تحرير سيناء وعودة "طابا" إلى السيادة المصرية تحكي للأجيال مدى أهمية إصرار وتمسك أبناء الوطن المصري بحدوده السياسية وعدم التفريط في شبرٍ واحدٍ من ترابِ هذا الوطن النفيس . وفي هذه الأيام التي تحتفل مصر فيها بذكرى تحرير سيناء، التقت "بوابة أخبار اليوم" باللواء طه السيد، ليحدثنا عن ذكرياته منذ الفترة السابقة لحرب 73 مرورا بالحرب ومابعدها. - ما هو توصيفك لحرب يونيو 67؟ قال: «إن حرب يونيه 67 لم تكن القوات المسلحة طرفا فيها لأنها لم تحارب وإنما ضربت قواعدها الجوية ودفع ثمنها الجندي المصري، حتى أثبت للعالم أنه قاهر المستحيل في اقتحام أكبر مانع تاريخي في العالم "خط بارليف". - وماذا عن الجنود قبل الحرب .. كيف تم تهيئة الضباط والجنود قبل حرب أكتوبر 1973؟ أوضح: «كان هناك بعض الجنود استمرت خدمتهم لأكثر من 7 سنوات يرفضون نزول أجازات بعض حرب يونيو 67، لرؤية أهلهم من أجل الاستعداد لنصر أكتوبر 73». وتابع «كانت القيادة العسكرية تقوم بإرسال رجال الدين وكبار العلماء بنطاق الجيوش الميدانية والمناطق العسكرية لإلقاء دروس دينية وللإجابة على كافة الاستفسارات التي كانت تدور بعقولنا وكيفية غرس حب الوطن في نفوسنا وجزاء الشهادة». - حدثنا عن اللحظات التي كانت قبل حرب أكتوبر وعبور الضفة الشرقية للقناة؟ أجاب: «لم أكن أعلم بموعد ساعة الصفر، وكنت في شهر ستمبر1973 بالقاهرة لحضور دورة تدريبية وعدت إلى كتيبتي أثناء إجراء المناورة الحربية السنوية التي كانت تشارك فيها كل الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة وخلالها اعتقدت أنني سوف أعود مرة أخرى للدورة». وأكمل: «في يوم 4 أكتوبر قمت باستكمال مهامي من التدريبات بالكتيبة دون أن أعرف شيئا حتى فوجئت يوم 5 أكتوبر بالصدفة بأن ساعة الصفر اقتربت لتحرير الأرض وعبور القوات من خلال المظاريف المغلقة التي جاءت من القيادة العامة إلى كبار القادة وتم تعميمها علينا». - ما كان دورك في حرب أكتوبر 73؟ قال: «كنت ملازم أول قائد فصيلة مشاة بنطاق الجيش الثالث الميداني في حرب أكتوبر ، وكانت سعادتي كبيرة عندما عبرت القوات المصرية الضفة الشرقية للقناة ورفع علم مصر مرددين هتافات وصيحات الله أكبر». - ما هى مقومات وأسباب نصر أكتوبر 73؟ كشف أن من أسباب النصر تكاتف الدول العربية واستخدام البترول كسلاح إستراتيجي فضلا عن تلاحم ومساندة كل طبقات الشعب ووقوفها خلف جيشها وقيادتها السياسية . - أحكي لنا عن أبرز المواقف التي لم تنساها؟ قال: «كان قائد الكتيبة التي كنت بها "مسيحي"، كما أن رئيس عمليات الكتيبة وبعض الجنود كذلك، وكانوا يصومون مثلنا في رمضان، حتى تحقق النصر على أسطورة الجيش الإسرائيلي ، وضربوا أروع معاني التضحية والوحدة الوطنية، كما أنه في 13 أكتوبر تحديدا الرابعة صباحا كان مطلوب اختيار وحدة فرعية صغرى تؤدى مهام خارج الوحدة تسابق كل القادة والجنود لتأدية المهام لتحرير الأرض على الرغم من معرفتهم بأن الشهادة قريبة لكل منا». وتابع: «كان الهدف هو تطوير الهجوم شرق القناة يومي 13 و14 أكتوبر بعد الوقفة التعبوية لتخفيف الأعباء على الجانب الآخر وهو الجانب السوري، وذلك ضمن مهام الجيش الثالث، ونفذ المطلوب منا والحمد الله بالقدر المستطاع». - ماذا رأيت داخل الجندي المصري بعد نصر 73؟ قال:«إن الجندي سطر اسمه بأحرف من نور في تاريخ السجلات العسكرية بالعالم وأصبحت حرب أكتوبر تدرس بكبرى المعاهد العسكرية لأن مستوى التعليم والتدريب بالقوات المسلحة ارتقى بشكل كبير قبل الحرب وأقر العدو الإسرائيلي بذلك وشهد العالم أن الجندي المصري قادر على القتال وتحقيق عنصر المفاجأة للعدو». - حدثنا عن الأهمية الإستراتيجية لسيناء إن سيناء بمقوماتها الطبيعية ومواردها الزراعية والصناعية والتعدينية والسياحية، هى ركن من أركان إستراتيجية مصر الطموحة للخروج من الوادي الضيق حول وادي النيل. وتقع شبه جزيرة سيناء في الجزء الشمالي الشرقي من أرض مصر، على شكل مثلث رأسه إلى الجنوب وقاعدته إلى الشمال يحده من الشرق خليج العقبة ومن الغرب خليج السويس، وإلي الشمال من هذا المثلث يكون الجزء الباقي علي هيئة متوازي أضلاع حده الشمالي ساحل البحر الأبيض المتوسط وحده الجنوبي هو الخط الفاصل الذي يصل بين رأس خليج العقبة ورأس خليج السويس، وحده الشرقي خط الحدود السياسية لمصر، وحده الغربي قناة السويس، وتبلغ مساحة شبه جزيرة سيناء نحو 61 ألف كيلو متر . بهذا المعنى، فان سيناء بذاتها تمثل محورا أساسياً من محاور هذه الإستراتيجية التنموية طويلة الأمد، بالإضافة إلى كونها جزءاً من مشروع تنمية قناة السويس الذي يحتضن أكبر عدد من مشروعات مصر العملاقة في غرب خليج السويس والعين السحنة وفي شرق بورسعيد وفي القناة نفسها التي ستظل شرياناً حيوياً من شرايين الاقتصاد و التجارة الدوليين.