قارن الكاتب الأمريكي مايكل جيرسون بين تصريحي الرئيس باراك أوباما ووزير الخارجية جون كيري ردا على إعلان تنظيم الدولة الإسلامية ذبح الصحفي الأمريكي جيمس فولي، مشيرا إلى قول أوباما "أناس كهؤلاء ينتهون إلى الفشل" وقول كيري "يجب القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية وما يمثله من شر". وبينما وصف جيرسون -في مقال نشرته صحيفة (واشنطن بوست)- قول كيري بالوعيد، رأى أن قول أوباما لا يزال ينطلق من زاوية المتابع الفصيح للأحداث في العراقوسوريا.. المتابع الذي لا يرغب في المشاركة على الأرض معتقدا محدودية النفوذ الأمريكي بالمنطقة. ورجّح رغبة أوباما في الحفاظ على الغموض الاستراتيجي محورا للسياسة الأمريكية، فيما يبدو وكأنه متخوف من أن يُغري الوضوح والحزم كلا من الشركاء والحلفاء بالانتفاع المجاني على حساب أمريكا.. على هذا الأساس ينهض تكتيك "القيادة من الخلف". لكن تهديد تنظيم الدولة الإسلامية، والرغبة المعلنة في تكرار حادث الذبح المروع هذا على نطاق عالمي، قد نما وترعرع في تربة الغموض الأمريكي الخصبة.. ونوّه الكاتب عن أنه حينما استولى التنظيم على شرق سوريا لم تحرك أمريكا ساكنا، وعندما استولى على الفلوجة في يناير الماضي لم تفعل أمريكا شيئا ذا بال، وعندما استولى على الموصل في يونيو وصادر عُملة صعبة وأسلحة أمريكية وغيّر اسمه وأعلن قيام الخلافة حثت أمريكاالعراقيين على عمل إصلاح سياسي.. كان لابد أن يُشكل التنظيم خطرا عسكريا مباشرا على اربيل وبغداد ويهدد بإبادة جماعية للطائفة الإيزيدية حتى تبدأ أمريكا في شن ضربات جوية محدودة ضد التنظيم. ورأى صاحب المقال أن التاريخ الحديث يؤكد أنه ما لم تتولى أمريكا قيادة الحرب العالمية على الإرهاب، فإن هذه الحرب لن تبدأ.. وأكد جيرسون أن الأحداث تجُّر أوباما جَرّا إلى التدخل، إلا إنه لا يزال رافضا توسيع تصوره للدور الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط. ونوه الكاتب عن حرص أوباما دائما على مدار السنوات الثلاث الماضية على تفادي التدخل على الأرض بالمنطقة، عبر اختزال أهدافه قدر المستطاع: التخلص من كيماوي نظام الأسد، والدفاع عن الأمريكيين في اربيل، والحيلولة دون وقوع إبادة جماعية على جبل سنجار.. لكن اختزال الأهداف لا يختزل المشاكل، كما أن الإنكار والتأجيل قد يؤديان إلى مزيد من التعقيد في الأمور. ونبّه جيرسون إلى إغفال أوباما للجوانب الاستراتيجية والأيديولوجية لمشكلة الإرهاب، وقال إن الملاذات الآمنة تربة خصبة تنمو بها التهديدات.. ومن الحكمة التصدي للتهديدات بحزم وفي عُقر دارها بدلا من انتظار مجيئها. وأضاف الكاتب أنه إذا كان الهدف هو القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية على نحو استراتيجي وليس مجرد الرد على الإرهاب على نحو تقني - عندئذ يتعين حشد الحلفاء صوب مهام صعبة طويلة المدى، كما يتعين الكشف للأمريكيين عن حجم المخاطر والتأهب لها. واختتم جيرسون بالقول إن المشكلة الرئيسية في السياسية الخارجية الأمريكية في الوقت الراهن تكمن في التفاوت بين حجم المخاطر العالمية وبين ثقة الرئيس أوباما في نفسه.