رأى أندرو جيه باسيفيتش أستاذ التاريخ والعلاقات الدولية بجامعة بوسطن، أن واقع الأمر بخصوص الاتفاق النووي الإيراني أنه لم يكن خيارا بين حرب أو سلام ، كما ادعى الرئيس باراك أوباما في خطاب ألقاه بالجامعة الأمريكية في واشنطن الأربعاء الماضي. وكان أوباما قد صوّر الأمر على أنه خيار بين الدبلوماسية أو شكل من أشكال الحرب، وأن الانزلاق إلى صراع مسلح هو النتيجة الحتمية للفشل في إبرام الاتفاق. وأكد باسيفيتش - في مقال نشرته (لوس انجلوس تايمز) - أن الخيار هو بين البقاء على الحال القديمة أو الإقدام على حال مختلفة تماما ، وأوضح أن اتفاق إيران يحمل في أحشائه بذور تحول جذري في سياسة الولاياتالمتحدة بالشرق الأوسط ، تحوّل يَعِدُ بآمال كبرى ويُنذر بمخاطر بالحجم نفسه في ذات الوقت. ونوّه عن مقترحين تميزت بهما سياسة أمريكا إزاء الشرق الأوسط على الأقل منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر وربما قبل ذلك بعقدين ، أولى المقترحين هو أن المصالح الأمريكية في المنطقة تحتاج أكثر ما تحتاج إلى تحقيق حالة من التفوق بغير منازع .. ثاني المقترحين هو أن القوة العسكرية واستخدامها من جانب واحد وقت اللزوم هو الطريق الرئيسي للحفاظ على تلك الحال من التفوق سائدة .. واقترح باسيفيتش اسم " سياسة الهيمنة". ورأى باسيفيتش " أن تطبيق تلك السياسة لم يثمر عن نتائج مرجوّة في معظمها، وليس أدل على ذلك من حالتي العراق وأفغانستان، وليست الحال في كل من ليبيا والصومال واليمن بأفضل شأنا .. وعلى الرغم من ذلك، لا يزال بعض الصقور في الكونجرس الأمريكي يرون أن استخدام الآلة العسكرية بشكل أقوى قد يؤتي ثمارا أفضل .. وبعض هؤلاء الصقور هم مرشحون جمهوريون لمنصب الرئاسة ويتعهدون حال انتخابهم بمزيد من التشدد إزاء نظام خامنئي في إيران". ورصد الكاتب اتهام المرشح الجمهوري للرئاسة مايك هوكابي، الرئيس باراك أوباما بدفع الإسرائيليين إلى الحرب .. ورأى باسيفيتش " أن هوكابي إنما يسجل ولاءه لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ ففي تلك الأيام، لكي يكون المرشح الجمهوري لائقا، يتعين عليه عمل أشياء كثيرة من بينها تسجيل الولاء لرئيس الوزراء الإسرائيلي". وأضاف " لكن، من جهة أخرى، فإن صقور الجمهوريين لديهم كافة المبررات للتخوف من الآثار المترتبة على رهان أوباما في الاتفاق النووي؛ الذي لو تمّ فهو كفيل بوضع نهاية لعزلة إيران دوليا، وبتمكينها بمرور الوقت من استعادة مكانتها كقوة إقليمية رئيسية". وتابع " يراهن أوباما على الحراك السياسي الداخلي في إيران، وعلى أن رغبة الشباب الإيراني في أن يجني ثمار الحداثة تفوق رغبته في استئناف مسار الثورة الإسلامية، الأمر الذي من شأنه أن تجنح إيران في النهاية إلى اختيار لعب دور مسؤول يحقق الاستقرار بدلا من لعب دور غير مسؤول يزعزع الاستقرار في المنطقة". وقال باسيفيتش " إنه في حال تحقق رهان أوباما، فإن شمس سياسة الهيمنة الأمريكية في المنطقة ستتوارى إلى حين، وبدلا من السعي عبثا للتفوق، ستضطر أمريكا إلى انتهاج سياسة متعددة الأطراف، وبدلا من استمرار الانجراف في حروب بلا جدوى، قد تسعى أمريكا إلى استجماع قواها والبحث عن طرق أنجع تنفق فيها مواردها المحدودة .. وبدلا من أن يكون الشرق الأوسط مشكلة أمريكا، فليكن مشكلة الأطراف الأخرى بموجب السياسة الجديدة المتعددة الأطراف". وخلص الكاتب إلى " أن الجدل الدائر حول المشكلة الإيرانية هو في حقيقة أمره بديل لسؤال أكثر أصولية وهو أصل القضية ، هذا السؤال هو : فيما يتعلق بالشرق الأوسط، هل ستصرّ أمريكا على مواصلة الفشل، أم ستحاول انتهاج سياسة أخرى؟". ورأى باسيفيتش أن الاتفاق النووي مع إيران هو أبرز دليل على أن إدارة أوباما إنما تحاول انتهاج سياسة أخرى بديلة عن تلك الفاشلة (علي حد قوله).