متجاوزا تقديم التاريخ بصورة مجردة، وراصدا تاريخا اجتماعيا يضج بالحركة، قدم الروائى مصطفى البلكى روايته "طوق من مسد" والصادرة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة ضمن سلسلة إبداعات، متناولا فيها تاريخ جماعة من سكان الريف والمهمشين فى جنبات الكون لا يعلم عنهم احد . تقدم الرواية عالم المنبوذين المطرودين من ترف الحياة، والمقيمين فى العراء، المنفيين فى زوايا العالم، ربما كانوا ابناء الخطيئة، حيث الأكواخ المنطوية على حيوات متأججة بالرغبة، وأزقة تحرقها شمس قاسية وصهد لافحوامكنة يعيس فيها العسكر من المماليك فسادا ورعبا وتهويلا . وعن الرواية يقول الناقد عبد الحفيظ بخيت : تقدم "طوق من مسد" لمصطفى البلكى عالما روائيا انتفى فيه الأمان، فثمة دولة تقوم على دعامة اساسية فى جهاز البصاصين الذى يعد مفخرة السلطنة، وهذه الدولة تمثل جسما ضخما لكنه مترهل، ينخر فيه الفساد، وتسوده الرشوة، والمحسوبية والفقر المدقع، والثراء الفاحش، وتتجاوز فيه الضرائب الباهظة والمحاصيل المحتكرة من قبل افراد قلائل، كما تتجاوز فيه بيوت الخطأ وهو عالم مهترىء يغص بالمتناقضات المعقدة، والصراعات الضاربة، لكنه عالم مدجن مهزوم. ويضيف بخيت : على مستوى تشكيل النص، فإن النمو الدرامى للرواية اعتمد على الذاكرة التاريخية، وحضورها الدائم بين ثنايا النص والدفع بواعية المتلقى إلى المقارنة بين العصرين، حتى يضع يده على الثوابت بينهما، لكن هذا الدفع لن يقع إلا فى واعية متلق يعرف تحولات البنى المختلفة فى العصر المملوكى، حتى يستطيع ان يضع يده على ماوراء القناع التاريخى الذى اختفى حوله الاسقاط السياسى الرئيس فى الرواية. يذكر أن الكاتب مصطفى البلكى صدر له من قبل رواية "تل الفواخير" عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، ومجموعة قصصية بعنوان "الجمل هام للنبي" عن مركز الحضارة العربية، وصدر له ضمن روايات الهلال التاريخية ، روايتى "رمسيس البناء الأعظم" ، و"ساوتى" ، ورواية "بياع الملاح" عن مركز الحضارة العربية بالاشتراك مع جمعية أصدقاء أحمد بهاء الدين، ورواية "الإضراب الأول" وقد حصل الكاتب مصطفي البلكي على العديد من الجوائز منها: جائزة هيئة قصور الثقافة، ونادى القصة، وإحسان عبد القدوس.