وصلت المفاوضات بين القوى اليمنية التى تجرى برعاية جمال بن عمر مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه لليمن إلى طريق مسدود بعد اصرار الاحزاب المؤيدة للرئيس عبد ربه منصور هادى على شرعيته ورفضهم مناقشة أى أمور تتعلق بوضع الرئاسة فى المفاوضات التى كانت قد قطعت شوطا كبيرا فى التوافق على تشكيل مجلس رئاسى . وقد لجأت هذه الأحزاب وهى التجمع الوطنى للاصلاح "الاخوان المسلمين" والاشتراكى والناصرى الاعضاء فى تكتل اللقاء المشترك إلى تكتيك كسب الوقت فى المفاوضات التى اجبرت على المشاركة فيها بعد اطاحة الحوثيين بالرئيس هادى ومحاصرته فى منزله وطالبت بالافراج عنه وتمسكت بشرعيته التى رفضها الحوثيون وحليفهم حزب المؤتمر وكانت الاحزاب تتمسك بأمل حدوث تطور يغير الوضع السياسى ويزيح عن كاهلهم الضغوط الحوثية وأنسحب الناصرى من المفاوضات عدة مرات بسبب التهديدات الحوثية كما أنسحب قبل ذلك بكثير حزب الرشاد السلفى رافضا المشاركة من الاصل . وحدث ما تمنته الاحزاب الثلاثة فقد أستطاع الرئيس هادى الافلات من الحصار الحوثى المفروض عليه فى صنعاء ووصل الى عدن وهناك أعلن سحب استقالته وممارسة عمله من عدن.. وانقلبت دفة المفاوضات وتمسكت الاحزاب بشرعية الرئيس ووافقت على بحث تشكيل مجلس رئاسى وحدث توافق بينهم وبين الحوثيين والمؤتمر على تشكيل المجلس ولما وصلت الامور الى مناقشة صلاحيات وتكوين المجلس أكتشفت الاحزاب أنها تتجه نحو تقليص صلاحيات الرئيس فرفضت المشاركة فى هذه المفاوضات وطلبت من المبعوث الاممى ضرورة الاتفاق أولا على استمرار الرئيس بصلاحياته لتعود الامور الى نقطة الصفر فى الازمة الى تواجهها البلاد منذ استقالة الرئيس فى 21 يناير الماضى . وجاءت موافقة الحوثيين على تشكيل المجلس الرئاسى تحت ضغط التطورات ولكنها طلبت أن يكون هادى خارج المجلس فيما وافق المؤتمر على استمرار هادى رئيسا للمجلس الرئاسى على أمل ان تحد الصلاحيات التى سيتم الاتفاق عليها من سلطاته ولكن حزب الاصلاح وجه رسالة لابن عمر من خلال رئيس وفده فى المفاوضات محمد قحطان أعلن فيها انسحابه من جلسة أمس الاول اعتراضا على مواصلة بحث المفاوضات موضوع الرئاسة الذى كان الحزب قد أعترض عليه قبل ذلك كثيرا بسبب غياب المعني الأول بهذا الأمر وهو الرئيس أو من يمثله بالاضافة الى أنه من غير الطبيعى الذهاب الى التفاصيل قبل أن يتم التوافق على ما إذا كانت المناقشات ستنطلق من مفهوم الحاجة لإصلاح الرئاسة أم التسليم بوجود حالة فراغ في الرئاسة كما تطرح بعض الأطراف. وبعد ذلك بقليل بعث التنظيم الناصرى برسالة الى المبعوث الاممى أكد فيها رفضه مناقشة موضوع الرئاسة في الحوار مع الحوثيين ..وزاد عن موقف حليفه الاصلاح موضحا أنه لا يوجد مبرر لفتح نقاش بشان الرئاسة لان الموقع ليس شاغرا وانما مشغول برئيس معترف بشرعيته من قبل اطراف الحوار وعلى المستوى الداخلي والإقليمي. كما رفض الحزب مناقشة موضوع تشكيل مجلس وطنى من551 عضوا لان ذلك يعنى ان الحوار يجري تحت سقف ما يسمى الاعلان الدستوري الانقلابي الذي ادانه مجلس الامن ولم يعترف بشرعيته باعتباره اجراء صادر عن ارادة احادية ..وجدد رفضه المطلق لأي حوار يجري تحت سقف الاعلان الدستورى الحوثى ويفضي الى اقامة السلطات التي نص عليها الاعلان ويوفر غطاء سياسيا ومشروعية لها محذرا من ان ذلك سوف يؤدي الى قيام سلطتين الاولى شرعية وممثلها رئيس الجمهورية والثانية واقعية ما سيترتب عليه ادخال الوطن في ازمات من شانها ان تعرض وحدته وامنه واستقراره للخطر. ويبدو العداء السياسى والمذهبى واضحا بين الحوثيين والاصلاحيين.. ولن يكون هناك أى توافق بينهم وقد شن عبد الملك الحوثى زعيم أنصار الله هجوما شديدا على الاصلاحيين في خطابه أمس وجدد اتهامهم بعرقلة المفاوضات واللجوء الى المماطلة والتسويف خدمة لقوى خارجية لافشال العملية السياسية كما اتهمهم بدعم تنظيم القاعدة للقيام بعمليات ارهابية في اليمن لتعقيد المشهد السياسى ليضيف صعوبات كبيرة لامكانية حدوث توافق بينهم اذا استمرت المفاوضات. وفى خضم هذه التطورات قام جمال بن عمر بزيارة للسعودية التى كانت قد اعلنت موافقة دول مجلس التعاون الخليجى على طلب الرئيس هادى بنقل الحوار اليمنى الى الرياض تحت مظلة المجلس ولم تعقد جلسة حوار أمس انتظارا لعودة المبعوث الاممى الذى لم يعلن أى شىء عن محادثاته في الرياض ولا يعرف ما اذا كان سيعود اليوم الى صنعاء أم يواصل زيارته لحضور اجتماع وزراء خارجية دول المجلس الذى سيناقش الازمة اليمنية غدا "الخميس". ولكن صحيفة "الأولى" المستقلة قالت أن المبعوث الاممى ذهب الى الرياض بناء على دعوة من المجلس الوزارى الخليجى لحضور الاجتماع وأنه لم يبلغ القوى اليمنية بسفره. وأشارت الصحيفة الى أنه في حال وافقت القوى اليمنية خاصة الحوثيين الذين يرفضون نقل الحوار من الاصل فسيكون اليمن بصدد ثانى مبادرة خليجية ترعاها دول الخليج لترتيب الوضع في البلاد بعد المبادرة الاولى التى فشلت الاطراف السياسية في تنفيذها مما أدى الى استمرار الازمة .