جلس الدكتور ربيع فتح الباب أستاذ القانون الإداري والدستوري، وحيداً داخل مكتبه الكائن بالدور الثاني بكلية الحقوق بجامعة عين شمس، بعد أن خلا المكتب من زميله في التخصص وصديق عمره لقرابة ال35 عاما، الدكتور على عبد العال الذي بدأ اعتبارا من أمس مشواراً آخر في حياته السياسية بعد جلوسه على كرسي رئاسة البرلمان. غرفة المكتب، وفقا لما شاهدته "صدي البلد" خلال زيارة خاصة، لم يتغير فيها شئ فهي لا تضم سوى مكتبين وكرسيين للضيوف، وكُتب متراصة فوق بعضها البعض على طاولة المكتب، وكُتب اخري خلف الباب، كلها خاصة بالقانون الدستورى، وبعض رسائل الدكتوراه التي انتهي منها "عبد العال" قبل تولية رئاسة البرلمان، وكان ابرز تلك الكتُب، "حقوق المرأة وقضاياها المعاصرة، ودراسة طبيعة المجتمع العراقي". ويقول الدكتور ربيع فتح الباب في بداية حديثه عن صديق عمره، رئيس مجلس النواب الجديد: "إنه شخص حبوب ومبيغلطتش، فأنا أعرفه منذ أكثر من 30 عاما وتحديدا منذ عام 1974، ولديه بنت واحدة في كلية الطب، وزوجته تعمل أستاذة في كلية البنات جامعة الأزهر تدرس مادة الأدب الفرنسي فنحن متقاربين جدا وكنا في فرنسا سويا"، بتلك الكلمة . وأضاف "فتح الباب" ل"صدى البلد": " كنا نلتقي يوميا، وآخر لقاء جمعنى مع عبد العال كان فى احد الأماكن بمدينة نصر يوم الجمعة الماضي.. وقال لي إنه لن يستطيع التواصل معى بسهولة كما كان سابقا نظرا لما هو قادم عليه وسيكون مقيدا بأمور عملية وامنية". وتابع "فتح الباب" قائلا: " الدكتور على عبد العال مخلص جدا ووطني وسافر من قبل فى إعارة لدولة الكويت كما كنا سويا فى باريس حيث كان يعمل ملحق ثقافي، وكان يتميز باستقبال الطلاب والزملاء والوزراء والمسئولين وييسر لهم كافة الخدمات". وأوضح أن "عبد العال" تولى العمل كمستشار بالديوان الأميري في الكويت، لتنظيم العلاقة بين الديوان الاميرى والمحكمة الدستورية، والبرلمان، وكان له باع طويل فى دولة الكويت. ووصف "فتح الباب" الدكتور على عبد العال بأنه حبوب واجتماعي، قائلاً: "إنه يتحاور دون تكلف وتكبر وهو نقي ومخلص، وفي باريس كان يستضيف بعض الزملاء والطلاب بمنزله الخاص لحين توافر إقامة لهم"، لافتا إلى أن عبد العال يتميز بالعلم الغزير ومُلم بكافة المشكلات التى تعاني منها الدولة، ويعيبه انه "بيتنرفز بسرعة"، وذلك لطبيعته الصعيدية. ويروي "فتح الباب" أنه جمعه و"عبد العال" مؤلفات عديدة منها التطور الدستوري فى مصر، والتاريخ الدستوري، والنظم السياسية، والرقابة الدستورية على الدستور والقوانين، موضحا ان هناك تقارب آراء وفكر بينهما. وأشار "فتح الباب" إلى أن آخر دكتوراه شارك فيها "عبد العال"، كانت بعنوان "صحة الانتخابات والرقابة عليها فى مصر"، منذ يومين، وناقشها الدكتور مصطفى والي الذى كان يعمل وكيلا للمخابرات العامة، وتطرقت الرسالة للمشاكل التى تعوق الانتخابات فى مصر. ويرى "فتح الباب" أن الجلسة الإجرائية التى انعقدت امس للبرلمان شابها بعض العيوب، لافتا إلى أن المجلس يجب ان يكون منظما ليصبح عنوانا للمجتمع، لكن عادات وتقاليد الشارع انعكست على المجلس وأبرز مثال على ذلك التسابق بين الأعضاء لكي يظهر كل نائب نفسه، والأحاديث الجانبية، واستعمال الهواتف المحمولة، وإصرار بعض النواب على التحدث. وقال إن معظم من شاركوا فى الحياة السياسية السابقة عليهم مآخذ، موضحا أن ترشح عبد العال فى البرلمان وفوزه، يعد مقبولا، وقد ساهمت خبرات عبد العال في ذلك. فى سياق متصل، قال عميد كلية الحقوق بجامعة عين شمس، الدكتور ناجى عبد المؤمن، إن الدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب، استاذ متمكن وكان ملتزما للغاية، ولم يتخلف عن لجنة من لجان الامتحانات وكان يراقب بنفسه على الطلاب، رغم أن الاساتذة الكبار لا يحضرون تلك الامتحانات. وأضاف، أن عبد العال كان عضو فى مجلس الكلية بالجامعة، وكان يثري المجلس بآرائه ونقاشاته، وكان دائما يعتبر المجلس منبرا لقول كلمة الحق. وسرد "عبد المؤمن" موقفا حدث بينه وبين الدكتور على عبد العال، قائلاً: "عام 1986 سافرت الى باريس للحصول على درجة الدكتوراه، وكان حينها عبد العال الملحق الثقافي بفرنسا، واستقبلنى وزملائي استقبالا حافلا، وبعد مرور عدة ايام هاتفته وقلت له اننى اعانى من ضغط نفسي، فطالبني بالحضور لمنزله، وجلست معه اسبوع بالكامل، لكي يشعرنى بالود والطمأنينة". جدير بالذكر أن الدكتور علي عبد العال هو أستاذ القانون الدستورى والإدارى بجامعة عين شمس ومحامى لدى محكمة النقض والإدارية العليا والدستورية العليا. حصل عبد العال على العديد من المؤهلات العلمية من كلية الحقوق جامعة عين شمس وهى الليسانس بتقدير جيد جدا ودبلوم القانون العام في مايو 1973 بتقدير جيد جدا ودبلوم القانون الجنائى في دور مايو عام 1974 بتقدير جيد ودكتوراه الدولة فى القانون من جامعة باريس "1" سوربون فى مارس عام 1984 بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف. وشغل عبد العال عدة مناصب مهمة منها وكيل النائب العام عام 1973 ومعيد بقسم القانون العام بكلية الحقوق جامعة عين شمس عام، وعمل ملحقا ثقافيا لمصر بباريس من عام 1987 إلى 1991 ومستشارا دستوريا للديوان الأميرى الكويتى. كما شارك الدكتور علي عبد العال فى المؤتمر الأول لوضع المسودة الأولى للدستور الإثيوبى فى أديس أبابا عام 1993، وعمل خبيرا دستوريا بمجلس الشعب عام 1992 وله العديد من المؤلفات العلمية على رأسها مسئولية الدولة عن أعمال السلطة القضائية والآثار القانونية والوظائف السياسية لحل البرلمان والقانون الإعلامى والقضاء الدستورى والحريات العامة.