لأول مرة في فترة الدولة البابلية القديمة وكانت وقتها عاصمةً لسلالة العموريين لمملكة يمحاض (حوالي 1800-1600 قبل الميلاد) التي دمرت على أيدي الحثيين. استقرت حلب لاحقا في أيدي الآراميين كعاصمة لمملكة تل رفعت، وفي نهاية القرن ال9 قبل الميلاد أصبحت تابعة للآشوريين. ثم سقطت بيد البابليين. وسيطر عليها الفرس في نهاية العصر الحديدي. ثم فتحها اليونانيون على يد الإسكندر المقدوني في القرن الثالث قبل الميلاد.
وصارت منذ منتصف القرن الأول قبل الميلاد وحتى القرن السادس الميلادي تحت حكم الرومان، وإن ظلت اليونانية لغتها المحكية. وفي بداية القرن ال7 غزاها الساسانيون لفترة وجيزة. ثم فتحها القائد المسلم خالد بن الوليد.
الفتح الإسلامي
فتحت مدينة حلب بقيادة خالد بن الوليد في العام 637 ميلادي، لتشكل جزءا من عصر الخلافة الراشدة، ثم الدولة الأموية ومن بعدها العباسية.
في العام 944، غدت عاصمة الدولة الحمدانية تحت حكم سيف الدولة الحمداني، عاشت المدينة عصرا ذهبيا أيام الأمير سيف الدولة وكانت أحد الثغور المهمة للدفاع عن العالم الإسلامي في وجه المد البيزنطي.
"حلب" عصية على الغزو الصليبي
واحتلت المدينة لفترة قصيرة بين عامي 974 و987، أثناء الصراع البيزنطي-السلجوقي، وتمت محاصرة حلب أيضا مرتين أثناء الحروب الصليبية عامي 1098 و1124، إلا أن الجيوش الصليبية لم تتمكن من احتلالها لمناعة تحصينها.
هولاكو يحتل على "حلب"
انضوت حلب تحت حكم صلاح الدين في عهد الدولة الأيوبية منذ عام 1183، وفي 24 ديسمبر من العام 1260، تم احتلال المدينة من قبل المغول تحت قيادة هولاكو بالتعاون مع حاكم أنطاكية بوهيموند السادس.
ودافعت عن المدينة حامية متواضعة من قبل الملك الأيوبي غياث الدين طوران شاه، وسقطت بعد 6 أيامٍ من القصف المستمر بالمجانيق، وسقطت القلعة بعدها ب4 أسابيع.
استعاد المملوكيون زمام المبادرة بعد انتصارهم في موقعة عين جالوت في 3 سبتمبر من العام 1260 بقيادة الملك المظفر سيف الدين قطز، وقُتل القائد النسطوري كتبغا الموالي لهولاكو، ولتتم استعادة دمشق بعدها ب5 أيام وحلب بعدها بشهر.
حلب في العهد العثماني
أضحت حلب جزءا من الدولة العثمانية في العام 1516، وكان تعداد السكان في العام 1516 حوالي 50 ألف نسمة، وكانت مركز ولاية حلب وعاصمة سوريا، ونظرا لموقعها الاستراتيجي القريب من الأناضول، لعبت حلب دورا محوريا في الدولة العثمانية، وكانت المدينة الثانية بعد القسطنطينية، والمدينة الرئيسية للتجارة بين بلاد الشرق والغرب.
وابتداءً من القرن ال18 بشكل خاص، بدأ القناصل والتجار الأوروبيون يقبلون على السكن في "الشهباء" مع عائلاتهم مؤسسين بذلك سلالات راسخة، لكن الاقتصاد في المدينة تأثر بشدة بعد افتتاح قناة السويس في العام 1869، لتنتعش دمشق اقتصاديا ولتعود لها أهميتها الحيوية كمركز العاصمة السورية مرة أخرى بعد أفول نجمها كما في أيام العباسيين والأيوبيين.
عهد الاستقلال
بعد الثورة العربية وخروج العثمانيين من بلاد الشام نهاية العام 1918، أعلن عن قيام المملكة السورية العربية بحدود ضمت ما يماثل اليوم سورية ولبنان وفلسطين والأردن، وشمل ذلك لواء اسكندرون وأنطاكية وأراضي الأقاليم السورية الشمالية في الأناضول، إلا أنه، ونتيجة الرفض التركي للاتفاقيات (سايكس-بيكو وسيفر) بالإضافة لمعارك الاستقلال التي خاضها القائد التركي مصطفى كمال آتاتورك، فقد عقدت اتفاقية جديدة في العام 1923 عرفت باسم "معاهدة لوزان" لتعديل الحدود، تم بموجبها التنازل عن الأقاليم السورية الشمالية لتركيا.
شاركت حلب بقوة في الحياة السياسية ما بعد الاستقلال، فكان أول رئيس حكومة وطنية من حلب وهو سعد الله الجابري، وبعد فترة تبعه ناظم القدسي، ومعروف الدواليبي وآخر رئيس حكومة من مدينة حلب كان محمد ناجي عطري.
الثورة السورية
قبل 5 سنوات، كانت هذه المدينة الوادعة من أكثر مدن سوريا أمانا، وكانت رائحة الزعتر وصابون الغار الحلبي ذي السمعة الشهيرة تفوح من شوارعها ومحالها التجارية وأسواقها القديمة.
المدينة مهددة الآن بالدمار الكامل بعد أن تهدّمت أجزاء واسعة منها بفعل القصف العنيف عليها والمعارك المحتدمة منذ 5 أعوام.
وتخشى منظمة اليونسكو أن تتعرض مواقع التراث العالمي في هذه المدينة لأضرار لايمكن إصلاحها أو ترميمها، وتجسد تلك المواقع التراثية، على نحو خاص، التنوع الديني والعرقي في سوريا.
للمدينة أبواب 9 قديمة شهيرة لا يزال معظمها صامدا حتى اليوم. تعرّض محيط باب الحديد أو "بنقوسا" للقصف بالقذائف الصاروخية والبراميل المتفجرة، كونهُ يقع حاليا ضمن سيطرة المعارضة في حلب، لكنهُ لا يزالُ واقفا على بُعد مئات الأمتار من الباب الأثري الآخر "باب النصر" الذي تعرّض لأذى أكبر نظرا لوقوعه على خطوط التماس.
تتوزع بقية أبواب حلب "باب أنطاكية" و"باب قنسرين" و"باب المقام" و"باب النيرب" و"باب الأحمر" و"باب الجنان"، بين شطري حلب، بعد أن أمست المدينة مقسمة إلى نصفين "شرقية وغربيّة".
منع صلاة الجمعة لأول مرة
تحوي حلب العدد الأكبر من المساجد في سوريا، ومع ذلك فقد تم إلغاء صلاة الجمعة فيها لأول مرة منذ دخولها الإسلام يوم الجمعة 29 أبريل 2016، نتيجة استمرار المجازر من طيران الأسد والطيران الروسي اللذان يتناوبان على قصف المدينة.
مجازر التتار
في العام 1260، سقطت مدينة حلب في يد التتار، وهي أول مدينة شامية واجهت الغزو المغولي بعد سقوط بغداد، حيث خرج هولاكو في العام 1259 مع حلفائه من أمراء جورجيا وأرمينيا من عاصمة دولته مراغة في أذربيجان، متجها إلى الشام، فاستولى على مدينة ميافاريقين عاصمة ولاية ديار بكر، وكانت تحت سيطرة الملك الكامل محمد الأيوبي.
لكن بعد عدة مواجهات سقطت المدينة في 25 يناير 1260، وأباح هولاكو المدينة لجنوده لمدة 7 أيام، فقتلوا الكثير من أهلها وسبوا العديد من النساء والأطفال، كما نهبوا القصور والممتلكات، وبعد أن انتهوا قاموا بحرقها.
معارك الانكشارية
الانكشارية هي طائفة عسكرية من المشاة العثمانيين شكّلوا تنظيما خاصا، فكانت لهم ثكناتهم العسكرية وشاراتهم ورتبهم وامتيازاتهم، قبل أن يعلنوا العصيان والتمرد في وجوه الدولة العثمانية، لكنهم كانوا واسعي النفوذ في العديد من الولايات التابعة لها.
ونشأ صراع الانكشارية مع طائفة الأشراف في العام 1798، حيث استطاع الانكشارية قتل الكثير منهم بعدما ضمنوا لهم خروجهم آمنين من مسجد "الأطروش"، لكنهم نكثوا بعهدهم.
كما تذكر موسوعة المعارف البريطانية وقوع مجزرة في حلب في العام 1814 على يد الانكشارية، إلا أن تفاصيلها مبهمة.
الفتنة الطائفية
وقعت "قومة حلب"، وهي مجزرة في 16 أكتوبر من العام 1850 ضمن أحداث فتنة طائفية بين المسلمين والمسيحيين القاطنين في حي الصليبة والجديدة بحلب، والتي نتج عنها مقتل 14 ألف شخص ونهب بيوت وكنائس.
وكان سبب المجزرة تعاظم نفوذ وثراء المسيحيين من سكان حلب مقارنةً بالمسلمين، حيث كان يرى مسلمو المدينة موكب القسيس ماكسيموس الثالث المظلوم، علامة من علامات سيطرة المسيحيين على المدينة.
لكن بدأت أحداث العنف، بعدما قرر سكان المدينة المسلمون رفض التجنيد الإجباري، حيث خرجت جماعات مسلمة مسلحة للهجوم على مساكن المسيحيين، بعدما فشلوا في اقتحام محل إقامة والي حلب العثماني مصطفى ظريف باشا.
"1980" عام المجازر
شهدت مدينة حلب في العام 1980 العديد من المجازر التي وقعت على يد النظام بهدف القضاء على جماعة "الإخوان المسلمين"، كان أهمها مجزرة حي المشارقة التي أسفرت عن مقتل 100 شخص تم دفنهم في مقابر جماعية، بالإضافة إلى مجزرة سوق الأحد التي وقعت يوم 13 يوليو 1980 وراح ضحيتها أكثر من 192 قتيلا، ومجزرة بستان القصر في 12 أغسطس 1980 وحصدت 35 ضحية من المدنيين، إضافة إلى مجزرتي حي الكلاسة والقلعة.
المجازر منذ الثورة
تعرضت حلب عقب انضمامها للمدن المؤيدة للثورة ضد نظام بشار الأسد للعديد من المجازر، كانت بدايتها في منتصف العام 2012، بعد دخول الجيش الحر إليها، وسيطرته على الجزء الشرقي من المدينة.
وفي 3 أكتوبر 2012، قتل أكثر من 60 شخصا، معظمهم من المدنيين، في انفجار 3 سيارات مفخخة في حلب شمال غربي سوريا، وفق حصيلة للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وفي 15 يناير 2013، قُتل 87 - غالبيتهم من طلاب جامعة حلب - بقذيفة سقطت على الجامعة، وتبادل النظام والجيش الحر الاتهامات بالمسئولية عنها.
في 29 يناير 2013، عُثر في نهر قويق بحي بستان القصر في حلب على جثث قرابة 80 شابا، معظمهم كانت أيديهم مقيدة خلف ظهورهم.
وفي أواخر مايو 2013، قالت الهيئة العامة للثورة السورية إن القوات النظامية أعدمت قرابة 50 من السجناء بسجن حلب المركزي.
وفي 22 يونيو 2013، أفادت المعارضة السورية بمقتل 191 شخصا في مجزرة بقرية "رسم النفل" بريف حلب، على يد النظام.
وفي 15 سبتمبر 2015، قُتل 35 شخصا، منهم 14 طفلا من خلال إصابتهم بصاروخ قُذف من جانب المعارضة السورية نحو الجانب الغربي للمدينة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.