وقائع كثيرة تثبت يوماً تلو آخر أنه يجب ألا نخلط السياسة بالدين. استخدام الدين فى السياسة هو إساءة للدين. الدين ليس عليه أن يتحمل وزر ما يفعله السياسيون. السياسيون يمكن أن يلجأوا إلى أساليب سلبية لا علاقة لها بقيم الدين. الدين لا يمكن التصويت عليه. الدين عقيدة يؤمن بها الناس. البرامج السياسية ليست مبادئ دينية. إذا فشل السياسى الذى يستخدم الدين فى أن يجد حلاً لمشكلة فهل هذا يعنى أن الدين فشل أم أنه السياسى؟ الواقعة الأخيرة بخصوص النائب الذى تم ضبطه فى القليوبية فى واقعة مفضوحة بمركز طوخ تثير شعوراً بالغثيان. نائب معلن التوجه وملتح، وينتمى إلى حزب دينى، تلاحقه النيابة بقرارات الضبط والإحضار، لم يسمع عنه المصريون من قبل ولا يعرفون اسمه، فجأة عرفوا بقصته ومشكلته. أصبح رجل منسوب للدين متهماً بفعل فاضح. مثله عشرات يمكن ضبطهم فى الشوارع بمثل تلك الأفعال الفاضحة. يحاسبون دون أن يُدرى بهم. المشكلة أنه نائب فى مجلس الشعب. الأعقد أنه انتخب بناء على أنه ينتمى لتيار دينى. منسوب للإسلام. معبر عنه. لا يمكن أن يقبل الإسلام ما فعل فى الطريق العام. لا يمكن لأى دين أن يقبل مثل هذا الفعل لو تم فى الخفاء، طالما أنه غير متزوج من هذه الفتاة التى ضبطت معه. قرأت مقالاً منذ فترة على موقع «المصرى اليوم» للأستاذ أحمد أبوحطب، كان عنوانه: «انتخبت الله ففاز البلكيمى». الفكرة رائعة. لكن الله لم يكن مرشحاً فى أى انتخابات. الله فوق أى ترشيح وتنافس. الذين يقدمون أنفسهم على أنهم ينوبون عن الله يسيئون للدين. يسيئون للإسلام. يسيئون للقيم السماوية. الجميع يجب أن يراعى الله فى ضميره. أن يلتزم بالقيم التى ألزم بها البشر. لكن المناهج السياسية يجب ألا تربط نفسها بالمشاعر والعقائد الدينية. قبل نائب القليوبية تورط النائب المنوفى أنور البلكيمى فى فضيحة الادعاء بأنه تعرض لعملية سطو. تبين أنه كان يجرى جراحة فى «مناخيره». صارت أشهر مناخير فى مصر. المؤسف أنه معلن الانتماء. فاز فى الانتخابات بانتسابه إلى حزب النور. لأنه متدين حصل على تلك الأصوات. قرأت له حواراً ملفتاً فى جريدة «الأهرام» منذ أسابيع. أقر بأنه كان يهدى الناس. كان يدعو لله بينهم. استثمر مكانته تلك فى الانتخابات. حدثت المشكلة التى يجب ألا تنسب إلى دين الله. البشر أياً ما كانوا لديهم أفعال إيجابية وأخطاء. الإنسان يمكنه ألا يكون ملاكاً. المرشحون المنتمون لأحزاب دينية يريدون من الناخبين أن يعتبروهم ملائكة فوق التصويت. لا أحد يمكنه أن يقبل هذا. الصندوق الذى يستقبل أصوات الناخبين ليس فيه اقتراع على قيم الدين. الخطيئة تكمن فى أن تلك الأحزاب هى التى دفعت بالدين إلى ساحة الاقتراع. أهانوا الدين من حيث اعتقدوا أنهم يكرمونه. كيف يمكن أن يبرروا للناس الأفعال المشينة التى يقع فيها نواب لهم سمت معين، ويتحدثون بالآيات، ويتقلبون بين الناس على أنهم مبعوثو العناية الإلهية؟ ترفعوا بالدين عن هذه الإساءات. قد تسيئون للعقيدة وللإيمان لأن الناس تصدم فيكم. هل تتحملون عبء أن الناس يمكن أن تغير من قناعاتها بسبب تصرفاتكم. هل ارتفع معدل التدين بعد ما فعله هؤلاء. هل لدينا دراسات محددة تقيس ذلك فى مصر؟.. لست أدرى، لكن اقتناعى بأن مثل تلك الوقائع تسبب صدمة وإحباطاً، لا ينفيه أن الذين فعلوا هذه وتلك وغيرهما نواب وسياسيون منتمون للدين. مضت فترة من التجربة الديمقراطية المصرية. لابد أن الناخبين يدركون الآن خطورة هذا الخلط بين الدين والسياسة. بقى أن يبتعد المستغلون للدين فى السياسة عن ذلك. ننتظر منهم أن يطرحوا أنفسهم على الناس باعتبارهم بشراً يصيبون ويخطئون. أن ينحوا جانباً الأديان. فالوقائع المتوالية تفقدهم المصداقية. نقلا عن المصري اليوم