يخبرنا الله تعالى عن بعض الناس الذين سيحشرون يوم القيامة عمياناً لأنهم عاشوا فى الحياة الدنيا معرضين نعم الله تعالى وحججه، وذلك مصداقاً لقوله تعالى: «وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا»، سورة الإسراء: آية 72 . وقال المفسرون فى كتاب التفسير الوسيط فى هذه الآية الكريمة: إن المراد من قول الله تعالى: «وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى»، أى ومن كان فى الحياة الدنيا أعمى البصيرة عن حجج الله تعالى وبيناته وعن كل ما خلقه الله تعالى من نعم ظاهرة وباطنه فهو فى الآخرة أعمى لا يهتدى إلى ما ينجيه ولا يجد ما يجديه. وأضاف المفسرون أن عمى الإنسان فى الآخرة هو نتيجة لعماه فى الدنيا بإعراضه عن توحيد الله الذى أوجب التخبط فى الآخرة والحرمان فيها، وقيل إن المعنى أى من كان فى هذه الدنيا أعمى القلب حشر يوم القيامة أعمى العين. وبينوا أن معنى قوله تعالى: «وَأَضَلُّ سَبِيلًا»، أى وأضل السبيل لما كان عليه فى الدنيا عندما استحالت عليه جميع أسباب النجاة لفقده كل طريق يوصل إليها إذ لا توبة فى تلك الدار ولا إمهال ولا عودة لتدارك ما فات، فإن هذا الفريق الذى عميت بصيرته فى الدنيا وكان أعمى فى الآخرة هو الفريق الذى أوتى كتابه بشماله.