تصادف اليوم الذكرى ال 99 لوعد بلفور، حيث صدر هذا الوعد المشؤوم من قبل آرثر جيمس بلفور وزير الخارجية البريطاني، وينطبق على هذا الوعد العبارة الشهيرة "أعطى مَن لا يملك من لا يستحق"، وبموجب هذا الوعد حلَّ المستعمر البريطاني أزمة الصهاينة على حساب الشعب الفلسطيني، فبجرة قلم أرسل جيمس بلفور رسالة بتاريخ 2 نوفمبر 1917 إلى اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد يشير فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وجاء في الرسالة "إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلي إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين وسوف تبذل ما في وسعها لتيسير تحقيق هذا الهدف". أمريكا ووعد بلفور الأسباب التي يوردها بعض المؤرخين الصهاينة لتفسير إصدار بريطانيا لوعد بلفور، متعددة فمنهم من يقول إن بلفور قد صدر نتيجة احساس عميق بالشفقة تجاه اليهود بسبب ما عانوه من اضطهاد وبأن الوقت قد حان لأن تقوم الحضارة المسيحية بعمل شيء لليهود، ولذلك، فإنه كان يرى أن إنشاء دولة صهيونية هو أحد أعمال التعويض التاريخية. ولكن يذهب آخرون إلى أن وعد بلفور يحوي على قطبة مخفية بين بريطانياوالولاياتالمتحدة، حيث يذهب البعض إلى أن بريطانيا عندما أعطت وعد بلفور كان ذلك بمثابة مراضاة لليهود الصهاينة في جميع أنحاء العالم، بما فيهم يهود أمريكا الذين كان بوسعهم أن يضغطوا على رجال مجلسي النواب والشيوخ الأمريكي للسماح للرئيس ودروو ويلسون بدخول الحرب العالمية الأولى، وهكذا كان، فنتيجة للضغط اليهودي الصهيوني في أمريكا، تأسّس مجلس الحرب الأعلى بتاريخ 7 (نوفمبر) عام 1917، أي بعد خمسة أيام فقط من إقرار مجلس الوزراء البريطاني بلاغ بلفور، وبذلك تكون أمريكا قد دخلت الحرب فعليا إلى جانب الحلفاء بدلا من روسيا القيصرية التي خرجت منها علي يد الثورة البلشفية، وهو الأمر الذي وفر على بريطانيا الجهد العسكري فواشنطن قامت به نيابة عنها. الولاياتالمتحدة واستمرار دعم بلفور سياسات الولاياتالمتحدة تجاه فلسطينالمحتلة لم تختلف عن البريطانية، فواشنطن غضت الطرف عن انتهاكات الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني، كما أن الرئيس الأمريكي الحالي، باراك أوباما، قدم لإسرائيل أكبر صفقة مساعدات عسكرية في تاريخ العلاقات بين واشنطن وتل أبيب، فخلال السنوات العشر المقبلة ستقدم أمريكا حزمة مساعدات عسكرية لتل أبيب بقيمة 38 مليار دولار. وإذا كان وعد بلفور مهّد لإنشاء وطن للكيانات الصهيونية، فالخطوات الأمريكية اللاحقة كرست هذا الوعد، فعلى الرغم من الأنباء التي تتناقلها وسائل الإعلام الأمريكية واليهودية بأن البيت الأبيض يتهم إسرائيل بعدم الوفاء بوعودها بشأن بناء المستوطنات، إلا أنه على أرض الواقع لا توجد ترجمة فعلية لانتقادات واشنطن بشأن إدانتها الاستيطان الإسرائيلي، وهو الأمر الذي لا يختلف عن موقف أوباما في ديسمبر 2012، عندما انتقدت الولاياتالمتحدة قرار إسرائيل بناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة في القدسالمحتلة، لكنها في الوقت نفسه أعلنت رفض إدانتها في مجلس الأمن الدولي. ومع الأخذ بالاعتبار الانتخابات الأمريكية المقررة في 8 نوفمبر الجاري، نجد أن وعد بلفور "الأمريكي" ببناء المستوطنات سيظل قائمًا، حتى في ظل تولي أي المرشحين عن الحزبين الجمهوري والديمقراطي، فديفيد فريدمان مستشار دونالد ترامب المرشح الجمهوري للرئاسة، قال في أكتوبر الماضي، "إن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربيةالمحتلة شرعية"، مشيرا إلى أن هذا موقف يشاركه به المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية. وقال «فريدمان»، إن ترامب يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ويعتزم نقل سفارة الولاياتالمتحدة، التي تتخذ حاليا من تل أبيب مقرا لها. وبالنسبة للمرشحة الديمقراطية، هيلاري كلينتون، فقد رفض مؤيدوها من الحزب الديمقراطي اقتراح يدعو لوضع حد لبناء المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية على الأراضي الفلسطينية، حيث رأى مؤيدي وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة والمرشحة للرئاسة، خلال مؤتمر للحزب عقد في يوليو الماضي، أن اللغة الحالية لمبادئ الحزب الديمقراطي التي تتعلق بالدعوة للتفاوض حول حل الدولتين لمنح الفلسطينيين دولة مستقلة، كافية وأن المطالبة بأكثر من ذلك من شأنه أن يثير التوترات ويقوض القدرة الدبلوماسية للولايات المتحدة على قيادة مزيد من المفاوضات.