ماذا نقول عن هؤلاء الذين نظموا وقادوا مسيرة للعشرات من أنصارهم الملثمين بغطاء أسود علي الوجه، والأعلام الأشد قتامة مرفوعة فوق رؤوسهم، في طريقهم إلي ميدان العباسية ليفرضوا أنفسهم علي المعتصمين الآخرين من الحركات الشبابية الثورية التي لا علاقة لهم، ولها، من قريب أو بعيد بسواد الألثمة وقتامة الأعلام؟! أليس فيما رأيناه وسمعناه بالصورة والصوت علي الهواء مباشرة عن حفاوة هؤلاء الملثمين الذين فرضوا أنفسهم علي الميدان بالشيخ محمد الظواهري الشقيق الأكبر للشيخ أيمن الظواهري زعيم تنظيم "القاعدة " والشيخ مصطفي مرجان أحد قيادات تنظيم "الجهاد" ما يثير شكوك تورطهم في أحداث الميدان، ويتطلب التعرف علي مسئوليتهم عن الدماء التي سالت يوم الجمعة الماضية؟! سمعنا كلمة الشيخ "الظواهري" التي ألقاها واستقبلها الملثمون بالهتافات الجهادية والتهليلات ، خاصة عندما قال "الظواهري" إنهم جاءوا بمسيرتهم إلي وزارة الدفاع لتطبيق شريعة الله التي لا بديل عنها، لإسقاط حكم العسكر، بعد أن استحل دماء المصريين في مظاهرتهم السلمية بميدان العباسية (..). ولا أعرف لماذا نسي الظواهري الإشارة في كلمته إلي أن المجلس العسكري الذي جاء الملثمون لإسقاطه هو نفسه المجلس الذي أصدر مؤخراً قراراً بالإفراج عن الشيخين محمد الظواهري ومصطفي مرجان ومعهما العديد من المدانين في قضايا إرهابية أبرزها وأفزعها: اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات (..). أليس غريباً كما أتصوّر أن هناك من يعيش في مصر ورغم ذلك لا يعترف بهويتها ولا يحترم علمها؟! في البدء.. فوجئنا في تظاهرات واعتصامات ميدان التحرير السابقة بمن رفع علم المملكة العربية السعودية بدلاً من العلم المصري. حسنو النية، وكنت أحدهم آنذاك، أرجعوا ذلك إلي رغبة رافعي العلم السعودي في التعبير عن هويتهم الإسلامية كشركاء في تظاهرات ميدان التحرير. فالعلم السعودي هو الوحيد كما أظن الذي يجسد تلك الهوية بأرضيته الخضراء رمز الرخاء وبالسيفين المتقاطعين وتحتهما الشهادة الإسلامية: "لا الله إلاّ الله محمد رسول الله". ويبدو أن هذا التبرير لم يقنع السلفيين بدليل ما رأيناه، لأول مرة، في ميدان العباسية الجمعة الماضية عندما ظهر السلفيون الملثمون بغطاء أسود علي الوجه، ورفعوا علمهم الخاص بأرضيته الأشد سواداً وتحمل "الشهادة" ذاتها، لكن قتامة أرضيته تفرقه وتبعده عن علم المملكة السعودية بأرضيته الخضراء التي تذكرنا بعلمنا المصري قبل ثورة 23يوليو 1952. وبحثاً عن مبررات هوس السلفيين المصريين الذين لا يتباهون بهويتهم ولا يلتزمون بعلم وطنهم بقتامة اللون الأسود، توقفت أمام ما نشرته الزميلة "المصري اليوم " أمس الأول من معلومات وحقائق تستحق الاهتمام بها والحذر من توابعها. كتبت "المصري اليوم": [ لم يكن ظهور أصحاب الرايات السوداء التي تحمل شعار التوحيد " لا إله إلا الله، محمد رسول الله" في اعتصام العباسية جديداً، إذ يتصدرون المشهد السياسي منذ اندلاع الثورة، وتحديدا بعد حل جهاز مباحث أمن الدولة، فهم يظهرون حالياً بكثرة في الاعتصامات والاحتجاجات. ويعتبر أصحاب الرايات السوداء من بقايا السلفية الجهادية، التي مازالت موجودة في العديد من المناطق خاصة الحدودية والساحلية مثل: سيناء، ومرسي مطروح، وطابا، والبحيرة ولا يربط بينهم تنظيم، وإنما خط فكري واحد. ويعتبر رافعو الراية السوداء أنفسهم امتداداً لتنظيم القاعدة في مصر، وفرعه في بلاد المغرب العربي، وحركة شباب المجاهدين في الصومال، وحركة طالبان بأفغانستان. وسبق لهم رفض كل المراجعات الفكرية والفقهية التي تبنتها الجماعات الإسلامية، وتراجعت فيها عن العنف. ليس هذا فقط.. بل واتهموا أصحاب هذه المبادرات بأنهم تخاذلوا عن الجهاد(..). ويعتبرون أنفسهم الآن في مرحلة تحريض أبناء الأمة علي "الجهاد في سبيل الله". ويرون أن الناس يستجيبون لهم، ويتعاطفون مع أفكارهم ويؤيدونهم، لأنهم حسب زعمهم يسيرون في الطريق نفسه الذي سار فيه النبي]. نقلا عن الاخبار