اهتمت صحف الإمارات الصادرة صباح في مقالاتها الافتتاحية بوضع الأمة العربية والتحديات التي تواجهها المنطقة خلال هذه المرحلة الحرجة إضافة إلى خطورة تنظيم "داعش" على أمن واستقرار ومستقبل المنطقة، كما انتقدت الصحف الإماراتية والقطرية التجاهل والصمت الدوليين إزاء الاعتداءات الإسرائيلية الغاشمة على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، محذرة في الوقت نفسه من جريمة جديدة سترتكب بحق الفلسطينيين تضاف إلى جرائم الاحتلال المستمرة . وتساءلت صحيفة "الخليج" هل بلغت الأمة العربية سن اليأس وفقدت قوتها ومناعتها ووصلت إلى مرحلة من الضعف والهشاشة بحيث بات من السهل اختراق مكوناتها وسياداتها والعبث بوجودها وتغيير تاريخها وجغرافيتها ودينها؟". وقالت "هل وصلت الأمة العربية إلى هذه المرحلة بحيث أصبح لا يرجى أمل في قيامها مجددا واسترجاع ما ضاع أو يضيع؟" .. مؤكدة أن ما يجري من اجتياح ظلامي وتمدد لقوى وأفكار جاءت من جهل عميق ما هو إلا حالة يتعارض وجودها مع منطق التاريخ وحركته والجغرافيا والدين والحضارة ولا يمكن أن تسود أو تتمكن لأنها تمثل النقيض لوجه أمتنا وتاريخها وأيضا لروح الدين الإسلامي وجوهره كدين جامع ومتسامح يدعو للمحبة والحوار والرحمة واحترام الإنسان كقيمة إنسانية عليا بمعزل عن دينه ومذهبه وفكره ورأيه . وبينت الصحيفة أن ما نراه هو حالة عابرة وإن كانت قاسية ومنفرة لأنها صنيعة دوائر معروفة المقاصد والأهداف ولا بد أن تنتهي صلاحيتها طال الوقت أم قصر، لافتة إلى أن التكلفة ستكون باهظة بمزيد من دماء الأبرياء والخراب والمآسي..والمزيد من مظاهر الإرهاب والهمجية. من ناحية أخرى ذكرت صحيفة "الوطن" أن المنطقة العربية تمر بمرحلة شديدة الحساسية والخطورة في سياق المتغيرات الإقليمية الجارية منذ أكثر من ثلاث سنوات عرفت إعلاميا ب " الربيع العربي" الذي انتهى إلى حالة فوضى عارمة وقلق وتوترات حادة واحتقانات ملتهبة أدت إلى تغييرات غير متجانسة في المنطقة "اليمن ومصر وليبيا وتونس وسوريا والعراق". وأشارت إلى أن المرحلة انقسمت إلى عدة مراحل بدأت بما جرى في تونس ثم مصر ثم انتشرت الظاهرة لمعظم الدول التي كانت تتبع النظام الجمهوري الرئاسي ثم جاءت مرحلة الفرز وهي مرحلة شكلت اختبارا للدول " الربيعية " من حيث القدرة على التحول السلمي والاستقرار السياسي .. فتفاوتت الدرجات وتباينت التجارب ولكن الرابط بين كل تلك التجارب أن الشعوب ما زالت تبحث عن هوية ومشروع للمستقبل، لافتة إلى أن مصر استطاعت أن تضع رؤية للمستقبل من خلال خريطة اتفقت عليها معظم القوى الليبرالية واليسارية وأيضا بعض حركات الإسلام السياسي والسلفي التي توصف بالمعتدلة أو بالأدق أنها رافضة لأسلوب العنف المسلح في الصراع السياسي، منوهة بأن حالة مصر مختلفة لعدة أسباب منها أنها تملك جيشا متماسكا لم يحدث أن تعرض إلى التجريف والتحريف والتجويف مثل ما حدث في العراق وسوريا وليبيا. وأضافت أن العراق كان أكثر الدول عرضة للانهيار لانعدام مؤسسة عسكرية متماسكة ومنضبطة في وقت اشتعلت فيه المنافسة بين الطوائف مما أدى إلى صراع عنيف كان سببا في تمكن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" من تحقيق انتصارات عسكرية كشفت عن قوى لم تكن في الحسبان وسارع التنظيم بإعلان "الخلافة الإسلامية" بعد أن زحف على عدد كبير من المدن المهمة في العراق وسوريا . ونبهت في ختام افتتاحيتها إلى أن هذا التطور طرح أسئلة واستفهامات كثيرة ومثيرة حول مستقبل هذه " الخلافة " التي جاءت فجأة صادمة للتفكير السائد في العراق وسوريا والمنطقة كلها..فالدولة التي من شأنها أن تنشأ في ظل الخلافة لن يكون لها حدود ثابتة مع التفكير في الغزو والفتح والزحف وهو ما يهدد كل دول المنطقة دون استثناء. ومن جانبها، حذرت صحيفة "البيان" الإماراتية من خطورة الوضع في الأراضي الفلسطينية لا سيما قطاع غزة ..مشيرة إلى تسعة شهداء سقطوا الليلة قبل الماضية و فجر أمس في سلسلة غارات إسرائيلية على قطاع غزة.. كان هدفها الأساسي إلى جانب ترويع أهالي القطاع تنفيذ مجزرة بحق المقاومين هناك ونقل رسالة واضحة للفلسطينيين في القطاع المحاصر: إياكم والانضمام لهبة أبناء وطنكم في القدس والضفة وأراضي 48. وأكدت أنه عدوان واسع حصيلة شهدائه كبيرة مقارنة بعمليات عسكرية سابقة تدق ناقوس خطر لما يتعرض له الفلسطينيون لاسيما في غزة التي تلملم جراح هجمات إسرائيلية سابقة وتقبع تحت ضغوط الاحتلال وحصاره الخانق لها وتعيش ظروفا أكثر من قاسية تحت وطأة الجيش الإسرائيلي الذي خرج منها مرغما ويعود إليها ليقتل ويدمر متى شاء . وأضافت أن الاحتلال في القدسالمحتلة والضفة لم يوفر الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز لقمع المتظاهرين الذين خرجوا للتنديد بجريمة بشعة ارتكبت بحق طفل مقدسي على مرأى ومسمع المجتمع الدولي مخلفا عشرات الجرحى في صفوفهم وعشرات المعتقلين في سجونه المكتظة بالأسرى الفلسطينيين، فيما اعتقل أكثر من 110 آخرين في الأراضي المحتلة عام 1948 نصفهم أطفال وقاصرون ما يعكس نية الاحتلال المبيتة للتصعيد في الأراضي الفلسطينية بمختلف أرجائها بذريعة مقتل المستوطنين الثلاثة وليس كرد فعل على ذلك . وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو الذي تبجح برسالة تعزية إلى عائلة الشهيد محمد أبو خضير وادعى أنه سيأمر باتخاذ الإجراءات القضائية ضد قتلته عاد ليهاجم القيادة الفلسطينية محملا إياها مسؤولية ما يجري ولم يفوت فرصة ذلك لحشد قواته في مختلف مناطق الأراضي المحتلة وإعطائها أوامر لقتل واعتقال الفلسطينيين والتنكيل بهم مع إطلاق العنان لهمجية المستوطنين واعتداءاتهم الوحشية على أبناء الشعب الفلسطيني في وطنه وعلى أرضه . ولخصت "البيان" إلى أن الحال التي يعانيها الفلسطينيون في أرضهم المحتلة من قتل بدم بارد وتنكيل واعتقالات وغارات وقصف ورصاص حي ومطاطي ما هو إلا تبجح في مخاطبة المجتمع الدولي وتحميل الضحية ذنب تمسكها بأرضها "..مؤكدة أنها أساليب إسرائيل لطردهم وتهجيرهم منها لتهويدها وتغييب معالمها العربية والإسلامية. وبدورها، حذرت صحيفة "الراية" القطرية من جريمة جديدة تضاف إلى سجل إسرائيل الإجرامي في فلسطين، مشيرة إلى أنه بعد الغارات الدامية على قطاع غزة والتي تسببت حتى الآن في استشهاد 8 فلسطينيين- وهذا العدد مرشح للازدياد - كما ألحقت دمارا كبيرا في البنية التحتية، إذا ما عرفنا أن مجلس الحرب والعدوان في إسرائيل قرر التوسع في العمليات ضد القطاع المنكوب والمحاصر، فإسرائيل في كل مرة تختار التصعيد وقتما تشاء دون مقدمات أو حتى مسوغات لعدوانها. وأكدت أن العدوان الإسرائيلي الحالي جاء لاسترضاء الطبقة السياسية الحاكمة في إسرائيل، موضحة أن مبرر رئيس الوزراء لعدوانه هو لإرضاء وزير الخارجية وزعيم حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان الذي أعلن انسحابه من الحكومة لأن حجم الرد الإسرائيلي على غزة - حسب زعمه - لم يكن مناسبا، لذلك هرع مجلس الحرب إلى قرع طبول العدوان لإنقاذ حكومته من الانهيار . وقالت في هذا الصدد ليس السبب حادثة مقتل المستوطنين الثلاثة في الخليل، فما يقوم به الفلسطينيون دائما هو رد فعل مقاوم لجرائم إسرائيل فهل الدماء الإسرائيلية أطهر من دماء الفلسطينيين، وهل لقيت جريمة مقتل الفتى الفلسطيني محمد أبو خضير الذي أحرق حيا إدانة دولية وإسرائيلية مناسبة لحجم الجريمة ؟، فإسرائيل كانت تتربص بالمصالحة الفلسطينية من أجل إفشالها لأنها في حال نجاحها ستواجه شعبا فلسطينيا موحدا يرفض التنازل عن الثوابت والحقوق التاريخية للفلسطينيين. وأكدت صحيفة "الوطن" القطرية أن إسرائيل، لن تتغير.. ستظل كيانا متوحشا.. غير معنية بالسلام، تجنح باستمرار للعنف، ولا تتعلم- إطلاقا- أن العنف، لا يمكن أن يحقق أمنا، ولا استقرارا..لافتة إلى أن ما يحدث من إسرائيل - حاليا - على غزة، ما هو إلا استمرار لسياسة العنف والوحشية. وعبرت عن دهشتها الشديدة من الصمت العالمي إزاء ما يحدث من غارت همجية إسرائيلية، وتساءلت قائلة هل هذا العالم- خاصة العالم الحر- لم تبق فيه ذرة واحدة تتحرك في ضميره، ليدين فظائع إسرائيل ووحشيتها؟ السؤال يفرضه هذا الصمت العالمي إزاء ما يحدث، من غارات إسرائيلية همجية، على أطفال ونساء وشيوخ غزة، وعلى بنية هذا الجزء العزيز من أرض فلسطين العزيزة. ورأت أن صمت العالم- تاريخيا- هو الذي يحرض إسرائيل باستمرار على ارتكاب المزيد من الفظائع، والمزيد من إرهاب الدولة.. يضاف عليه خذلان ذوي القربى، وتساءلت متى يا ترى سيقف العرب وقفة أنصر أخاك مظلوما ، والشعب الفلسطيني كله، من ظلم إسرائيلي إلى ظلم.. ومن عدوان إلى عدوان.. ومن وحشية إلى وحشية. ومن جانبها قالت صحيفة "الشرق" القطرية إن الوضع في غزة بات واضح المعالم، فالتصعيد أصبح سيد الموقف، والعدوان الإسرائيلي مستمر في انتظار ساعة الصفر لتنفيذ المخطط الجهنمي الغاشم، فبالأمس شنت المقاتلات الإسرائيلية أكثر من ثلاثين غارة على جنوب قطاع غزة، بالتزامن مع اجتماع دعا إليه نتنياهو رئيس الوزراء للحكومة الأمنية المصغرة تم خلاله إعطاء الضوء الأخضر للجيش للبدء في المرحلة الحاسمة من عدوانه، وبث التلفزيون الإسرائيلي مشاهد لعشرات الدبابات المنتشرة على الحدود مع غزة والمستعدة للتدخل، كما استدعى الاحتلال مئات من جنود الاحتياط. وأكدت الصحيفة أنه في ضوء المعطيات الحالية، وسيناريو العدوان المحكم بوضوح، فإن المسؤولية اليوم مسؤولية مشتركة تتقاسمها المجموعة العربية والإسلامية ممثلة في الجامعة العربية والتعاون الإسلامي من جهة، والمجتمع الدولي ممثلا في مجلس الأمن من جهة أخرى، مطالبة بالتحرك بشكل مباشر وفوري لوقف هذا العدوان قبل فوات الأوان، وعدم الارتهان لبيانات الشجب والتنديد التي لا تقدم ولا تؤخر من وجهة نظر الاحتلال الإسرائيلي الغاشم والمتعنت، مشددة على ضرورة أن يكون الاجتماع الاستثنائي للجنة التنفيذية في منظمة التعاون الإسلامي بعد غد /الخميس/ اجتماعاً على مستوى التحدي والمخاطر المحدقة. وعبرت "الشرق" في الختام عن يقينها بأن إسرائيل ستقدم على جريمة كبرى، وقالت المقاومة في غزة تعلم ذلك، وقد بدأت تنشيط دفاعاتها من الآن، حيث أطلقت حركة حماس مساء أمس عشرات الصواريخ على جنوب إسرائيل، لكن القوة ليست متكافئة، ومستوى العدوان لن يكون هينا، فإسرائيل الآن تضرب على أكثر من جبهة، فهي تضرب المصالحة الفلسطينية، وتضرب حكومة المصالحة، وتضرب لتدمير جهود العملية السلمية والتهدئة في غزة لتكريس الاحتلال وضرب السلطة الفلسطينية. فهل يعي العالم هذا الدرس ويتحرك قبل فوات الأوان، مرة أخرى؟.