* مدير أكاديمية ناصر العسكرية العليا السابق: * كان هناك رجال دين في داخل الجيوش الميدانية لإلقاء دروس لغرس حب الوطن وجزاء الشهادة * تكاتف الدول العربية واستخدام البترول كسلاح استراتيجي ومساندة الشعب للجيش من أسباب نصر 73 * العدو الإسرائيلي أقر بأن الجندي المصري قادر على القتال وتحقيق عنصر المفاجأة في 25 أبريل من كل عام، تحتفل مصر بذكرى تحرير «أرض الفيروز» سيناء، من الاحتلال الإسرائيلي، فقد تم تحرير الأرض المباركة، والتي خاضت مصر العديد من الحروب على مر التاريخ للمحافظة عليها في عام 1982، واكتمل التحرير بعودة طابا عام 1988، حيث قامت دولة الاحتلال الإسرائيلي باحتلال سيناء كاملة بعد حرب يونيو عام 1967، ومن بعدها، انطلق الكفاح المسلح بين الجيش والشعب في حرب الاستنزاف، وانتهت الملحمة الكبرى في نصر أكتوبر 1973. وبعد نصر أكتوبر، بدأت معركة أخرى، وهي «المعركة الدبلوماسية» بين مصر وإسرائيل، وكانت بدايتها المفاوضات للفصل بين القوات المصرية والإسرائيلية عام 1974 وعام 1975، ثم بعد ذلك مباحثات «كامب ديفيد»، التي أفضت إلى إطار السلام في الشرق الأوسط " وبعدها تم توقيع معاهدة السلام «المصرية – الإسرائيلية» عام 1979. وتتميز سيناء بمكانتها الجغرافية وتاريخها الواسع، فلقد ضحى من أجلها آلاف المصريين لكي يحافظوا على أغلى بقعة في الوطن، ينظر إليها العدو بنظرة «المفترس»، نظرا لموقعها الجغرافي والاستراتيجي، حيث إنها المفتاح لموقع مصر العبقري في قلب العالم بقارته وحضارته، وهي محور الاتصال بين آسيا وأفريقيا، وبين الشرق والغرب. وبمناسبة ذكرى تحرير سيناء، التقى موقع «صدى البلد» اللواء أركان حرب طه محمد السيد، مدير أكاديمية ناصر العسكرية العليا الأسبق، ليحدثنا عن شاهدته في حرب يونيو 67 ولحظات نصر أكتوبر 73، ومستقبل تنمية سيناء.. وإلى نص الحوار: ما هو توصيفك لحرب يونيو 67؟ حرب يونيو 67 لم تكن القوات المسلحة طرفا فيها لأنها لم تحارب وإنما ضربت قواعدها الجوية ودفع ثمنها الجندي المصري، حتى أثبت للعالم أنه قاهر المستحيل في اقتحام أكبر مانع تاريخي في العالم "خط بارليف". وماذا عن الجنود قبل الحرب.. كيف تمت تهيئة الضباط والجنود قبل حرب أكتوبر 1973؟ كان هناك بعض الجنود استمرت خدمتهم لأكثر من 7 سنوات ورفضوا النزول إجازات بعد حرب يونيو 67 لرؤية أهلهم، من أجل الاستعداد لنصر أكتوبر 73. وكانت القيادة العسكرية تقوم بإرسال رجال الدين وكبار العلماء بنطاق الجيوش الميدانية والمناطق العسكرية لإلقاء دروس دينية وللإجابة عن جميع الاستفسارات التي كانت تدور بعقولنا وغرس حب الوطن وجزاء الشهادة في نفوسنا. حدثنا عن اللحظات التي كانت قبل حرب أكتوبر وعبور الضفة الشرقية للقناة؟ لم أكن أعلم بموعد ساعة الصفر، وكنت في شهر سبتمبر 1973 بالقاهرة لحضور دورة تدريبية، وعدت إلى كتيبتي أثناء إجراء المناورة الحربية السنوية التي كانت تشارك فيها كل الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة، وخلالها اعتقدت أنني سوف أعود مرة أخرى للدرورة. وفى يوم 4 أكتوبر، قمت باستكمال مهامي من التدريبات بالكتيبة دون أن أعرف شيئا، حتى فوجئت يوم 5 أكتوبر، وعن طريق بالتسلسل المنطقي بأن ساعة الصفر اقتربت لتحرير الأرض وعبور القوات من خلال المظاريف المغلقة التي جاءت من القيادة العامة إلى كبار القادة وتم تعميمها علينا. ما كان دورك في حرب أكتوبر 73؟ كنت ملازم أول قائد فصيلة مشاه بنطاق الجيش الثالث الميداني في حرب أكتوبر، وكانت سعادتي كبيرة عندما عبرت القوات المصرية الضفة الشرقية للقناة ورفع علم مصر، مرددين هتافات وصيحات الله أكبر. وما هي مقومات وأسباب نصر أكتوبر 73؟ من أسباب النصر تكاتف الدول العربية واستخدام البترول كسلاح استراتيجي، فضلا عن تلاحم ومساندة كل طبقات الشعب ووقوفه خلفها. احك لنا عن أبرز المواقف التي لم تنسها؟ كان قائد الكتيبة التي كنت بها "مسيحي"، كما أن رئيس عمليات الكتيبة وبعض الجنود كذلك، وكانوا يصومون مثلنا في رمضان، حتى تحقق النصر على أسطورة الجيش الإسرائيلي، وضربوا أروع معاني التضحية والوحدة الوطنية، كما أنه في 13 أكتوبر تحديدا الرابعة صباحا كان مطلوب اختيار وحدة فرعية صغرى تؤدى مهام خارج الوحدة، وتسابق كل القادة والجنود لتحرير الأرض على الرغم من معرفتهم بأن الشهادة قريبة لكل منا. وكان الهدف هو تطوير الهجوم شرق القناة يومي 13 و14 أكتوبر بعد الوقفة التعبوية لتخفيف الأعباء على الجانب الآخر، وهو الجانب السوري، وذلك ضمن مهام الجيش الثالث، ونفذ المطلوب منا والحمد الله بالقدر المستطاع. ماذا رأيت داخل الجندي المصري بعد نصر 73؟ الجندي سطر اسمه بأحرف من نور فى تاريخ السجلات العسكرية بالعالم، وأصبحت حرب أكتوبر تدرس بكبرى المعاهد العسكرية لأن مستوى التعليم والتدريب بالقوات المسلحة ارتقى بشكل كبير قبل الحرب، وأقر العدو الإسرائيلي بذلك، وشهد العالم بأن الجندي المصري قادر على القتال وتحقيق عنصر المفاجأة للعدو. الأهمية الاستراتيجية لسيناء.. سيناء بمقوماتها الطبيعية ومواردها الزراعية والصناعية والتعدينية والسياحية، هي ركن من أركان استراتيجية مصر الطموح للخروج من الوادي الضيق حول وادي النيل. وتقع شبه جزيرة سيناء في الجزء الشمالي الشرقي من أرض مصر، على شكل مثلث رأسه إلى الجنوب وقاعدته إلى الشمال، يحده من الشرق خليج العقبة ومن الغرب خليج السويس، وإلى الشمال من هذا المثلث يكون الجزء الباقي على هيئة متوازي أضلاع حده الشمالي ساحل البحر الأبيض المتوسط، وحده الجنوبي هو الخط الفاصل الذي يصل بين رأس خليج العقبة ورأس خليج السويس، وحده الشرقي خط الحدود السياسية لمصر، وحده الغربي قناة السويس، وتبلغ مساحة شبه جزيرة سيناء نحو 61 ألف كيلو متر. بهذا المعنى، فإن سيناء بذاتها تمثل محورا أساسيا من محاور هذه الاستراتيجية التنموية طويلة الأمد، بالإضافة إلى كونها جزءا من مشروع تنمية قناة السويس الذي يحتضن أكبر عدد من مشروعات مصر العملاقة في غرب خليج السويس والعين السحنة وفي شرق بورسعيد وفي القناة نفسها التي ستظل شريانا حيويا من شرايين الاقتصاد والتجارة الدوليين.