أظهرت نتيجة التصويت في انتخابات العضوية غير الدائمة بمجلس الأمن والتي جرت اليوم الخميس حجم الخسارة التي تكبدتها الدبلوماسية التركية جراء السياسة والمواقف التي يتبناها الرئيس التركي رجب أردوغان. إن الهزيمة النكراء التي تلقتها تركيا في هذه الانتخابات وحصولها على ستين صوتاً فقط في مقابل حصول إسبانيا على 130 صوتاً، إنما تمثل رسالة واضحة لكل مواطن تركي بأنه قد آن الأوان للمراجعة، وأن هناك خطأ ما في السياسة الخارجية لابد من تقويمه، فالرئيس التركي الذي كان يتحدث إبان رئاسته للحكومة عن دولة بلا مشكلات ، أصبحت تركيا تفقد معه صديقاً تلو الآخر، بل وتفقد من رصيدها الدولي يوماً بعد يوم ، ومما لا شك فيه أن استمرار الدولة التركية في هذا النهج سوف يُكسبها مزيدًا من الأعداء حتى قد نصل إلى اليوم الذي قد تصبح فيه تركيا دولة بلا أصدقاء. فحينما تترشح دولة لعضوية مجلس الأمن لابد أن تكون دولة ذات تأثير إقليمي واضح ، تتمتع بعلاقات جيدة مع الدول في محيطها الإقليمي ، وذلك حتى تتمكن من حصد الأصوات التي تمكنها من الفوز بهذا المقعد والاضطلاع بهذا الدور الهام في حفظ السلم والأمن العالميين ، وبالنظر إلى مدى توافر هذه الشروط على تركيا يمكننا منذ الوهلة الأولى أن ندرك حجم التدهور الذي آلت إليه العلاقات التركية مع معظم جيرانها ، فحدث ولا حرج عن سوريا والعراق والإمارات وإيران وقبرص واليونان ومصر وغيرها ، وهو ما يرجع إلى موقف الرئيس التركي الذي نصب من نفسه وصيًا على المنطقة في محاولة لاستعادة أيام الخلافة العثمانية ، ولعل التدهور الشديد في العلاقات بين مصر وتركيا خلال العام المنصرم لهو خير دليل على ذلك. الجانب الأبرز في هذه الواقعة هو ما يتعلق بالدور التركي في الحفاظ على السلم والأمن على الصعيدين الإقليمي والدولي، ففي حين تواجه أنقرة اتهامات حول صلاتها الوثيقة بالتنظيمات الإرهابية ودعم الجماعات المتطرفة في دول المنطقة تسعى لنيل مقعد في مجلس الأمن المنوط أساسًا بالحفاظ على السلم والأمن الدوليين ومحاربة هذه الجماعات!.