* إسقاط الطائرة الروسية في تركيا تستدعي "مذبحة أسطول الحرية" * نتنياهو يقتل ناشطين أتراك في عرض البحر.. وأردوغان يتمسك بالاعتذار * نتنياهو يعتذر لأردوغان و يدفع التعويض بأمر أمريكي.. و"أردوغان يصفح * أردوغان يسقط طائرة روسية و بوتين يتمسك بالاعتذار و التعويض * الرئيس التركي يرفض الاعتذار خبراء: * شقرا: "أردوغان" سيعتذر للدب الروسي "رغم أنفه" * "بوتين" يتبع بروتوكولا دبلوماسيا * السعدني: تركيا تعتذر رسميا ل"بوتين".. قريبا * محمد عبد القادر: بوتين لن يقبل اعتذار أردوغان * صلاح لبيب: أردوغان يقدم "تعويضا سياسيا" للدب الروسي خلال أيام ما أشبه اليوم بالبارحة.. فالأزمة المشتعلة الآن بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين و التركي رجب طيب أردوغان تشبه كثيرا أزمة الأخير مع بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، عقب مذبحة أسطول الحرية التي راح ضحيتها عدد من الناشطين الأتراك، إلا أن أردوغان الذي يرفض الاعتذار للدب الروسي الآن رغم اعترافه بإسقاط طائرة روسية من طراز "سوخوي 24" في 24 نوفمبر الجاري، هو نفسه تمسك حينها باعتذار نتنياهو، و هو ما قد حدث بالفعل. مجزرة "نتنياهو" في حق تركيا مجزرة أسطول الحرية، كانت اعتداء عسكري قامت به القوات الإسرائيلية وأطلقت عليه اسم عملية نسيم البحر أو عملية رياح السماء، مستهدفةً به نشطاء سلام على متن قوارب تابعة لأسطول الحرية التركي. فقد اقتحمت قوات خاصة تابعة للبحرية الإسرائيلية فجر الاثنين كبرى سفن القافلة "مافي مرمرة" التي تحمل 581 متضامنًا من حركة غزة الحرة -معظمهم من الأتراك- داخل المياه الدولية، وقعت تلك الأحداث فجر يوم 31 مايو، 2010 في المياه الدولية للبحر الأبيض المتوسط. وقد وصفت بأنها مجزرة، وجريمة، وإرهاب دولة ، ونفذت هذه العملية باستخدام الرصاص الحي والغاز، سقط على إثر ذلك 9 ناشطين و كانوا من الأتراك. وقد نظمت حركة غزة الحرة ومؤسسة الإغاثة الإنسانية التركيةأسطول الحرية وحملته بالبضائع والمستلزمات الطبية ومواد البناء مخططة لكسر حصار غزة، وكانت نقطة التقائها قبالة مدينة ليماسول في جنوبقبرص ، وتقل 633 شخصًا من 37 بلدًا وبعض المصادر تقول أن عدد النشطاء هو 750 ناشطًا من 50 بلدًا. قوبل هذا الهجوم بنقد دولي على نطاق واسع، وطالب مسئولون من أنحاء العالم من الأممالمتحدة بإجراء تحقيق. وألغى نتنياهو رحلته إلى الولاياتالمتحدة، والتي كان من المقرر أن يلتقي فيها باراك أوباما، وعاد إلى إسرائيل من كندا، ورفضت إسرائيل دعوات من الأممالمتحدة والحكومات في جميع أنحاء العالم من أجل إجراء تحقيق دولي في الهجوم على الأسطول المحمل بالمعونات المرسلة إلى غزة. وقامت إسرائيل بتشكيل لجنة تحقيق ويرأسها القاضي السابق في المحكمة العليا يعقوب تيركل، وتضم شخصيتين من كندا وأيرلندا بصفة مراقبين فقط. الاعتذار تمسك الرئيس التركي حينها رجب طيب أردوغان ب"الاعتذار"، وقد قرر مجلس حقوق الإنسان حينها تشكيل لجنة تحقيق دولية في الهجوم علي على الأسطول في 22 مارس 2013، و بالفعل قدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اعتذاراً رسمياً لنظيره التركي رجب طيب أردوغان خلال مكالمة هاتفية على الهجوم واعترف بحدوث «بعض الأخطاء العملية» وتعهد بدفع التعويضات لأسر الضحايا، مقابل الاتفاق على عدم ملاحقة أي جهة قد تكون مسئولة عن الحادث قانونياً، و بحسب المعلن رسميا، اتفق الجانبان على تبادل السفراء وتطبيع العلاقات، وذلك خلال مكالمة هاتفية شجع عليها الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال زيارته إلى إسرائيل في تلك الفترة. و مما أثير من روايات حول الاعتذار الشهير ، ماأوردته صحيفة "صباح" من تفاصيل الاعتذار، اقتبستها من كتاب ألفه ميشال أورين، سفير إسرائيل في أمريكا (2009- 2013)، والذي ألف كتبا عن فترة حياته كسفير. وتورد الصحيفة أن السفير السابق نشر في كتابه تفاصيل مفاجِأة تظهر لأول مرة، تُبين قيام وزيرة خارجية الولاياتالمتحدة هيلاري كلنتون، بالضغط على نتنياهو للاعتذار من تركيا. ونقلت الصحيفة عن أورين، أن الرئيس الأمريكي أوباما اهتم شخصيا بمسألة الاعتذار هذه، وأن ضغوط أوباما على إسرائيل من أجل الاعتذار استمرت حتى زيارته لتل أبيب عام 2013، بحسب عربي 21. وشرح أورين لحظة الاعتذار قائلاً: "جلس أوباما ونتنياهو قبالة بعضهما البعض وبينهما طاولة عليها هاتف صغير"، وتحدث كل من أوباما ونتنياهو إلى أردوغان كلمات مقتضبة بالهاتف، بعدها مد الجميع هناك أرجلهم وفرحوا وتصافحوا. اليوم.. بعد أن دارت الدائرة على "أردوغان" ، هل يعتذر للدب الروسي و يدفع التعويضات، هل يرضخ أردوغان لشروط فيلاديمير بوتين كما أخضع في وقت سابق بنيامين نتنياهو إلى شروطه؟ هذا ما يرصده الخبراء في السطور التالية: رغم أنف أردوغان" الدكتور جمال شقرا، الخبير بالشأن التركي، وصف الأحداث الجارية بين تركياوروسيا بأنها حالة من المد والجذر واستعراض القوى، لكن كل ذلك في إطار الدبلوماسية. وقال "شقرا"، في تصريح ل"صدى البلد": "أزمة إسقاط المقاتلة الروسية تحولت إلى أزمة دبلوماسية، لذلك طالب بوتين تركيا بالاعتذار أو تقديم تعويضات، وهذا متعارف عليه دبلوماسيا، وعندما تكتمل وثائق إدانة تركيا ستلجأ إلى التحكيم الدولي لإجبار تركيا على الاعتذار، ليصدر الاعتذار التركي رغم أنف أردوغان". وأضاف أن الصراع لن يرقى للقطيعة أو الحرب العسكرية لأن الدولتين مازالتا في حاجة لهذا التعاون، خصوصا المجال الاقتصادي، فروسيا تحتاج إلى ممر آمن لطلعاتها الجوية في سوريا، وتركيا لن تحاول تصعيد الأمر إلى الصراع المسلح، وأنها ستجد حلا دبلوماسيا قريبا. وأوضح أن الفترة المقبلة ستشهد حربا كلامية بين الطرفين، بينما يخوضان قنوات سرية للتصالح والتهدئة، في حين أن روسيا قد تعطل بعض مشروعاتها الاقتصادية في تركيا، وهذا سيكون سلاحا فعالا في الأحداث، لكن في إطار الضغط وليس ضمن التدمير والحرب. فيما أكد الدكتور محمد السعدني، الكاتب والمحلل السياسي، أن روسيا ستمارس ضغوطا اقتصادية ضد تركيا خلال المرحلة المقبلة من خلال وقف التبادل التجاري ومجال السياحة وتصدير الغاز، إلا أنها لن تستطيع فرض عقوبات دولية على أنقرة. "تركيا تدفع الثمن" وقال "السعدني"، في تصريح ل"صدى البلد": "العقوبات الدولية لا يمكن تحريكها إلا إذا تضافرت جهود الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة، وإسقاط أنقرة للمقاتلة الروسية لن يكون إلا بموافقة أمريكا لأنها لا تجرؤ على الوقوف أمام القدرات العسكرية الروسية". وأضاف أن موقف تركيا عدائي والدليل هو سقوط الطائرة الروسية خارج النطاق التركي، وتحرش تركيابروسيا بسبب التحرك الذكي لروسيا في المنطقة التي كشفت السياسة الأمريكية وخداعها، كما أن أردوغان يتخيل أنه إذا خدم السياسات الأمريكية في مناوشاته ضد روسيا يمكن أن تساعده في الدخول إلى الاتحاد الأوروبي. وأوضح أن تركيا ستدفع ثمن فعلتها، خاصة بعد تحريك روسيا لمنظومة الصواريخ الs400 على الحدود التركية السورية، وإعلانها أن أي هدف سيدخل هذه المنطقة سيعتبر هدفا عدائيا. وفيما يخص طلب بوتين من تركيا الاعتذار أو تقديم التعويضات اللازمة عن الحادث، أكد المحلل السياسي، أن تركيا ستماطل لفترة بسيطة ثم تذعن لتقديم الاعتذار الرسمي، مشيرا إلى طلب روسيا لذلك حفاظا على قيمتها الدولية وإثبات نفسها كقوى عظمى. "أردوغان يتراجع عن العنترية" ومن جانبه، قال الدكتور محمد عبد القادر، الخبير في الشأن التركي، إن السيناريو الغالب بين تركياوروسيا أن هناك محاولة احتواء سياسي من قبل تركيا بعد النظرة "العنترية" التي كان أصر عليها أردوغان وتراجع عنها من خلال محاولة اتصاله هاتفيا ببوتين، وتشير إلى أن تركيا تعلم أن هناك تصعيدا من قبل روسيا في قطع العلاقات معها بعد سحب المشروعات الروسية. وأضاف "عبد القادر"، في تصريح ل"صدى البلد"، أن الصدام لن يصل إلى عمليات مباشرة بين الطرفين ولكن سوف يكون هناك هجوم شديد على الجماعات التي تدعمها تركيابسوريا، لافتا إلى أن أي حلول بما فيها التعويضات أو الاعتذارات الرسمية لن تنهي ما حدث بين الدولتين. وأوضح أن البلدين لو تلافيا الصدام سوف يكون بينهما صراع لما لهما من مشروعات بسوريا ستحاول كل منهما حمايتها والدفاع عنها. "تعويض سياسي" في الطريق فيما أكد الدكتور صلاح لبيب، الباحث المتخصص بالشأن التركي، أن ما يحدث بين تركياوروسيا من الإصرار إلى عدم تقديم اعتذار رسمي من الجانبين على حادث سقوط المقاتلة الروسية باعتبار تركيا أن لها الحق في إسقاط الطائرة الروسية، واعتبار روسيا أنه تم إسقاط طائرة لها ويستوجب الأمر تعويضا أو اعتذارا رسميا، سوف ينتهي خلال الفترة المقبلة عن طريق "الترضية" السياسية بين وزراء خارجية الدولتين نتيجة لحجم العلاقات التجارية بينهما والتي تصل إلى مايقرب من 35 مليار دولار. وقال "لبيب"، في تصريحات ل"صدى البلد"، إن قطع العلاقات بين البلدين غير مطروح بغض النظر عن تصريحات الرئيسين التي تنبع من اعتبار بوتين أنه رئيس لدولة عظمى وأن ما حدث يشوه صورته أمام شعبه، وكذلك أردوغان يرى أنه رئيس منتخب وحصل على النسبة الأعلى من التصويت ويجب أن يكون أمام شعبه الرئيس الذي لا ينحني. وأضاف أنه سوف تتم التسوية واحتواء الموقف داخل إطار من "التعويضات السياسية" التي ستقدمها تركيا لحفظ ماء وجه بوتين أمام شعبه، إلا أن أردوغان لن يقدم أي تعويضات "مادية" باعتبار أن ما فعله لا يعاقب عليه القانون الدولي، خاصة مع وقوف حلف الناتو بجانبه، مشيرا إلى أن الأمر سوف تتم تسويته من خلال وزراء خارجية الدولتين، وهو ما ستعلن عنه الأيام المقبلة عن نوع تلك التسوية. وأشار إلى أن ما يدلل على عدم قطع العلاقات بين الدولتين، أن هناك زيارة رسمية يقوم بها أردوغان إلى تركيا ديسمبر المقبل، ولم تعلن وزارة الخارجية الروسية عن إلغائها.