تحل اليوم الأربعاء، ذكرى استشهاد حمزة بن عبد المطلب الهاشمي القرشي صحابي من صحابة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وعمُّه وأخوه من الرضاعة وأحد وزرائه الأربعة عشر، وهو خير أعمامه لقوله: «خَيْرُ إِخْوَتِي عَلِيٌّ، وَخَيْرُ أَعْمَامِي حَمْزَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا»، وهو أسنُّ من الرسولِ محمدٍ بسنتين، كما أنه قريبٌ له من جهة أمه. وأم سيدنا حمزة هي: هالة بنت وهيب بن عبد مناف، ابنة عم آمنة بنت وهب بن عبد مناف أمِّ الرسولِ محمدٍ. لُقِّب بسيد الشهداء، وأسد الله وأسد رسوله، ويكنى أبا عمارة، وقيل أبو يعلى. كان حمزة في الجاهلية فتىً شجاعاً كريماً سمحاً، وكان أشدَّ فتى في قريش وأعزَّهم شكيمة، فقد شهد في الجاهلية حرب الفجار التي دارت بين قبيلتي كنانة وقيس عيلان. وأسلم حمزة في السنة الثانية من بعثة النبي محمد، فلمَّا أسلم علمت قريش أن الرسولَ محمداً قد عز وامتنع وأن حمزة سيمنعه، فكفّوا عن بعض ما كانوا ينالون منه. ثم هاجر حمزة إلى المدينةالمنورة، فآخى الرسولُ بينه وبين زيد بن حارثة. وكان أولُ لواء عقده الرسولُ محمدٌ هو اللواءَ الذي عقده لحمزة، وشهد حمزةُ غزوة بدر، وقَتَلَ فيها شيبة بن ربيعة مبارزةً، وقتل غيرَه كثيراً من المشركين، كما شهد غزوة أحد، فقُتل بها سنة 3ه، وكان قد قَتَلَ من المشركين قبل أن يُقتل واحداً وثلاثين نفساً. وقتل سيدنا حمزة في معركة أحد على يد وحشي بن حرب الحبشي غلامُ جبير بن مطعم، ومثَّل به المشركون، وبقرت هند بنت عتبة بطنَه فأخرجت كبده، فجعلت تلوكها فلم تسغها فلفظتها، فقال الرسولُ محمدٌ -صلى الله عليه وسلم-: «لو دخل بطنها لم تمسها النار»، وخرج الرسولُ يلتمس حمزة، فوجده ببطن الوادي قد مُثِّل به، فلم ير منظراً كان أوجع لقلبه منه فقال: «رحمك الله، أي عم، فلقد كنت وصولاً للرحم فعولاً للخيرات». ودفن حمزة وابن أخته عبد الله بن جحش في قبر واحد. وروى وحشى قاتل سيدنا حمزة قصة قتله بعدما أسلم للرسول -صلى الله عليه وسلم- عندما سأله عن ذلك فقال: «أما إني سأحدثكما كما حدثت رسول الله حين سألني عن ذلك، كنت غلاماً لجبير بن مطعم، وكان عمه طعيمة بن عدي قد أصيب يوم بدر، فلما سارت قريش إلى أحد، قال لي جبير: «إن قتلت حمزة عم محمد بعمي فأنت عتيق». فخرجت مع الناس، وكنت رجلاً حبشياً أقذف بالحربة قذف الحبشة، قلَّما أخطئ بها شيئاً، فلما التقى الناس خرجت أنظر حمزة وأتبصره، حتى رأيته في عرض الناس مثل الجمل الأورق، يهدُّ الناس بسيفه هدَّاً، ما يقوم له شيء، فوالله إني لأتهيأ له، أريده وأستتر منه بشجرة أو حجر ليدنو مني إذ تقدمني إليه سباع بن عبد العزى. فلما رآه حمزة قال له: «هلم إلي يا ابن مقطعة البظور»، فضربه ضربة كأن ما أخطأ رأسه، وهززت حربتي، حتى إذا رضيت منها، دفعتها عليه، فوقعت في ثنته، حتى خرجت من بين رجليه، وذهب لينوء نحوي، فغُلب، وتركته وإياها حتى مات، ثم أتيته فأخذت حربتي، ثم رجعت إلى العسكر، فقعدت فيه، ولم يكن لي بغيره حاجة، وإنما قتلته لأعتق.