واصل القضاء الجنائى الدولى التحقيق مع رئيس مالي الأسبق أمادو توماني توري، بشهادته أمام وحدة التحقيقات الجنائية بالعاصمة السنغالية داكار في سرية تامة في إطار قضية التمويل الليبي لحملة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي الانتخابية عام 2007. وأكدت مجلة "جون أفريك" الفرنسية أن جلسة الاستماع لشهادة توماني توري، عقدت فى أواخر مارس الماضى بحضور قاضيين من قضاة التحقيق الفرنسيين من محكمة باريس المدنية العليا ، لعدة ساعات بناء على منح القضاء الفرنسي إنابة قضائية لوحدة التحقيقات الجنائية في السنغال. كانت مالي من أكبر المستفيدين من الاستثمارات الليبية في القارة الإفريقية إذ بلغت تلك الاستثمارات حوالي 250 مليار فرنك إفريقي (380 مليون يورو) بين عامي 2002 و2011. ويريد القاضيان الفرنسيان التحقق من دور باماكو في تمويل سري محتمل كما أنهما يشتبهان في تورط بعض رجال الأعمال في مالي بالقضية ذاتها. كان قاضيا التحقيق الفرنسيان قد قدما في أغسطس 2014 طلبا للتعاون القضائي الدولي المتبادل إلى وزارة العدل في مالي عن طريق السفارة الفرنسية في باماكو ، تضمن الطلب أسماء سياسيين ورجال أعمال مقربين من الرئيس الأسبق أمادو توماني توري، بالإضافة إلى مستشاره السابق شيخ أمادو "باني" كانتي، الذي كان يدير بعض الاستثمارات الليبية في مالي ومن بينها أنه كان ممثلا عن محفظة ليبيا إفريقيا للاستثمار في بلاده فضلا عن كونه أحد المقربين من بشير صالح المدير السابق لمكتب العقيد الليبي الراحل معمر القذافي. وشغل كانتي أيضا منصب مدير عام شركة الخطوط الجوية المالية "اير مالي"، ومساعد الأمين الوطني لحزب "التنمية الاقتصادية والاجتماعية" الذي يتزعمه الرئيس الأسبق توماني توري. ويشتبه في أنه لعب دور "حامل الحقائب" في قضية تمويل نظام القذافي لحملة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي الانتخابية عام 2007. وفي أبريل 2013، قالت السلطات الفرنسية إن القضاء فتح تحقيقا في اتهامات تتعلق بحصول الحملة الرئاسية للرئيس السابق نيكولا ساركوزي على دعم مالي من نظام العقيد معمر القذافي عام 2007. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر قضائي القول إن نيابة باريس فتحت تحقيقا قضائيا ضد مجهول بتهمة "الفساد" و"استغلال النفوذ " و"التزوير" و"استغلال ممتلكات اجتماعية" و"التبييض والمشاركة وإخفاء هذه الجنح". وجاء فتح التحقيق بعد تصريحات لرجل الأعمال الفرنسي اللبناني زياد تقي الدين في ديسمبر 2012، قال فيها إنه يمتلك أدلة على تمويل ليبيا للحملة الانتخابية لساركوزي الذي أصبح رئيسا في 2007، وهزم أمام فرنسوا هولاند في انتخابات 2012. ولن يشمل التحقيق في القضية وثيقة نشرها موقع "ميديا بارت" الإخباري، نسبت إلى مسؤول سابق في نظام القذافي الحديث عن دعم مالي ليبي بقيمة 50 مليون يورو (حوالي 60 مليون دولار) للحملة الانتخابية لنيكولا ساركوزي في 2007. من جانبه، تقدم الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي في سبتمبر 2014 بشكوى ضد موقع ميديابارت، بغض النظر عن جوهر القضية المتمثلة في اتهامات بتمويل القذافي الحملة الانتخابية التي انتهت بفوز ساركوزي برئاسة فرنسا في 2007. وأفاد مصدر قريب من الملف انه حتى لو أقر المحققون ان الوثيقة مزورة - وهي عملية قانونية دقيقة - فلن تكون لذلك انعكاسات على جوهر القضية. وقال الرئيس السابق -في تصريح صحفي وقتها- "القضاة يعلمون ان الوثائق غير صحيحة"، متحدثا عن "تزوير فاضح". وردا على التصريح نشر الموقع الإخباري تقريرا من هيئة الدرك يقول "بإجماع الأشخاص الذين تمت استشارتهم تتوفر في الوثيقة التي نشرها ميديا بارت كل المعايير الشكلية لوثائق صدرت عن الحكومة الليبية في تلك الفترة نظرا لشكلها وتاريخها وأسلوبها". وقال الموقع الذي نشر الوثيقة بين جولتي الانتخابات الرئاسية، ان ذلك التقرير "يثبت صحة الوثيقة الرسمية الليبية". ووقع الوثيقة بتاريخ 2006، رئيس جهاز الاستخبارات الليبية سابقا موسى كوسا وتشير الى موافقة القذافي على تمويل حملة ساركوزي بحوالى "خمسين مليون يورو". وفي حديث مع "فرانس برس" في أبريل 2012 قال كوسى اللاجئ إلى قطر إن الوثيقة مزورة مؤكدا أن "كل تلك الحكايات مزورة" و"كل ما قيل لا أساس له". غير ان مقتطفات من محاضر استجوابه أمام قضاة نشرتها "ميديا بارت" بدا كوسا غامضا عندما قال ان "الفحوى ليس مزورا لكن التوقيع مزور" واضاف "لست انا من وقع" على الوثيقة مضيفا "هناك ما ورد في تلك الوثيقة وهناك شخص وضع توقيعا أسفلها، عليكم بالتحقيق". وأفاد موقع "ميديابارت" بأن كوسى ينسب الوثيقة الى مسؤول ليبي سابق اخر هو البغدادي المحمودي المعتقل في ليبيا. وكان أول من وجه تهمة التمويل ابن معمر القذافي، سيف الإسلام الذي أعلن في 16 مارس 2011 في تصريح لقناة يورونيوز، دون أدلة "يجب أن يعيد ساركوزي المال الذي أخذه من ليبيا لتمويل حملته الانتخابية".. وأعلن ساركوزي في 19 سبتمبر الماضي عودته الى الساحة السياسية بالترشح الى رئاسة حزبه الاتحاد من اجل حركة شعبية (يمين معارض) التي ستجري انتخاباتها في نوفمبر. وتم توقيف وزير الداخلية الفرنسي السابق في عهد نيكولا ساركوزي كلود جيان، في إطار التحقيق باتهامات بتمويل نظام القذافي لحملة ساركوزي الانتخابية في 2007، وفق ما أعلنت مصادر متطابقة.. ويبحث قضاة تحقيق ماليين في باريس خصوصا بشأن اكتشاف تحويل مالي بقيمة 500 ألف يورو في 2013 لحساب كلود جيان الذي كان الذراع اليمنى لساركوزي طيلة عشر سنوات. وبرر الوزير السابق التحويل بأنه ثمن عملية بيع لوحتين تعودان إلى القرن الثامن عشر لمحام ماليزي. لكن الخبراء اعترضوا على قيمة اللوحتين، وكان كلود جيان قد شغل أيضا منصب الأمين العام للرئاسة الفرنسية.