اقتناص الذرائع هو رياضة أمريكا المفضلة، فمن أجل احتلال أفغانستان عمدت إلى اختلاق الذريعة من خلال تدبير هجمات 11 سبتمبر 2001 على مركز التجارة العالمى والبنتاجون وألصقت الاتهام زورا وبهتانا بالقاعدة.وعشية الذكرى الثالثة عشرة لهذه الواقعة وجه «أوباما» خطابا الخميس الماضى توعد فيه بمحاربة «داعش» من خلال حشد تحالف عالمى يضم 40 دولة، وبالتزامن مع الذكرى عقد «كيرى» وزير الخارجية الأمريكى اجتماعا فى جدة مع عشر دول عربية تشارك فى التحالف المذكور وهى دول الخليج الست ومصر والعراق والأردن ولبنان. التحالف غامض فى أساسه والمهمة مشبوهة، فأمريكا عبره تستهدف المنطقة بحيث تبدأ بسوريا ليتبعها آخرون. ولهذا يتعين على مصر لو أنصفت أن تنأى بنفسها بعيدا عن هذا التحالف الضبابى والمشكوك فى أمره لاسيما وأن المهمة التى يضطلع بها مهمة مسمومة تتعارض مع القانون الدولى ومع قرار مجلس الأمن 2170، بوصفها تمثل خرقا لسيادة سوريا عندما تشن غارات على الأراضى السورية دون تنسيق معها. أى أنها تقوم بعدوان غاشم تفرض من خلاله قانون الغاب الذى يبيح لها فعل كل ما تريد بما فى ذلك اجتياح الدولة متعللة بذريعة تنظيم «داعش» بعد أن بات فزاعة تهدد دول المنطقة بالوقوع على الخط الزلزالى الداعشى الذى ثبت ركائزه بحد السكين والذى مافتئ يهدد بمحو حدود هذه الدول من أجل إعادة رسم خريطة جغرافية جديدة يتم خلالها تفتيتها وتجزئتها. واليوم تستغل أمريكا «داعش» لاستهداف سوريا وتوريط الجيوش العربية فى معارك ضد دولة شقيقة تحت دعوى محاربة الارهاب. ولهذا تعمدت أمريكا أن يجرى التحالف بمعزل عن سوريا وإيران وروسيا كى تنفرد بالأمر وتستخدم هجماتها الجوية لتدمير سوريا وجيشها، فأمريكا لاتريد القضاء على داعش وهو ماسبق لأوباما أن أكده عندما قال «إنه يريد احتواء تنظيم داعش ولايريد إنهاءه.».!! ولاغرابة، فداعش اليوم بمثابة كنز استراتيجى بالنسبة لأمريكا، فهى الذريعة التى تستخدمها لصيد الضحية القادمة بحيث يمكن لأمريكا استغلالها ضد أى دولة فى المنطقة من أجل تحصيل مكاسب سياسية وتحقيق أهدافها. وبالتالى فإن كل ماتحاوله إدارة أوباما الآن من خلال إعلانها عن استراتيجية مجابهة تنظيم «داعش» هو منع امتداده صوبها أو صوب الغرب وإسرائيل. أما انهاء التنظيم تماما فهو أمر غير وارد فى حساباتها. وتظل ساحة التحركات الأمريكية فى المنطقة مليئة بالارتباك والمتناقضات. إلا أنها تنبئ بإمكانية أن تتحول المجازفة التى تقودها إدارة أوباما اليوم إلى قنبلة موقوتة تنفجر فى وجوه كل من شارك فى هذه الحملة المشبوهة.