ليس هناك أدنى شك لدى المطلع على بواطن الأمور، أن المستفيد الأكبر مما يحدث في العراق هي إيران التي لن يجد التحالف الدولي غيرها للتدخل البري بشكل أوسع هناك، وبما يتصل مع تواجدها الحالي في سوريا، بحيث يصبح لها تماس مباشر مع حدود الكويت والسعودية، وتمثل تهديدا دائما للدولتين، وتستنزف مواردهما، وفي ذات الوقت تعزز بهدوء انتصارها في اليمن، وتصبح المملكة بين فكي كماشة لا فكاك منها. والدليل على ذلك الاستعداد السيئ والتنفيذ الفوضوي في الحملة على داعش، فأمريكا وحلفاؤها الإقليميون بدأوا الغارات الجوية دون اكتمال عقد التحالف، وبداية بدون قوات برية قادرة على استثمار التفوق الجوي لا تعني شيئا في العلوم العسكرية؛ لدرجة ان داعش قام بتعديلات على مستوى الانتشار والتحركات تزامنا مع بدء الغارات على سوريا. بالتأكيد أن هناك خلافا حول استراتيجية العمل المشترك، فالاعلان عن المشاركة يتم بالتقسيط، حيث بدأ بفرنسا ثم بريطانيا وبلجيكا واستراليا الذين اكدوا مشاركتهم في ضربات في العراق وليس سوريا، كما ان امريكا بدات الغارات قبل الانتهاء من تشكيل حكومة العراق، وتحديدا قبل التوافق على وزراء الداخلية والدفاع في حكومة العبادي. العنوان العريض في التحالف هو داعش، ولكن اغلب الضحايا من المدنيين وبعض المقاتلين من فصائل أخرى، كما ان الادعاء بضرب مراكز القيادة غير حقيقي، فداعش تنظيم وليس جيشا نظاميا، والمراكز ليست الا مبان خاوية، ومصافي نفط داعش ليست الا طرمبات تنتج اقل من 500 برميل يوميا، وباقي النفط يصدر، قيل إن التحالف يتجاوز 40 دولة ولم يكتمل عقده حتى الان وعدد اعضائه لا يتجاوز اصابع اليد، والسبب يعود للخلاف هل نضرب العراق اولا ام سوريا ام الاثنين معا، وهناك قلق بالغ من تفكك هذا التحالف خاصة في ظل عدم وضوح الرؤية حول الوقت المطلوب لانهاء العمليات، فقد تصل الى عشر سنوات، كما ان الميزانية لم يتم حسابها وتصل كلفة اليوم الواحد الى 350 مليون دولار. هناك رفض شعبي في دول الخليج لمشاركة بلادهم في ضرب سوريا؛ خاصة مع انتشار علامات الانتهاك الاقتصادي وتباطؤ النمو وظهور عجز في الموازنة، وسيزداد الامر مع امتداد فترة الصراع التي ستؤدي حتما الى توحيد صفوف التنظيمات الارهابية في مواجهة التحالف، ومع موسم الحج وحساسية الاوضاع الداخلية لكل بلد، وفي ظل الدعوات ان داعش يواجه تحالفا صليبيا بما سيؤدي إلى انضمام الآلاف من طلاب الجامعات الى التنظيم رغبة في الجهاد، وهو ما يعني تعاظم قوة داعش على الارض، وارتفاع اعدادهم ليصل عددهم الى 50 الف مقاتل على اقل تقدير. في النهاية لا مفر أننا امام مخطط سينمائي يستهدف المنطقة، ويعمل لحساب شرطي جديد ايران، تضاف للشرطي القديم اسرائيل، بحيث لا تجد دولها منفذا للخروج من النفق المظلم ابدا، وتتفتت تباعا لصالح القوى الكبرى.