أكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إياد أمين مدني أن المسلمين هم من بين أكثر المتضررين من "التطرف العنيف"، حيث يعاني المسلمون من ويلات تلك الجماعات التي رهنت الإسلام بقراءاتها المجتزأة والغرائبية والضحلة للنصوص الدينية؛ في ذات الوقت الذي يتعرض المسلمون فيه للاتهامات المؤدلجة، ولادعاءات الأحزاب والتيارات اليمينية المتطرفة، ولأصوات الإسلاموفوبيا وكلها تشوه صورة الإسلام والمسلمين وتحملهم وزر ما يعانيه العالم من ويلات، كما كان المسلمون هدفا تاريخيا وآنيا للاستعمار التقليدي، والاستعمار الجديد والخطاب السياسي لليبيرالية الجديدة. وشدد مدنى - بحسب بيان للمنظمة اليوم /السبت/ في كلمته أمام القمة العالمية الأولى حول مكافحة التطرف العنيف في واشنطن - على أن منظمة التعاون الإسلامي ملتزمة بمكافحة الإرهاب و"التطرف العنيف"، وتتمسك بموقفها المبدئي ضد الإرهاب بجميع أشكاله وتجلياته، مهما كان من اقترفه وحيثما وقع، وتجدد التأكيد على رفضها القاطع لجميع محاولات ربط الإرهاب بأي بلد أو جنس أو دين أو ثقافة أو جنسية. وقال "إن الخطوة الأساس والأكثر أهمية تتمثل في الوصول إلى فهم واضح لجذور الإرهاب، وفهم تلك اللحظة التي يتحول فيها الفرد إلى "إرهابي"، مشيرا إلى أنه لا مناص من محاسبة الذات الوطنية والأيديولوجية الدينية لنضع أصبعنا على "الثقب الأسود"". وأضاف أن المنظمة تعتز بسجلها الحافل والطليعي في التصدي "للتطرف العنيف"، كما تنص على ذلك مواد ميثاق المنظمة المتعلقة بالإرهاب والتطرف وتعزيز الوسطية، وصكوكها القانونية ذات الصلة، ولاسيما مدونة قواعد السلوك حول مكافحة الإرهاب الدولي التي تم إقرارها في عام 1994؛ ومعاهدة منظمة التعاون الإسلامي لمكافحة الإرهاب الدولي للعام التي أقرت عام 1999. وتابع "إن منظمة التعاون الإسلامي ترى أن التصدي ل"التطرف العنيف" لا يمكن أن يتحقق بالوسائل الأمنية والعسكرية وحدها، بل لابد من فهم وتحليل وتقصي ومواجهة الأبعاد المتعددة لهذه الظاهرة، وفي مقدمتها السياقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي توفر الظروف المواتية لتفشي الإرهاب والتطرف العنيف، مثل الحرمان الاقتصادي، والإقصاء، والاستلاب، والتهميش، والتفكيك القسري للمؤسسات السياسية والقانونية والأمنية والاجتماعية والثقافية". وأشار مدني إلى أن المنظمة تتبنى موقفا يؤكد على ضرورة الإقرار والاعتذار عن الظلم الذي لحق بالشعوب التي عانت تحت جور الاستعمار؛ وأن حرمان الشعوب، التي مازالت تحت الاحتلال، من حقها في تقرير مصيرها لابد أن ينتهي. كما تثير المنظمة، والحديث للأمين العام، الانتباه إلى ضرورة بحث احتمال اختراق جهات خارجية للجماعات الإرهابية والمتطرفة وتوجيهها لخدمة أجنداتها السياسية الخاصة؛ وإلى أن ننظر إلى أي حد ساهمت التغطية الإعلامية الرعناء والمتحيزة إيديولوجيا في توسيع الهوة بين الأديان والثقافات والأجناس والمجموعات العرقية، وإلى أسباب ظهور الإرهاب الإلكتروني مع استخدام المجموعات الإرهابية لتكنولوجيات المعلومات والاتصال الجديدة. وفي إطار الجهود الحثيثة التي تبذلها المنظمة لمواجهة "التطرف العنيف"، أشار الأمين العام إلى أن اللجنة التنفيذية للمنظمة عقدت اجتماعا طارئا يوم 15 فبراير الجاري، وتضمن البيان الختامي للاجتماع الاتفاق على بعض الخطوات والبرامج المحددة لتعزيز مساعي المنظمة الرامية إلى التصدي للتطرف العنيف؛ ومنها العمل على تفعيل المركز الدولي لمكافحة الإرهاب التابع للأمم المتحدة لتنسيق الجهود العالمية لمكافحة هذه الآفة؛ وتعمل المنظمة مع المديرية التنفيذية لمكافحة الإرهاب للأمم المتحدة لعقد اجتماعها الثاني حول "مكافحة التحريض على الإرهاب" بالتنسيق مع مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في فيينا بالنمسا.