رغم نضج تجربته الشعرية لغة وبناء ومعنى ، إلا ان الشاعر احمد المريخى، أصر على أن ينعتها ب "حركات مراهقين"، ربما اعتقد الشاعر الذى قارب الأربعين أن للمراهقة مستويات، قابع هو فى واحد منها، غير أن الدخول لثنايا نصوصه يؤكد لك أن المريخى ، هذا الجنوبى مرهف الحس، حكاء أعظم، خاصمه السرد الروائى ليصالحه على دنيا الشعر وبحوره فاستطاع ان يتنقل بين شطآن ديوانه الذى ضم شيئا من سيرته الذاتيه، ثم جنح إلى الطبيعة هامسا للورد والشجر، وبينما الأفكار تتقاطع. "تذكر الأطفال والأحلام وغازلة الصوف، تذكر الضيوف، ورأى مصيره فى شبح راع فقد غنماته فى غفلة، فكان الهلع أقوى من الحيرة والحسرة والألم، وكان أروع من المصير». وجاء الجزء الثانى من ديوان أحمد المريخى "حركات مراهقين"، الصادر عن دار وعد للنشر، بعنوان «حكايا» مؤكدا روح السارد "الشاعر نفسه" عبر ومضات مكثفة متباينة القصر، معتمدا أكثره على تيمة المفارقة التى انحاز لها الشاعر كثيرا فى ديوانه الأول «ضد رغبتى»، وتتسرب خلاله حالة من الوجع ليست أقل قتامة وشفافية من القسم الأول، ورغم الإصرار على اكتمال «الحكيوة» ينشر الفراغ الموزع بين سطور كل منها، وعلى مستوى القصيدة الواحدة كذلك تفاصيل غير مرئية، يمكنها أن تزيح أو تضيف أو تستبدل تفاصيل الحكايات المسرودة، وربما تبقى على المصير: «وكان اليوم، غافلت النادل والرواد وكان وكان....» وعن الجزء الثالث من ديوان المرخى تقول الشاعرة والكاتبة عزة حسين : " يعود المريخى فى القسم الثالث من الديوان إلى ذاته التى أوهمنا أنه ركنها على جنب، وكانت احتلت فى الديوان السابق أغلبه، ليستكمل «حركات المراهقين» عبر حكيه عن ذات، تستكمل تدوين هزائمها، بصيغة ربما أكثر غموضا، وحدة ربما: • «فيا أبانا الذى أفنانا فى الأرض وفى السماوات وفى الملكوت وتعتقد بأنك سيد العارفين.. «طز» أنت خطأ العالم وما نحن بحالمين». • «وسكان مصر ينفضون سيرتى/ يبحثون فى سرعة مهولة عن رخامة لقبر فى مدافن/ ثم يجمعون فى ملل جنيهات نعيى فى جريدة/ الجريدة مائدة لا تنظرها زوجتى إلا فى ومضات الطعام/ تقطف فى خطفة ما بان من خبرى/ إن كان حلوا تنسمت/ وإن كان مرا تردنى لمآلى/ وتلقمنى لزبال من مصر». يختتم هذا الجزء قصيدة «عرض أخير» التى أهداها الشاعر لأعضاء حركة 6 أبريل، ورسمها اتكاء على تيمة السخرية المريرة، لذا لن يضحك إلا من ليس له علاقة بالعرض: «أنا الشرير أعذب الضابط المسكين أخرج السكين من أسفل ظهرى وأشهرها فى أنفه المزكوم لن أنسى أن أغلق الباب... ب«مدرعة» طبعا وعندما يصفعنى على خدى أدير له «مؤاخذتى» وأتركه يتعذب برائحة الشعب».